بقلم: الحو محمد *
تغطي البحار ما يقارب من 70 بالمائة من سطح الارض. وهده المسطحات المائية دائمة الحركة وتعرف تدفقات وتموجات بشكل مستمر ومتواصل. ومن اهم تمظهرات هده الحركة نجد التيارات البحرية العامة(تيار الخليج، تيار كوروشيفو، تيار الكاناري،..)، حركات المد و البحر وكدى الأمواج البحرية التي يستمتع بها ممارسوا ركوب الموج ورواد الشواطئ للإستجمام. وكل هده الظواهر البحرية الطبيعية تحمل في طياتها وتنقلاتها كميات هائلة من الطاقة الميكانيكية القابلة للإستغلال بتحويلها إلى كهرباء.
طاقة الأمواج .. إهتمام متزايد
بدأ الانسان مند وقت طويل في طرق الإستفادة من الأمواج لتوليد الطاقة. ويتوفر المغرب على خط ساحلي يمتد على طول 3500 كلم مما يجعله من اطوال الشواطئ في القارة إلإفريقية. وحسب دراسة قام بها خبراء في المدرسة المحمدية للمهندسين، فسواحل المغرب تتوفر على قدرة طاقة الأمواج مقدرة ب 75 ألف ميغاوات (MW) في السنة.
ونظرا لأهمية هدا الموضوع، فإن السلطات المغربية بدأت تولي أهمية متزايدة لمصادر الطاقات البحرية المتجددة في السنوات الأخيرة. و هكدا فقد تم تعديل الإستراتيجية الوطنية في مجال الطاقات المتجددة ودلك بإضافة طاقة التيارات البحرية والأمواج، إلى لائحة مصادر الطاقة البديلة دات الاهمية و الأولوية، إلى جانب الطاقة الريحية والشمسية والهيدروليكية. وفي هذا الإطار أعلنت وزارة الطاقة والمعادن والبيئة، عن تشكيل لجنة متخصصة لوضع خارطة طريق لتطوير طاقة التيارات البحرية. كما أن الوزارة دعت إلى تعزيز البحث العلمي في هذا المجال من أجل مواكبة هذه الخطوات، ولتسريع استغلال مصادر طاقة التيارات البحرية، بما فيها الطاقة المتأتية من حركة الأمواج، وكذلك الطاقة الناتجة عن تيارات المد والجزر”.
تستمد الأمواج طاقتها من الرياح السطحية للبحر، في البداية عندما تبدأ الرياح في الهبوب تظهر تجاعيد صغيرة على سطح البحر . و مع استمرار الرياح تكبر و تصبح مويجات صغيرة، ومع مرور الوقت تكبر تلك المويجات وترتفع شيئا فشيئا. إضافة إلى دلك، تتفاعل الأمواج مع بعضها البعض، وعندما يحدث التوافق(résonance) بين مجموعة مشكلة بين أربع أو ثلاث أمواج، تنتقل الطاقة بين تلك (Interactions non-linéaires) الأمواج لتصبح أكبر و أضخم. وهناك ثلاث عوامل أساسية تتحكم في مدى ارتفاع و ضخامة الأمواج: أولا شدة الرياح، ثانيا مدة هبوب هده الرياح، فكلما كانت الرياح قوية وكلما طالت مدة هبوبها إزداد علو الأمواج المتشكلة. والعامل الأخير هو طول المسافة أو المجال البحري ،الدي تهب عليه الرياح، فكلما كان طويلا وشاسعا ازداد ارتفاع الموج، ولدلك فإن الأمواج المتشكلة في المحيطات أكبر بكثير من تلك التي توجد في البحار المغلقة.
طاقة الامواج في السواحل المغربية .. جهود علمية للبحث في أفاق الإستغلال
إزدادت في السنوات الاخيرة وثيرة البحث العلمي في مجال طاقة الأمواج عبر العالم وفي المغرب أيضا. وهكدا تم إنجاز العديد من الدراسات العلمية حول هدا الموضوع المهم في السنوات الأخيرة. ومن هذه الدراسات :
إمكانيات الإستغلال بالمغرب .. السواحل الأطلسية تتفوق على نظيرها المتوسطية
يبلغ طول الساحل الأطلسي المغربي حوالي 2000 كلم و يمتد من طنجة إلى الكويرة. وهدا الشريط الساحلي مفتوح امام الأمواج الكبيرة التي تتكون في المنطقة الممتدة بين جزر الآصور وإسلندا، بفعل المنخفضات الجوية العميقة والقوية. حيث تعرف منطقة شمال الأطلسي خلال فصل الشتاء الممتد بين دجنبر إلى مارس توالي الاضطرابات الجوية المتلاحقة، والتي ترسل أمواج عالية نحو شواطئ أوروبا الغربية وشمال إفريقيا وبالخصوص شواطئ بلادنا. وقد أثبتث الدراسات العلمية أن القدرة الطاقية للأمواج في السواحل الأطلسية أكثر توفرا في الشريط الممتد من الدار البيضاء إلى طانطان.
