تمت صباح اليوم الثلاثاء 20 ماي 2025 بميناء آسفي عملية صعود خافرة “الحوز” إلى الحوض الجاف بواسطة رافعة عملاقة تركية الصنع، استعدادًا لإجراء عمليات الفحص والصيانة الدورية، التي تضمن سلامة واستمرارية عمل هذه الوحدة البحرية الحيوية.
وتأتي هذه العملية في إطار البرنامج السنوي لصيانة الوحدات البحرية التابعة للدولة، حيث يخضع جسم الخافرة ومكوناتها التقنية لفحص دقيق يشمل الهيكل الخارجي، المحركات، أجهزة الملاحة، ونظام الاتصالات، لضمان استجابتها السريعة والفعالة في حالات الإنقاذ. وقد أشرف طاقم تقني متخصص على عملية الرفع، باستخدام رافعة ذات قدرة 350 طن، فيما تشكل صيانة هذه الخافرة إشارة واضحة إلى الاهتمام الذي توليه السلطات المختصة بسلامة البحارة والمستخدمين في القطاع البحري، خاصة في مدينة آسفي التي تُعدّ من أهم الموانئ المغربية النشيطة في مجال الصيد البحري.
ويُنتظر أن تستمر عملية الصيانة عدة أيام، قبل أن تعود “الحوز” إلى مياه الميناء لمواصلة مهامها النبيلة في حماية الأرواح والحفاظ على السلامة البحرية. لاسيما وأن الخافرة التابعة لمندوبية الصيد البحري بآسفي، واحدة من أهم الوسائل البحرية المخصصة لإنقاذ الأرواح البشرية في عرض البحر على مستوى المنطقة التي تشهد حركة ملاحية مهمة.
ويطالب المهنيون على المستوى الوطني بعصرنة خوافر الإنقاذ المشتغلة بالموانئ، التي أصبحت الغالبية منها اليوم متجاوزة، وغير قادرة على أداء مهامها، بعد أن تجاوز عمر عدد منها ثلاثة عقود، وأصبحت غير قادرة على تنفيذ مهامها بالشكل المطلوب، بعد أن أصبحت عاجزة عن مجاراة التحديات المناخية. لاسيما وأن الأساطيل البحرية أصبحت تقطع مسافات كبيرة للوصول إلى المصايد .
وكان قانون المالية لسنة 2025 قد كشف نية المملكة في مواصلة خطتها الرامية لعصرنة اسطول الإنقاذ، بالتوجه نحو إقتناء خافرتين جديدتين لكل من ميناء العيون وميناء الدار البيضاء، وذلك بعد الخافرتين اللتان تم إقتناؤهما في وقت سابق لكل من ميناء طنجة والداخلة . حيث رصد القانون الجديد وفق ما جاء في المذكرة الجهوي للإستثمار ، 60 مليون درهم كلقة إجمالية للخافرتين، وهي الكلفة التي جاءت ضمن إعتمادات الأداء المتوقعة برسم السنة المالية الجارية بمعدل 30 مليون درهم لكل خافرة. وهو ما يؤكد توجه المملكة في إتجاه إمتلاك خوافر إنقاذ من الجيل الجديد، إنسجاما مع الأدوار الإسترتيجية التي تراهن المملكة على لعبها سواء بالواجهة الأطلسية أو نظيرتها المتوسطية .
ويتوفر المغرب اليوم على 21 زورقا و 10 زوارق سريعة متخصصة في البحث والإنقاذ موزعة على كافة السواحل الوطنية، تستعمل أجهزة اتصال حديثة، بما فيها الأقمار الصناعية، من خلال النظام العالمي للاستغاثة والسلامة البحرية (SMDSM)، إلى جانب أنظمة تساعد على تحديد مواقع البواخر في حالة استغاثة. وفق ما تم الإعلان عنه في حفل إطلاق تشغيل خافرة البوغاز بميناء طنجة المتوسط .
وطفى على السطح منذ 2023 نقاش مهني في أعقاب إعلان توجه الوزارة الوصية، لإقرار رسم جديد يستهدف المستفيدين من رخص الصيد، لدعم عمليات إنقاذ الأرواح البشرية في البحر وعصرنة الأسطول، وهو الرسم الذي سيعوض الإقتطاع الذي يتم حاليا على مستوى الموانئ لصالح اللجان المحلية لإنقاذ الأروراح البشرية، حيث تم إقتراح 0.25 % من السعر الإجمالي للمصطادات عند بيعها الأول بالنسبة لأساطيل الصيد الساحلي والتقليدي. فيما يحدد المبلغ السنوي للرسم في 5000 درهم لكل من سفن الصيد الصناعي المغربية، والمزارب. غير أن هذه الإقتراحات لازالت محط نقاش، خصوصا وأن هذا الورش يعرف نوعا من الجدل بين الفاعلين في إنتظار إنضاج هذا التوجه في سياق مؤسساتي متكامل الأطراف .
ويرى متدخلون أن إعتماد هذا الإقتطاع ، هو مفتاح لإحدات هيئة مركزية يسيرها مجلس إداري يضم مختلف الفرقاء المهنيين والإداريين، تناط بها مهام الإشراف على تسيير الخوافر وتحديد المسؤوليات ، في سياق تدبير ملف السلامة والإنقاذ كورش حساس وعلى درجة عالية من الأهمية، حيث الرهان هو فتح هذا الورش بشكل يتيح له الحصول على تمويلات جديدة، من خلال عقد شركات على المستوى الداخلي والخارجي، لاسيما وأن التسيير الحالي يعيق هذا التوجه ويقطع الباب أمام الإجتهاد في تطوير هذا الورش الإسترتيجي، في إتجاه عصرنة الأسطول الحالي وتطويره بأليات جديدة، والإستمار في العنصر البشري وفتح الباب أمام الإحتكاك بتجارب دولية رائدة .
وتعالت الأصوات في السنوات الآخيرة الداعية إلى التفكير بجدية في تأسيس مؤسسة وطنية، تتشكل من هيئات جهوية لتدبير ورش الإنقاذ. وتُنَظّم مسؤولياتها بقوانين صارمة تضبط مختلف أجهزتها، بما يضمن تدبير هذا الورش، الذي يواجه اليوم مجموعة من التحديات على مستوى التسيير والحكامة. فيما تؤكد المصادر أن تطوير أليات التمويل والبحث عن شراكات محلية ودولية، سيضمن الإنخراط في عصرنة الأسطول، في اتجاه أمتلاك أليات ومعدات قادرة على تحقيق طموحات المهنيين الطامحين لتطوير الإنقاذ البحري بالمغرب.