يعقد المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري صباح يوم الجمعة 15 دجنبر 2023 بمقره المركزي بالدار البيضاء، أشغال مجلسه الإداري، الذي يتضمن في جدول اعماله مجموعة من النقاط، تتقدمها الدراسة والمصادقة على خارطة طريق عمل المعهد في السنة القادمة، إلى جانب الخطة المالية برسم السنة الجديدة.
وياتي إنعقاد المعهد في ظروف يطبعها نوع من الإنتشاء بالثقة التي أصبحت تتمتع بها هذه المؤسسة لدى سلطات القرار، خصوصا على المستوى السياسي، والتي بدت واضحة من خلال تدشين سفينة الأبحاث الجديدة “إبن سينا2” والتي تميزت بحضور وازن للوزير الوصي محمد صديقي على القطاع، ومشاركته في الرحلة البحرية التجريبية التي نفذها المركب لعلمي بحضور الوزير بمعية الكاتبة العامة لقطاع الصيد ووالي جهة سوس ماسة ورئيس ذات الجهة بسواحل اكادير والتي إمتدت فصولها لساعات.
هذا الإهتمام سيتم تعزيزه بتدخل إسترتيجي للوزير محمد صديقي يوم السبت الماضي بدبي، حين اكد على أن الحفاظ على المحيطات يتطلب عملا جماعيا منسقا بين العلم والسياسة، فضلا عن تعاون ناجح متعدد الأطراف على كافة المستويات ولفائدة مختلف الأطراف.إذ شدد الوزير على أن البحث العلمي في المغرب يوفر الأساس لاتخاذ القرارات المتعلقة بحكامة القطاع، استنادا إلى أساسيات الاستغلال المستدام للموارد السمكية على الأبعاد الزمنية، عبر تخطيط الراحة البيولوجية والمجالية من خلال تقسيم المناطق.
وشدد الوزير على أن التطور الأخير الذي يشهده قطاع الصيد البحري في المغرب يبرز كمثال ملموس على الاهتمام الكبير بالمعرفة العلمية الموثوقة في صنع القرار ، مسجلا في ذات السياق أنه بفضل استراتيجية “أليوتيس” لتنمية الصيد البحري، استثمر المغرب بشكل كبير في البحث في مجال الصيد البحري، من خلال شبكة من مراكز البحث وأسطول من ستة سفن للبحث ، بهدف استكشاف وفهم النظم الإيكولوجية البحرية والتنقيب عن الموارد السمكية، فضلا عن رصد الظروف البيئية للمحيطات على طول سواحل البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي.
وعلى الرغم من هذه الثقة المتنامية، فإن العلاقة بين المهنيين والمعهد ليست على ما يرام، حتى ان هناك تمثيليات مهنية كشفت في لقاءات رسمية بإهتزاز الثقة التي تربط الفاعلين المهنيين بإدارة المعهد، والتي بلغت في بعض فصولها حد المواجهة، كما وقع خلال الموسم الشتوي لصيد الأخطبوط، حين تم تسجيل نوع من المفارقة بين الكوطا المعلنة من الأخطبوط المطبوعة بالتقشف، امام إصطدام المهنيين بمخزون يعاكس كل التوقعات العلمية المعلنة من طرف المعهد، كما أن فصول الإصطدام لم تتوقف عند مهنيي الرخويات، وإنما إمتدت أيضا للأسماك السطحية الصغيرة بعد الأزمة الرهيبة التي عرفتها المصيدة، والتي لم تنفع معها الإجراءات والتدابير المعلنة بما فيها الحمائية، غير أن مخطط سمك القرب سيزيد من طبيعة التوثر، دون إغفال الحساسية التي أصبحت تطبع المصايد المتوسطية، نتيجة التراجع الرهيب لمجموعة من الأنواع السمكية ..
ويؤكد المراقبون للشأن البحري على مستوى قطاع الصيد، ان القرار العلمي، وإن كان محصورا في جانبه التقني المحض، فهو لايزال بعيدا عن التحرر بمفهومه التطبيقي، حيث أن القرارات المنظمة في كثير من أحيانها تمتد إليها توابل السياسي والإجتماعي والإقتصادي ، ويصبح بذلك جوهر القرار المرتبطة بتدبير المصايد، منصهرا بما يحمله من تحسينات دخيلة، تعصف في عمقها بالتوجهات الكبرى المراهن عليها من خلال الإسترتيجية القطاعية، لكن حين تتوفر الحماية اللازمة للقرار العلمي فإنها تترسخ لتنضج القرار، كما وقع مؤخرا حين تشبت المعهد براحة بيولوجية بمصيدة الأسماك السطحية الصغيرة من شمال أكادير إلى أقصى سواحل الجنوب في وقت موحد، على الرغم من أن المطالب المهنية القوية شددت على تأجيل راحة الأسماك السطحية الصغيرة بمصيدتي العيون طرفاية إلى منتصف السنة القادمة.
ومن شان لقاء المجلس الإداري أن يشكل أرضية للنقاش الجاد في مختلف جوانب القرارات العليمة، خصوصا وأننا امام إنتظارات قوية بخصوص كوطا الأسماك السطحية الصغيرة وكذا كوطا موسم الأخطبوط .. وما يصاحب ذلك من ترقب مهني مطبوع بشعار الركراكي المتجدد “ديرو النية”، لاسيما وأننا امام مؤسسة تتوفر اليوم على اقطاب جهوية ، تملك من المؤشرات المتراكمة، ما يمكنها للعب أدوار أكثر نضجا في تدبير المصايد، وفق مقاربات تراعي خصوصية المناطق، وهو معطى يفرض الإستفادة من العنصر البشري المحلي، بإعتباره جزء لا يتجأ من دراسة الوسط، وكذا مواصلة الجهود على مستوى الأبحاث لتفكيك مجموعة من الظواهر المرتبطة بالمصايد، من خلال السفن العليمة الستة التي هي اليوم تحت تصرف خبراء وعلماء المصايد ، وكذا الإعتماد على أساطيل الصيد المختلفة بما تحمله من ربابنة وبحارة خبروا البحر وفهموا تقلباته، وأصبحو يمتلكون معلومات لها وزنها في دراسة المصايد والتخطيط لمستقبلها، في ظل تزايد التحديات المرتبطة بتغير المناخ، وتدهور المصايد على نطاق واسع .