انتهى يوم 17 من الشهر الجاري وبشكل رسمي بروتوكول الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي الموقع لمدة أربع سنوات إمتدت تفاصيلها بين 2019 و2023 ، إلا أن الطرفين أصدرا نهاية الأسبوع الماضي بيانا أكدا فيه ضمان استمرارية واستدامة الشراكة بينهما في الصيد البحر وسط تطمينات إسبانية رسمية بخصوص تجديد الإتفاق. وهو ما يفتح الباب على مصراعية للشروع في العد العكسي لحلول الموعد المرتقب والمسيج بشروط خطها المغرب لتعزيز الشراكة الإسترتيجية، لاسيما وأن الأوساط الأوربية أكدت وجود مفاوضات، ماضية في التقدم بخصوص مستقبل تواجد سفن أوربية في المياه المغربية .
فالمال مقابل السمك الذي كان محور الاتفاق بين المغرب و الاتحاد الأوروبي أصبح اليوم مرفوضا من طرف المملكة. حيث أكد ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج الأسبوع الماضي أن الرباط تريد اليوم شراكات ذات قيمة مضافة، بدلا من أن يأتي أحدهم لصيد السمك، يعطي المال، ثم يغادر. ما يؤكد التغيير الحاصل في تدبير الشراكات التقليدية على مستوى صناع القرار بالمملكة.
وأكد ناصر بوريطة، أن المغرب سيقرر بشأن مستقبل التعاون مع الاتحاد الأوربي في مجال الصيد البحري على ضوء التقييم الذي ستقوم به الحكومة، وبتشاور مع الشركاء الأوروبيين. مبرزا أن “هناك تفكيرا جاريا داخل الحكومة المغربية” يأخذ ثلاثة معايير في الاعتبار. يهم الأول “ذو طبيعة نظرية”، مشددا على أن مغرب اليوم ، وفقا للرؤية والسياسة الخارجية اللتين رسمهما صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يعطي الأولوية لشراكات “ذات قيمة مضافة أكثر وضوحا”. وأضاف أن “المغرب يأمل في إقامة شراكات أكثر تقدما، حيث تكون القيمة المضافة المغربية أقوى”.
وفي ما يتعلق بالمعيار الثاني، أوضح الوزير أن المملكة بلورت استراتيجية وطنية للصيد البحري “أليوتيس” ووضعت رؤية مخصصة لتطوير القطاع، تأخذ في الاعتبار تطلعات الفاعلين وتقتضي الملاءمة في إطار التفاعل مع الشركاء. أما المعيار الثالث الذي تدرجه الحكومة في إطار تفكيرها وتقييمها، يتابع بوريطة، فهو مرتبط بالمعطيات العلمية، وذلك بهدف الحفاظ على هذا المورد الطبيعي المهم للمغرب والمغاربة وضمان استدامته.
فالملاحظ وطيلة شهور هذه السنة عمد المغرب إلى مناقشة مستقبل البروتكول بكثير من الحكمة والرزانة، بل أن المغرب إنتصر وإلى حد بعيد على المتربصين بوحدته الترابية في دوليب الإتحاد في أعقاب قرار المحكمة الأوربية، بل وأكثر من ذلك كسب تعاطف جهات عريضة على المستوى الأوربي ما عجل بإستئناف القرار ، وهو ما يعد ردا أوربيا أوربيا على محاولة للإبتزاز وسياسة لي الدراع التي حاول البعض تحسسها ، كعادة ظلت تتكرر مع قرب نهاية الإتفاق، وهي لعبة فطنت لها المملكة ، وأصبحت على درجة عالية من الحصانة في التعاطي مع هذه المناوشات التي يتم تسخير أطراف داخل دواليب الإتحاد من أجل إخضاع المملكة لما يتم حياكته على مستوى سلطات القرار الأوربي .