و تتركز طاقة الامواج في السواحل الوسطى لأنها أكثر إنفتاحا و عرضة للامواج القادمة من الشمال الغربي. وعلى العموم وانطلاقا من توزيعات طاقة الأمواج، يمكن التمييز بين خمس مناطق مختلفة: منطقة بها طاقة قصوية يشمل الجزء الأوسط من الشريط الساحلي (الجديدة ، الجرف الأصفر ، آسفي ،الصويرة، اكادير، سيدي إفني) بمتوسط طاقة سنوي أكبر من 20 كيلو واط / متر (kW/m). منطقتين منخفضتين للطاقة ، بما في ذلك كلا طرفي الساحل شمالا وجنوبا، أي الجزء الشمالي (شمال الدار البيضاء) والجزء الجنوبي (الجنوب من طرفاية) بمتوسط طاقة أقل من 16 كيلو واط / متر ، ومنطقتين انتقاليتين دات طاقة وسطية (المحمدية والدار البيضاء ، وطانطان ، وطرفاية) مع متوسطات القدرة الطاقية بين 16 كيلوواط / م و 19 كيلوواط / م.
وتعتبر بعض الدراسات الدولية أن عتبة 20 كيلواط للمتر تعتبر كافية لإعتبار طاقة الامواج قابلة للإستغلال في موقع معين. وهدا الشرط جد متوفر في السواحل المغربية و خاصة الوسطى. و قد اكدت الدراسات أن المعدل لهده القدرة الطاقية، قد يتعدي في بعض السواحل 25 كيلواط للمتر، أي ما يقارب 22 ميغاواط ساعة في السنة.
إلى ذلك يمتد الساحل المتوسطي المغربي على مسافة تقدر ب1500 كلم. ولأن المتوسط بحر شبه مغلق وصغير بالمقارنة مع المحيط الاطلسي، فإن علو الأمواج أقل بكثير من تلك المتواجدة في الواجهة الأطلسية. الدراسات التي همت هده المنطقة، أثبتث أن قدرة الأمواج في المتوسط أقل بكثير. وحسب هده الدراسات، فإن القدرة الطاقية في هده المنطقة لا تتعدي عل الأكثر 9 كيلواط لكل متر(kW/m). أي أن الطاقة السنوية أقل من 80 ميغاواط ساعة في السنة(MWh/an).
الوكالة الوطنية للموانئ تفتح الباب أمام المستقبل
نظمت السنة الماضية (2021) مسابقة “تحدي الموانئ الدكية” (Smart Port Challenge Competition) من طرف الوكالة الوطنية للموانئ و الشباك الوطني الموحد للتجارة الخارجية (PORTNET) و التكثل العالمي لتسهيل التجارة . يهدف هدا التحدي إلى إيجاد إبتكارات تجريبية تسهل العبور في موانئ المغرب وتحسن أداء هده الموانئ. حيث أسفر هدا التحدي عن فوز شرك إيكو وايف باور (ECO WAVE POWER) المتخصصة في تطوير تقنيات استغلال طاقة الأمواج.
وقد قام وفد من شركة إيكو ويف باور بزيارة موانئ الدار البيضاء والمحمدية في المغرب في نهاية عام 2021، لمناقشة تطبيق تكنولوجيا الطاقة الموجية في الوكالة الوطنية للموانئ التي تدير 33 ميناء. وقد أكد مسؤول بالشركة أنها مهتمة جدًا بسوق الطاقة المغربي ، وتأمل أن يكون هذا بداية لتعاون طويل الأمد.
*كتبها للبحرنيوز : الحو محمد باحث و مهتم بالأرصاد الجوية و علوم البحر