أسلم الغطاس احمد لعروسي لمقدم يوم الجمعة 17 ماي 2024 روحه لبارئها بإحدى المضربات المتواجدة بسواحل القنيطرة في ظروف وصفت بالمحزنة، بعد التفاف شباك صيد حوله، حيث ساهمت الواقعة في انفلات قنينة الأكسجين تعرض من خلالها لازمة نفسية حادة عندما كان منهمكا في نشاطه البحري في اعماق المضربة بسواحل المهدية.
وتسببت الواقعة في حالة من الصدمة والحزن، جراء فقدان احد رواد الغطس المهني بالمنطقة، وهو الذي كان في امس القريب يمازح العاملين بروحه المرحة. “فقدنا روح المزحة والفكاهة داخل طاقمنا” يقول أحد أصدقائه بصوت هادئ يرتجف من غد لا يتواجد به لعروسي، الذي ظل يمارس الغطس لأزيد من اربعة عقود من العطاء.
فقد بدأت المسيرة المهنية للراحل بعالم الغوص من داخل البحرية الملكية تقول مصادر مقربة من الضحية، وهو عمره لا يتجاوز 18 سنة، قبل ان يستقيل و يعمل بالغطس داخل مجموعة من الشركات المختصة بالمضربات، بسواحل كل من طنجة، والعرائش، و المهدية، فالرجل أمضى سنوات طويلة في مزاولة مهنته بكل احترافية. لكن قدر الله وماشاء فعل يقول مصدر مهني، لتقع الفاجعة بسبب عدم تواجد مساعد غطاس بهذه المهنة ، وهو المعطى الذي ساهم بفقدان الساحة البحرية احد رواد الغوص بالمنطقة.
وأوضح المصدر أن عدم تواجد مساعد في الغوص للعمل داخل المضربات يسائل الفاعلين، لاسيما وأن عملية الغطس تتم على عمق 50 مترا، بالمنطقة المعروفة ب “بورتا سلطانة” اي بوابة المضربة، مشيرا أن عدم تواجد مساعد يقدم المساعدة، عادة ما يخلف حوادث بحرية تباعا، تفقد معها الساحة البحرية مجموعة من الأرواح البشرية بشكل متواصل، وهو المعطى الذي يجب تداركه ، عبر مناقشة الوضعية والخوض في تفاصيلها ، لخلق جو من السلامة البحرية لهده الفئة العاملة المهددة في سلامتها.
وتحتاج مثل هذه الحوادث ليقظة قوية ونجدة خاصة تتسم بالسرعة ، لاسيما وأن الغطاس قد يفارق الحياة في دقائق معدودة، وهو ما يتطلب التوفر على مروحية للتدخل السريع من جهة، وتعزيز قدرات الغطاسين بالوسائل والإمكانيات المعرفية اللازمة لتقديم الإسعافات الأولية، لأن أول مسعف للغطاس يبقى هو زميله تحت الماء، وهي فرصة غير متوفرة في نشاط المضربات ، غير أن تواجد غطاسين بذات المكان، يساهم في التدخل السريع في حالة توفرهم على مستلزمات السلامة ، وكذا المعرفة المسبقة بنوعية التدخل التي تجنب الغطاس الإختناق تحت الماء.
وظل فاعلون في مجال الغطس المهني يطالبون بتأهيل العنصر البشري والإرتقاء بأدائه المهني وفتح تكوينات تتماشى مع تطلعاتهم المنهنة، وضمان سلامتهم في أداء مهامه المنوطة بالمخاطر. وبالتالي فأهمية التأطير يتجلى في تحسين ظروف اشتغال الغطاسة، والرفع من مستواهم المهني من خلال تحقيق نتائج على مستوى المردودية والدخل والسلامة البشرية، بالإضافة إلى السهر على حماية الثروات البحرية واستدامتها.
يذكر أن احمد لمقدم لعروسي الاسم المعروف بالاوساط المهنية ظل يعتبر قيد حياته من الغطاسين الاكفاء العاملين بصمت، حيث يساهم في ترويح عن النفس كل من صادفه والتقى به، من خلال عفويته الدائمة و احتكاكه بمهنة الصيد ، الأمر الذي خلق له سمعة وشعبية بالساحة البحرية . فيما رحل الفقيد عن عمر يناهز 52 سنة مخلفا وراءه ابنين ، تاركا وراءه قصصا وروايات جمعت ماهو مهني بما هو انساني، فرحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه الصبر والسلوان. وإنا لله وإنا اليه راجعون.