إختتمت لجنة خاصة من الإتحاد الأوربي ، أمس الخميس زيارة عمل إلى مدينة الداخلة تهدف إلى تقييم مشاريع قطاع الصيد البحري بالمنطقة. وفي هذا الصدد، أجرى الوفد، وعلى مدى ثلاثة أيام سلسلة من اللقاءات والزيارات لمجموعة من المشاريع والبنيات التحتية المتعلقة بالقطاع على المستوى المحلي .
وأفادت مصادر خاصة في إتصال مع البحرنيوز، أن الزيارة خلفت صدى طيبا في أوساط الوفد الأوربي بخصوص مجهود الإستثمار سواء من طرف الدولة أو القطاع الخاص بالمنطقة، كما أن الوفد عبر عن إعجابه بأهمية المشاريع المنجزة، والتي تفوق بكثير التوقعات المرسومة، حتى أن مصادر نقلت عن بعض عناصر الوفد إنبهارهم بالزيارات الميدانية، التي أكدت أن المغرب قطع اشواطا مهمة على مستوى البنيات التحتية المرتبطة بقطاع الصيد البحري بالداخلة، وأصبحت لذيه تجربة مهمة يمكن الإعتماد عليها كأرضية في علاقة الإتحاد مع شركاء آخرين، سواء على مستوى القارة الإفريقية أو بمناطق أخرى من العالم.
وإنطلقت زيارة الوفد إلى الداخلة بعرض تم تقديمه من طرف مندوبية الصيد البحري، حول قطاع الصيد البحري بجهة الداخلة وادي الذهب، وأهميته في النسيج الإقتصادي المحلي، وفق أرقام إحصائية مدققة، قبل أن يشرع في سلسلة من الزيارات الميدانية قادته إلى ميناء المدينة حيث إطلع على سوق السمك للبيع الأول الذي يندرج في إطار تنزيل استراتيجية “أليوتيس” لتنظيم قطاع الصيد الساحلي والتقليدي، وهو منشأة كلف إنجازها غلاف مالي قدره 26 مليون درهم، وذلك من أجل ضمان جودة منتجات الصيد التي تمر عبر السوق، وتثمين منتجات الصيد بشكل أفضل، وتحسين دخل الصيادين وأصحاب السفن، مع رفع عائدات الجماعة المحلية، بالإضافة إلى المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمدينة.
كما قام الوفد بجولة بالمنطقة المخصصة لسفن الصيد بالمياه المبردة، وهناك تم الإطلاع على تجهيزات نظام وزن منتوجات السفن، والتي تم وضعها في إطار مخطط تسيير مفرغات الأسماك السطحية الصغيرة بجنوب المحيط الأطلسي. ويهدف هذا النظام الذي يرقمن عملية وزن منتوجات سفن الصيد بالمياه المبردة، إلى تحديد ووضع نظام يمكن سلطات المراقبة من تقدير وزن مصائد الأسماك بشكل صحيح، كما يهدف إلى إعادة تنظيم المنطقة المخصصة لتفريغ المنتوجات وضمان سيولة عمليات التفريغ والتحكم في مصائد الأسماك.
وزار الوفد بالمنطقة الصناعية إحدى وحدات تصبير السمك الصناعي، التي يتم توجيه إنتاجها نحو السوق المحلية، والتصدير إلى أوروبا وإفريقيا وآسيا والولايات المتحدة وروسيا. وهي واحدة من الوحدات التي تعمل في المعالجة وتصنيع مفرغات الصيد على المستوى المحلي، كما تساهم في تنشيط المجال الإقتصادي، وتمتص جانبا مهما من البطالة بالنظر لحجم فرص الشغل التي يوفرها هذا القطاع الحيوي المرتبط بمعالجة وتصبير المنتوجات البحرية .
وفي منطقة بوطلحة، قام الوفد بزيارة مشروع مندمج يتكون من حظيرة ومشتل المحار الأوروبي. كما قادت الزيارة إلى إحدى الأوراش المفتوحة من طرف المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري ، حيث الرهان كبير على جعل منطقة الداخلة فضاء لتفريخ الأسماك ، بعد أن كان في وقت سابق الإقتصار على الصدفيات، إذ يتطلع المعهد لجعل الداخلة منصة حقيقية للتفريخ، من خلال البنيات التحتية المتخصصة في أبحاث الاستزراع المائي، التي تم تعزيزها بمفرخ مختلط لإنتاج يرقات الأسماك وبذور استزراع المحار في منطقة مدينة الداخلة، كواحد من المشاريع الضخمة التي تعتبر آلية أساسية لدعم تطوير الاستزراع السمكي المائي بالمملكة، وكذا حماية المصايد المحلية عبر خلق بدائل حقيقية لتزويد الأسواق بالمنتوجات البحرية .
وإطلع الوفد الأوربي ايضا على المشاريع الجديدة التي تم إطلاقها لفائدة شباب المنطقة في تربية الأحياء المائية، حيث يتعلق الأمر بأزيد من 500 شاب من أبناء الجهة، تم إنتقاؤهم في إطار طلبات إهتمام، وتجميعهم في 100 مشروع، بعد أن تم تأهيلهم وتكوينهم بمركز التكوين البحري بالمدينة، حيث تم الإطلاع بالمنطقة من طرف الوفد الأوربي على معدات هذه المشاريع بما فيها المنشآت العائمة، التي تم إنجازها ضمن هذا البرنامج الطموح للتنقل داخل المزارع البحرية، وكذا أفاق المواكبة لهؤلاء المستثمرين الجدد من الشباب.
ولأن الداخلة تتوافر على إحدى التحف العمرانية المتمثلة في مقر غرفة الصيد البحري الأطلسية الجنوبية، فقد تم بهذا المقر الإطلاع على أحد البرامج الضخمة التي تنفذها غرفة الصيد البحري الأطلسية الجنوبية بشراكة مع وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، والمتعلق بتزويد قوارب الصيد التقليدي، المشتغلة بالمنطقة، بجهاز لتعزيز السلامة عند الإبحار، خصوصا في حالة الحوادث والمواقف الصعبة، وهو جهاز إرسال إشارات الاستغاثة “ RADIO BALISE“، بعد تفويض 34 مليون درهم لهذه الغرفة، من أجل تجهيز أكثر من 6000 قارب صيد تقليدي بنفوذ الغرفة الجنوبية، بهذه الأنظمة التي تضمن تتبع قوارب الصيد، ومواكبة المهنيين، على مستوى السلامة نظرا لخصوصية القطاع المتسم بالمخاطر. وهو مشروع ينذرج في برنامج وطني لتعميم هذا الجهاز على الصيد التقليدي رصدت له الوزارة الوصية غلافا ماليا قدره 96 مليون درهم.
ووفق شهادات متطابقة فإن الوفد الأوربي، عبر عن إعجابه بالدينامية التي تعرفها المشاريع البنيوية والمهيكلة في قطاع الصيد بجهة الداخلة وادي الذهب، والتي تفوق حدد المتوقع، وهو ما ينسجم مع المقولة الشهيرة لجلالة الملك محمد السادس في أحد خطاباته الموجهة لشعبه الوفي، بأن المغرب ينفق سبعة دراهم مقابل كل درهم يحصل عليه من الصحراء.