أججت مراسلة بعثتها وزارة الفلاحة والصيد البحري ، الأسبوع الماضي، إلى المديرة العامة للمكتب الوطني للصيد، تطالب فيها بإقتطاع واجبات التغطية الاجتماعية والصحية لفائدة أزيد من 8 آلاف بحار في الصيد التقليدي وذوي الحقوق بالداخلة مجهزي ومهنيي الصيد التقليدي بجهة الداخلة واد الذهب.
ووصف عدد من مهنيي الصيد التقليدي في اتصال بالبحرنيوز أمس الإثنين، الخطوة التي أقدمت عليها الإدارة الوصية ب “الإستفزازاية” و”الغير محسوبة العواقب” إذ من شأنها ان تخلط الأوراق، وتتسبب في فوضى بقطاع هش يحتاج لإلتفاتة مبنية على التواصل والتفاهم بعيدا عن سياسة لي الدراع وإستغباء الآخر .
وسجلت دات المصادر التي رفضت الكشف عن إسمها، بأن مهنيي الصيد التقليدي بالداخلة كانوا أول من طالبو بتحقيق التغطية الصحية والإجتماعية، لكن ليس بالطريقة التي سلكها المشروع حيت الإقتطاعات لا تتماشى وخصوصية القطاع، خصوصا أن بحارة الصيد التقليدي ومجهزي القوارب تضيف المصادر المهنية، هم شركاء في الإنتاج بمعنى غياب مفهوم الأجراء، حتى أن ما يتقاضاه بحارة الصيد التقليدي تقول المصادر، يعتبر الأفضل بين بحارة الأساطيل الثلاث. وهو ما جعل كثيرا منهم يرفض مبدأ العمل وفق نظام العقدة .
إلى ذلك أكد مولاي حسن الطالبي ممثل الصيد التقليدي بالغرفة الأطلسية الجنوبية، أن الخطوة التي أقدمت عليها إدارة الصيد هي بعيدة عن منطق الحوار، وتضرب في العمق المشاورات التي كانت قد إنطلقت في وقت سابق مع الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، حيت أنتصر المهنيون للرغبة الأكيدة في الإنخراط في هذه الخدمة الإجتماعية، لكن ليس بالطريقة المقترحة .
وأوضح المصدر ان المشروع يحمل أخطاء، يجب تصحيحها قبل الشروع في فرض عملية توسيع التغطية على الجميع، و هي النقطة التي ضلت محط طلب للإدارة الوصية من أجل النقاش المعمق، مؤكدا ان المهنيين تقدموا بعدد من المقترحات لممثلي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إبان لقاء إنعقد مؤخرا ، غير أن الكرة بقيت في ملعب الإدارة دون ان تكلف نفسها توضيح التطورات التي عرفها الملف.
وإستغرب المصدر للطريقة التي تم عبرها تسريب الوثيقة الإدارية التي كان من المفروض أن تمر عبر مؤسسة الغرفة، وكدا ممثلي مهنيي الصيد التقليدي، في حين تم تسريب الوثيقة من طرف فاعلين في قطاع الصيد في أعالي البحار، وهي الرسالة المستفزة، لأن الغاية يقول المصدر هي لي دراع المهنيين وفرض امر الواقع، وهو أمر لا يستقيم ، لأن الإقتطاعات تتطلب موافقة مهني الصيد قبل الإقدام على الخطوة. وأي تصرف مغاير سيعتبر شططا في إستعمال السلطة.