دبلوماسية المغرب الجديدة ، وتوجهاته الإسترتيجة المبنية على من معي ومن ضدي ، بدأ تعطي إشارات إبجابية من طينة الشراكة الإسترتيجية التي أصبحت تربط المغرب وإسبانيا ، والتي سيكون لها وقع التأثير على مستقبل أي إتفاق منتظر بإعتبار التموقع الإسترتيجي الجديد لإسبانيا على مستوى الإتحاد، بإعتبار الجارة الشمالية أكثر الدول تاثيرا اليوم بأي تعثر لتجديد البرتكول، خصوصا وأن الكل يعلم أن الأسطول الإسباني يبقى الأكثر إستفادة من السواحل المغربية، بإعتبارها صمام الأمان لتزويد إسبانيا بالمنتوجات البحرية المختلفة. وما تأمنه من مواد أولية لسوق الإستهلاك على المستوى المحلي والأوربي، وكذا سلسلة القيمة من صناعات على صلة وثيقة بالصيد، وهو واقع لن تطمسه لغة التعويض أو دعم لبحارة ومهنيي الصيد بالمنطقة التي تم الترويج لها مؤخرا بإعتبارها تبقى مجرد مسكنات مرحلية لمهنيي الصيد الإسبان .
لدى فإسبانيا تبقى الدولة الأكثر تأثيرا سواء على مستوى المفاوضات، وكذا على صناع القرار المرتبط بقطاع الصيد البحري، وهو معطى نستنتجه بشكل دقيق من تصريح فرناندو غراندي مارلاسكا، وزير الداخلية الإسباني، الذي أظهر ثقته في تجديد بروتوكول الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية، وبشكل هادئ في أقرب وقت ممكن؛ بالنظر إلى العلاقات السياسية والاقتصادية الاستراتيجي. مبرزا أن “المفاوضات ما زالت قائمة، حيث تعمل المفوضية الأوروبية وإسبانيا بجدية على الاتفاق” مشيرا .أن “المفاوضات متقدمة في هذا الصدد، ويأمل الاتحاد الأوروبي أن يصبح التجديد واقعا قريبا”، مبرزا أن “هذه الظرفية مؤقتة، وسيتم العمل على تجاوز الوضع الحالي في غضون الفترة المقبلة”.
فهدوء المغرب في تعاطيه مع التطورات ، وتلويحه بإمكانية اللجوء إلى بدائل متنوعة على المستوى المحلي والخارجي في سياق تنويع الشراكات وهو يعلم تمام العلم أن الإتحاد الأوربي اليوم ليس في أفضل حالاته بالنظر للظروف الصعبة التي تواجه مجموعة من دول الإتحاد ، هي معطيات يقرأها اصحاب الإختصاص، في كون مراكز القوى ماضية في التغيير، والمغرب مرشح اليوم للعب أدوار كبرى بالمنطقة ، كبلد مجتهد إستطاع أن يقدم نفسه كدولة صاعدة في حوض البحر الأبيض المتوسط، بل إتخذت قرارات قوية أكدت من خلالها انها دولة ذات نخوة وسيادة، ولا تقبل الإملاءات الخارجية في شؤونها الداخلية.
نعم فالمغرب دولة مؤسسات، يعرف إلتزاماته المشروطة بتبادل التقة مع شركائه بعد ان ظل يقدم الدروس للدول الأوربية نفسها، فالمملكة تعرف جيدا أن موقعها يحتم عليها لعب مجموعة من الأدوار، لكن وفق منطق رابح رابح التي يتيحها الوضع المتقدم الذي تحضى به المملكة لدى الإتحاد. سيما وان إسبانيا والإتحاد الأوربي يعدان شريكان أساسيان على المستوى التجاري للمغرب، كما أن المغرب إنخرط بشكل قوي ومتجانس في التعاطي مع محاربة الهجرة غير الشرعية وكذا التعاون في مجال محاربة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود، الذي يعد نموذجيا على مستوى محاربة أخطار الأفكار المتطرفة، والجريمة المنظمة وتنبيض الأموال وغيرها من الجرائم. لكن بالمقابل فنحن امام مغرب يتجدد ويتطور بإستمرار، ويبحث على مكاسب جديدة في عالم ما بعد كورونا، وهي مكاسب، لن تكون على حساب قضاياه الحساسة، التي تعد محركا اساسيا لسياساته الخارجية.
