يتطلع المغرب إلى الإستفادة من الطفرة القوية التي يعرفها سوق تربية الأحياء المائية البحرية على المستوى العالمي ، خصوصا وأن كل المؤشرات تؤكد أن العالم يتجه لتحقق إكتفائه الذاتي من الأسماك والمنتوجات البحرية عبر “التربية”، حيث تؤكد المؤشرات أن حجم المنتوجات البحرية المتأتية من قطاع تربية الأحياء المائية البحرية من المنتظر أن ترتفع ب 66 في المائة في أفق 2030، بما سيضمن تحقيق إرتفاع في قيمة سوق هذا المنتوجات لنحو 421 مليار دولار، وذلك بتطور من المتوقع ان يصل ل 45 في المائة مقارنة مع 290 مليار دولار المحققة عند حدود 2022. والتي كان نصيب الصادرات منها نحو 100 مليار دولار.
ويراهن المغرب على افستفادة من هذا السوق الواعد، إنسجاما مع المعطيات التي تم الإعلان عنها في ندوة نظمت يوم الخميس بأكادير حول مبادرات تمويل قطاع تربية الأحياء البحرية، فخارطة الطريق، تراهن على رفع عدد الوحدات الصناعية لتعزيز القيمة المضافة للقطاع من خلال تحفيز القطاع الخاص لإنجاز 50 وحدة صناعية في أفق 2030، بدل 6 وحدات فقط في 2016 ، وهو ما يفتح المجال لرفع فرص الشغل إلى 6400 فرصة مقابل 250 في 2016 ، وهما مؤشرين سيعززان القيمة المضافة للقطا بنحو 80 في المائة مقابل 30 في المائة عند منتصف العقد الماضي .فيما تقدر استثمارات القطاع الخاص بنحو 5 مليارات درهم.
وتؤكد معطيات الوكالة أن ما هو إيجابي اليوم هو التنوع الذي أصبح تعرفه منتجات القطاع بالمملكة، من حيث التفريخ والتربية التي تتنوع بين الطحالب والصدفيات والأسماك وصولا للكروفيت إذ تشير الرقام أن 10 أنواع بحرية يتم إنتاجها اليوم بمزراع تربية الأحياء المائية البحرية بالمغرب. فيما يؤكد فاعلون إداريون أن الملاحظ اليوم هو وجود إهتمام تزايد للمستثمرين في قطاع الصيد البحري بقطاع تربية الأحياء المائية البحرية ، ما يفتح المجال أمام إستثمار نوعي عارف بحجم التحديات التي تواجه المصايد، وكذا إنتظار السوق الدولية المنفتح بشكل متزايد على إنتاجات قطاع التربية .
وعلى مستوى برامج الإستثمار فيتوفر القطاع اليوم على ثلاث برامج وطنية ودولية، حيث تبرز وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابا ببرنامج إستثماري قيمته 164 مليون درهم، والبنك الدولي ب 116 مليون درهم في إطار الإقتصاد الأزرق، تم البنك الإسلامي للتنمية ب 200 مليون درهم بهدف توظيف تربية الأحياء البحرية لخدمة السوق والإدماج الاجتماعي”. فيما تؤكد المعطيات أن الوكالة الوطنية وبعد إنتهائها من وضع المخططات البحرية، هي اليوم تراهن على تطوير سلسلة القيمة، لاسيما على مستوى الوحدات المتخصصة في الصناعة والتثمين، لتعزيز التسويق والتصدير ، حيث أن المؤشرات تؤكد وجود طلب محلي ودولي على المنتوج .
وتؤكد المعطيات أن هناك 305 مزرعة إنتاجية مرخصة بالمملكة تمتد على 11000 هكتار، وهي اليوم في ثور الإنتاج والإشتغال، فيما هناك نحو 221 مشروع هو قيد التركيب. هذا في وقت كانت الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء المائية البحرية قد حددت في وقت سابق إمكانيات طبيعية تناهز 24000 هكتار، في خطوة تروم تقديم مشاريع مدروسة مسبقا للمستثمرين وفقا لأفضل المعايير الدولية. فيما تم إنجاز 10 مخططات جهوية لتربية الأحياء المائية البحرية، تغطي أزيد 2300 كلم، لضمان التنمية المستدامة للقطاع على مستوى 8 جهات ساحلية للمملكة، وهي الجهة الشرقية وجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، ثم الدار البيضاء سطات، ومراكش-آسفي، إلى جانب سوسة ماسة وجهة كلميم واد نون، وكذا جهة العيون الساقية الحمراء وجهة الداخلة واد الذهب.
وترجم هذا البرنامج بوضع إطار قانوني خاص بنشاط تربية الأحياء المائية البحرية بالمغرب، يتعلق الأمر بالقانون رقم 84.21، الذي من شأنه توفير رؤية المستثمرين في تربية الأحياء البحرية بخصوص حقوقهم والتزاماتهم. حيث ينتظر الفاعلون صدور القونين التنظيمية لتعزيز هذا الجانب التشريعي ، وتنزيل مقتضياته بشكل سلس على المستوى القطاعي ، دون إغفال الإنفتاح القوي لمعاهد ومراكز التكوين البحري على هذا القطاع بإعتماد شعب متخصصة ، من أجل ضمان تزويد القطاع بيد عاملة على درجة عالية من الكفاءة والمهنية. هذا في وقت تؤكد الدولة إرادتها في تطوير القطاع وتحفيزه ، من خلال خصه أيضا بمرونة ضريبية وجمروكية .
وإحتضنت أكادير يوم الخميس 30 ماي 2024 ندوة نظمتها الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية (ANDA) بشراكة مع مؤسسة البنك الإسلامي للتنمية، حول مبادرات تمويل قطاع تربية الأحياء البحرية تحت شعار “فرص التمويل لتعزيز تنافسية قطاع تربية الأحياء البحرية”. حيث عرفت هد الندوة حضور ممثلين عن البنك الإسلامي للتنمية ومؤسسات التمويل والتأمين، إلى جانب عدد من المنظمات والفاعلين الخواص في قطاع تربية الأحياء البحرية.
يذكر أن الندوة نظمت في إطار اتفاقية التمويل الموقعة بين البنك الإسلامي للتنمية وحكومة المملكة المغربية في أكتوبر 2023، والتي تهدف إلى تنفيذ برنامج “توظيف تربية الأحياء البحرية لخدمة السوق والإدماج الاجتماعي” – “Making Aquaculture Work for Market and Social Inclusiveness Project”، والذي يمتد على أربع سنوات ويرتكز على ثلاثة محاور رئيسية تهم : تمويل ريادة الأعمال وتبادل الخبرات والمعارف وتعزيز التجارة وتثمين المنتجات البحرية.
ويهدف هذا البرنامج الطموح بميزانية تتجاوز 200 مليون درهم، إلى دعم بيئة الأعمال في قطاع تربية الأحياء البحرية من خلال تحفيز ومواكبة استثمارات إنتاجية جديدة. كما يولي اهتماما خاصا لجميع الجهات الفاعلة في هذا القطاع، ولا سيما الشركات الصغرى والصغيرة جدا والمتوسطة بالإضافة إلى المقاولين الشباب و تعاونيات الصيد البحري، مما سيساهم في تمكين جيل جديد من رواد الأعمال في مجال تربية الأحياء البحرية في مختلف جهات المملكة.