وأشار الطالبي معقبا على الأرقام المعلنة من طرف إدارة الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي مؤخرا ، التي تؤكد إنخراط مهني الصيد بالمغرب ما عدى المتواجدين بالداخلة، أن الأرقام المقدمة لا تستقيم مع العدد الإجمالي لمهني الصيد التقليدي، حيت تؤكد إدارة الصندوق إنخراط 19868 شخص، في حين أن عدد قوارب الصيد التي تنشط بالمغرب تفوق 17000 قارب . فإدا سلمنا يوضح المصدر المهني، ان كل قارب يشغل 3 بحارة على الأقل، فإن عدد البحارة بموانئ ونقط التفريغ المنتشرة بالمملكة ، يفوق 51000 بحار ودوي الحقوق . الأمر الذي يؤكد ان اكثر من النصف لم ينخرط في خدمات الصندوق وليست 8000 بحار كما تقول أرقام الصندوق. ليختم عضو الغرفة الأطلسية الجنوبية مداخلته بكون العملية تفتقد لسند قانوني حيت ان قانون 73 يتحدت عن التغطية الأجتماعية لمراكب الصيد دون ان يدكر قوارب الصيد التقليدي.
هذا وشكل موضوع الضمان الإجتماعي أحد الملفات الشائكة بجهة الداخلة واد الذهب في المواسم الأخيرة، بإعتبارها المنطقة الوحيدة التي لم يشملها نظام التغطية الإجتماعية لمهنيي الصيد التقليدي، رغم اللقاءات التي جمعت الفاعلين المهنيين بالإدارة الوصية حيت يتشبث الفاعلون القطاعيون بتخفيض نسب الإقتطاعات سيما في ظل المردودية التي يبصم عليها القطاع بالجهة.
وعبر عدد من مهنيي قطاع الصيد التقليدي في لقاء جمعهم بمندوب إدارة الصيد أمس على خلفية التطورات الآخيرة التي عرفها الملف عن إنزعاجهم من الخطورة المفاجئة للإدارة، مؤكدين رغبتهم في التفاعل الجاد مع مطلبهم الرامي إلى تقليص نسب الإقتطاع لأنها ليست قرآنا منزلا ولكن هي إجتهادات بشرية يمكن مراجعتها ، مسجلين ان هذا النقاش يجب أن ترعاه الإدارة الوصية في حوار المهنيين مع إدارة الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي قبل انإصدار الأمر بالإقتطاعات .
وفي سياق متصل كانت فعاليات جمعوية بالمنطقة تطالب في وقفات إحتجاجية وكدا في رسائل إستنكارية، بتمتيع البحار بالتغطية الصحية والإجتماعية رافعة شعارات منددة بمجهزي القوارب، واصفة إياهم باللوبيات التي تعترض طريق الإصلاح، وتمتص دماء البحارة في السوق السوداء التي تلتهم ملايين الدراهم تضيع بإستمرار على خزينة الدولة .
وأعتبرت دات الهيئات التي دشنت الموسم الشتوي الجاري بوقفة إحتجاجية أمام مندوبية الصيد البحري بالداخلة، حضرتها زهاء 100 شخص بين بحارة وحملة للقوارب مسنودين بهيئات حقوقية وجمعوية، أن صمت الإدارة عن الحالة الشادة التي تشهدها الداخلة هو تشجيع للسوق السوداء وكدا إستمرار فوضى العبث بحقوق البحارة.
يذكر أن وثيقة صادرة عن مديرية الضمان الإجتماعي تتوفر البحرنيوز على نسخة منها، أكدت تأمين التغطية الصحية والإجتماعية ل 19868 بحارا تقليديا سنة 2015 ، مسجلة إستفادة 14473 بحارا من 40 مليون و9900 درهم في دات السنة، كتعويضات عائلية وتغطية صحية إجبارية وتعويضات يومية عن المرض.
وأشارت دات الوثيقة إلى الإشكالية القائمة بميناء الداخلة والمتمثلة في عدم قيام المكتب الوطني للصيد بإقتطاع الإشتراكات الخاصة بالتغطية الإجتماعية والصحية لفئة بحارة الصيد التقليدي، مما يحرم قرابة 8000 بحار ودوي الحقوق من الإستفادة من تعويضات الضمان الإجتماعي والتغطية الصحية الإجبارية. وهي الإشكالية التي يعتبرها المهنيون إكراهات تستوجب من الوزارة عقد لقاءات تشاورية وتواصلية لإيجاد حل لها.