وكان المغرب والاتحاد الأوروبي، قد وقعا في 2019 إتفاقية صيد جديدة تمتد لمدة 4 سنوات، وتحدد شروط ولوج 128 باخرة صيد أوروبية لممارسة نشاطها في المياه الإقليمية المغربية، حيث تهم هذه الاتفاقية الأساطيل التقليدية والصناعية لـ11 دولة أوروبية، هي إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وليتوانيا وهولندا وإيرلندا وبولونيا وبريطانيا. غير أن إسبانيا، وخصوصاً إقليم الأندلس، تعتبر أكبر مستفيد من هذه الاتفاقية. وستكون هي المتضرر الأكبر من أي تعديل قد يشمل الإتفاق ، إذ تعلم إسبانيا أن المغرب قد خفض عدد السفن الأوربية بالمياه المغربية من 430 سفينة برسم إتفاق 1995 إلى 119 سفينة في إتفاق 2007 وهي اليوم في حدود 128 باخرة.
جهود بناء القدرات المستمرة.
بعد دخول الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم حيز التنفيذ، أصبح التنفيذ محط تركيز كبير، وكثفت المنظمة جهودها في مجال تنمية القدرات لمساعدة البلدان النامية في تنفيذها للاتفاق. وتقوم المنظمة بتوفير المساعدة الفنية وتنمية القدرات من خلال ثلاث آليات مختلفة. https://www.fao.org/port-state-measures/capacity-development/ongoing-capacity-building-efforts/ar/ ورش العمل الاقليمية.
عُقدت ورش عمل لأكثر من 100 بلد ومنظمة أخرى في جنوب شرق آسيا، وجنوب المحيط الهادئ، ومنطقة الكاريبي، وأمريكا الجنوبية، وشمال غرب المحيط الهندي، والساحل الأطلسي لأفريقيا والبحر الأبيض المتوسط. وقد ركزت ورش العمل هذه على تقديم أساسيات تنفيذ الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وفوائده إلى البلدان في المنطقة وفهم الثغرات والقيود الرئيسية الموجودة في كل منطقة. https://www.fao.org/port-state-measures/capacity-development/regional-workshops/ar/ الاتفاق
يمثل الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم أول صك دولي ملزم يستهدف على وجه التحديد الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم. ويتمثل هدفه في منع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه عن طريق منع السفن العاملة في الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم من استخدام الموانئ وإنزال مصيدهم. بهذه الطريقة، يعمل الاتفاق على تقليل اتجاه هذه السفن إلى مواصلة عملها كما يمنع منتجات المصايد الناجمة عن الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم من الوصول إلى الأسواق الوطنية والدولية. ويسهم التنفيذ الفعال للاتفاق في نهاية الأمر في ضمان الحفظ والاستعمال المستدامين للموارد البحرية الحية والنظم الإيكولوجية البحرية على المدى الطويل. تنطبق أحكام الاتفاق على سفن الصيد التي تطلب دخول ميناء معين لدولة يختلف عن دولة العلم التابعة لها. https://www.fao.org/port-state-measures/resources/detail/ar/c/1190099/ الأطراف في الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم.
وافق مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة في دورته السادسة والثلاثين )روما، 18-23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009) على الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه بموجب الفقرة الأولى من المادة 14 من دستور المنظمة، من خلال القرار رقم 12/2009 بتاريخ 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009.
دخل الاتفاق حيز التنفيذ في 5 حزيران/ يونيو 2016.
وفي ما يلي قائمة الدول الأطراف الحالية في الاتفاق: https://www.fao.org/port-state-measures/background/parties-to-the-agreement/ar/