يواصل إتفاق أكادير حول الزيادة في أثمنة السردين الصناعي بموانئ المصيدة الوسطى، إثارة الجدل بين المهنيين والتجار والمصنعين، فإذا كانت مخرجات هذا الإتفاق تكتسي طابع الرضى في أوساط المجهزين والبحارة والتجار، بما يرفقها من مطالب تستعجل الإعتماد والتطبيق لدى المصالح المختصة ، يواجه المصنعون الإتفاق الجديد بالرفض والشجب .. وهي الوضعية التي من شأنها تأخير إعتماد المكتب الوطني للصيد لهذه الزيادة المعلنة، حتى وإن كان المكتب قد سارع إلى وضع الثمن الجديد على أنظمته المعلوماتية، حيث ستكون أولى عمليات البيع بمراكز الفرز ، الخطوة الفاصلة والحاسمة حول مستقبل إعتماد الثمن الجديد بالموانئ المعنية.
وعجلت الجمعية الوطنية لصناعات تجميد منتوجات البحر بمراسلة وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات داعية غلى عدم عدم تفعيل إفتفاق الزايدة في الثمين بين المجهزين والتجار، وعدم العمل به داخل مراكز فرز السمك الصناعي بالمكاتب الوطني للصيد بالمملكة حيث شجبت الجمعية وأدانت الإتفاق الجديد، على مستوى المنهجية وكذا لعدم إحترامه القوارنين والأعراف الجاري بها العمل، لأن أطراف الإتفاق حول ثمن السردين يكون بين أرباب مصانع السمك وبين ارباب مراكب الصيد الساحلي ، كما جرت عليه العادة في الإتفاقات السابقة مند عقود من الزمن، إذ أشارت الجمعية في هذا الإطار إلى أن لا علاقة لتجار السمك الذين يعملون كوسطاء بهذا الموضوع مشددة على ضرورة أن يكون الثمن المرجعي موحد بين المصانع وتجار السمك وعلى هذا الأساس.
من جانبه عبر الإتحاد الوطني لصناعة تصبيرات السمك (UNICOP) عن رفضه القاطع لإتفاق الزيادة في الثمن المرجعي للسمك الصناعي بين تمثلية مجهزي المراكب وتمثيلية تجار الأسماك شكلا ومضمونا. وأوضح الإتحاد في مراسلة مستعجلة موجهة للمديرة العامة للمكتب الوطني للصيد ، أن التوقيع على محضر الإتفاق ، والذي تم تداوله أمس الأربعاء، قد تم دون إجراء أي تشاور مع الفاعلين في صناعات تثمين وتصبير المنتوجات البحرية . حيث سجلت الوثيقة أنه وبدون اتفاق بين المجهزين والمصنعين، لن يكون هناك أي تعديل في التعريفة. فيما أشارت الوثيقة أن المصنعين يرفضون هذه الزيادة رفضا تاما، وشددوا على عدم تطبيقها.
إلى ذلك وفي الجهة المقابلة أكد عبد اللطيف السعدوني رئيس الكونفدرالية الوطنية لتجار منتوجات الصيد البحري بالأسواق والموانئ المغربية، أن الإتفاق الجديد هو يأتي لمحاصرة التوثرات التي تعرفها المرحلة، خصوصا وأن تاجر السمك تطوع لهذه المهمة بما يمليه الواجب المهني والأخلاقي في ظل الضغوطات والتحديات التي تعرفها معامل التصبير، وهي خطوة لا يمكن إعتبارها كما يروج لذلك البعض ركوبا على الموجة، أو أخد موقع المصنعين في مثل هذه الإتفاقات الإستراتيجية ، وإنما هو تطوع ياتي بعد مشاورات واسعة بين تجار الأسماك السطحية الصغيرة بموانئ الوسط، لرفع الحرج على مختلف الفاعلين من ظل الأزمة القائمة وتحريك عجلة الصيد وتحفيز إستعادة دينامية الإنتاج .
وأوضح السعدوني ان التجار من خلال هذه المبادرة هم يلعبون دورا تطوعيا، على الرغم من الحضور القوي للتجار في العملية التجارية بالموانئ ، لكن لا يمكن للتجار أن يقوموا مقام معامل التصبير، التي تعد هي المصب الحقيقي للمنتوج، وتربطها بالتجار علاقة طبيعية تجارية في سياق تكاملي، كل منهما يتمم الآخر. لدى فدخول التجار على الخط يمكن إعتباره دورا تكميليا للمعامل، إعتبارا للظروف التي تعيشها معامل التصبير في هذا المرحلة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي ، حيث عبر السعدوني عن متمنياته برفع الضرر عن المعامل، لأن أي أزمة بالمعامل ستكون لها تبعات وأضرار بمختلف المتدخلين، بالنظر لما تحمله هذه المعامل على عاتقها من فرص التشغيل والتنمية، وكذا السقف العالي من العمالة، كما أنها تمتص جزءا كبيرا من المنتوج السمكي السردين .
وبالعودة إلى نص الإتفاق الذي يعد سابقة من نوعها على إعتبار أنها تجمع المجهزين بالتجار من جهة، وتسجل حضور التمثيلية النقابية للبحار، التي شاركت في المفاوضات ، كما اشرت بدورها على محضر الإتفاق، أبرز السعدوني، أن المشاركة الفعلية بين هؤلاء الفرقاء المهنيين بما ينظمهم من شراكة على مستوى الإنتاج، وفهمهم العميق لعمق الأزمة وتحدياتها المختلفة، كلها سياقات ساهمت في إخراج الإتفاق بشكله الجديد ومضمونه المحفز، على الرغم من عسر المفاوضات، خصوصا وأن البحارة والمجهزين تمسكوا بزيادة لا تقل عن 40 سنتيما، بعد أن طالبوا في وقت سابق ب70 سنتيما ، فيما أكد التجار على أن سقف الزيادة لايمكن أن يقفز عن 25 سنتيما بالنظر لمجموعة من المعطيات. وهو ما تم التوافق بشأنه في الآخير كما يؤكد ذلك محضر اللقاء.
ويشدد الفرقاء المهنيون على ضروة التعاطي مع المرحلة بكثير من الحكمة وتوحيد الجهود للتصدي لمجموعة من التحديات التي تعيق نشاط الصيد الساحلي، وتحاصر مداخيل البحارة والمجهزين سواء على مستوى الإستثمار أو الإقتطاعات التي تطال المبيعات من المنبع، دون إغفال نفقات الصيد التي يلتهما تغول أثمنة الكزوال، هذا الملف الذي يعد اليوم بيت القصيد، لأن مراجعة أثمنة كزوال الصيد الساحلي وتوحيدها مع غريمتها المعتمدة في الصيد في أعالي البحار، سيكون لها الأثر الإيجابي على معاملات المهنيين، وبالتالي إرتفاع عائدات رحلات الصيد ، بما يخدم المصلحة الإجتماعية للبحارة خصوصا، وهو ملف يجب الإشتغال عليه من طرف الوزير الوصي على القطاع، ومعه رئيس الحكومة لإنصاف الفاعلين المهنيين وإعادة التوازن لقطاع الصيد الساحلي.