وفاة ربّان صيد على متن مركب يجدد النقاش حول الطب البحري في القطاع !

0
Jorgesys Html test

أثار الوفاة المفاجئة لربان صيد على متن مركب للصيد الساحلي صنف السردين ” إيدوسكا3 ” على إثر أزمة قلبية ألمّت به مؤخرا بسواحل الداخلة ، الكثير من النقاش حول تدبير الجانب الصحي وإمتلاك مكونات الأطقم البحرية ثقافة التدخل المستعجل لتقديم المساعدة والإسعافات الأولية على متن المراكب، وكذا أحقية البحارة الذين يعانون من أمراض مزمنة في الإبحار.. لاسيما وأن الواقعة  تنضاف  إلى حوادث مماثلة كانت قد عرفتها الساحة المهنية في وقت سابق.

ويؤكد مجموعة من المتدخلين على ضرورة تعزيز تأطير البحارة في الإسعافات الأولية، والإرتقاء بشكل أكبر بطب المستعجلات البحرية. حيث دعا المؤتمر الوطني للطب البحري الذي نظم في سنة 2022 بالعيون، إلى التفكير  الجاد في إنشاء مركز للإتصال الطبي للبحارة، ”centre de télemedcine”، ومركز للإسعافات البحرية، ”samu maritime”، خصوصا وأن التكنولوجيا الحديثة أصبحت تتيح التواصل عن بعد ، بما يضمن توجيه البحارة لتفعيل تدخلات على متن السفن في سياق الإسعافات الأولية بتوجيهات طبية عن بعد . فبإمكان تدخلات بسيطة بوعي ومعرفة من طاقم الصيد أن تكون حاسمة في إنجاد بحارة على ظهر السفن.  

إلى ذلك تسائل واقعة وفاة الربان على متن المركب، الجهات المختصة في تفعيل مرسوم رئيس الحكومة رقم 2.23.303 الصادر السنة الماضية،  الذي يقضي بتحديد شروط القدرة البدنية والمراقبة الطبية للبحارة الصيادين، لاسيما وأن الربان كان يعاني من بعض الأمراض خصوصا إرتفاع الضغط الدموي “الطونسيون”  التي تحتاج لمراقبة دقيقة. فيما دعت مقتضيات المرسوم إلى تحديد قائمة الأمراض التي يترتب عنها عدم القدرة المؤقتة أو الدائمة على ممارسة مهنة بحار على متن سفن الصيد البحري، وكذا الشروط المتعلقة بالسمع والرؤية والقدرة على تمييز الألوان، أخذا بعين الإعتبار طبيعة الأعمال المطلوب القيام بها، وظروف العمل على متن سفينة الصيد المعنية، ونوعها ، وذلك بقرار مشترك للسلطة الحكومية المكلفة بكل من الصيد البحري والصحة.

ويهدف ذات النص التشريعي إلى تحديد شروط القدرة البدنية المطلوبة للتسجيل بصفة بحار صياد، وكذا شروط إجراء المراقبة الطبية للبحارة الصيادين ووتيرتها وكيفياتها. حيث تتضمن الوثيقة مجموعة من الأحكام تنص على إحداث وحدات صحية في موانئ الصيد، من أجل ضمان تتبع الحالة الصحية للبحارة الصيادين، بالإضافة إلى مقتضيات تحدد نموذج الشهادة الطبية للقدرة البدينة، وكذا الشروط المطلوبة في مجال صحة البحارة الصيادين بقرار مشترك للسلطة الحكومية المكلفة بالصيد البحري والسلطة الحكومية المكلفة بالصحة.

ويعاني قطاع الطب البحري في المغرب من عدة إكراهات وتحديات، لاسيما وأن قطاع الصيد البحري يعرف الكثير من التطورات والمتغيرات على مستوى نمط الممارسة المهنية، وهي تغيرات تتطلب قدرات بدنية بمعايير معينة ، خصوصا وأن المصايد اصبحت تتسم بالمحدودية والبعد وعدم الإستقرار، وهو ما يفرض جهدا مضاعفا ، ووقتا أطول للرحلات ، وهو ما يتطلب قدرات بدنية أكبر  للمسايرة . كما ان هذا الجهد تكون له إنعكاسات على صحة البحارة دون إغفال الحالة النفسية المتوثرة، التي ينجم عنها ضغط الأعصاب بما يرافقه من إمتدادات صحية .

ويرى المتتبعون للشأن البحري، أن الطب البحري وأمام هذه التطورات، لا يمكن وصفه بالمسألة الثانوية،  وإنما هو مدخل أساسي لتأهيل العنصر البشري والإرتقاء بقطاع الصيد، ومسايرة التطور الذي يعرفه المجال، الذي يشغل الآلاف من اليد العاملة والتقنيين من مختلف الأصناف، وتتبع المهنة البحرية إرتكازا على ضوابط صلبة ، إضافة الى الأهمية التي تكمن في في حماية العاملين في البحر، من جميع الأخطار المهددة لأمنهم الصحي والنفسي والجسدي كواجب اجتماعي.

ويطالب المتدخلون بتعزيز الحضور الطبي على مستوى الموانئ، خصوصا وأن المملكة تتوفر حاليا على عشرين وحدة صحية لرجال البحر، وعلى خبرة في ميدان الطب البحري، والمطلوب اليوم هو وضع الآليات الكفيلة التي تمكن رجال الوزرة البيضاء من لعب أدوارهم الحقيقية في قطاع الصيد ، كما أن الإهتمام الذي أصبح يوليه المغرب للمجال الصحي ، يفرض اليوم إعتماد تخصصات على مستوى كليات الطب بالبلاد موجه للطب البحري ، بالنظر للإمتداد الساحلي للمملكة، والنشاط المتزايد للملاحة البحرية وقطاع الصيد وتربية الأحياء المائية والغطس المهني في قطاع الصيد .

ويوصي المهتمون بتوفير تكوينات متخصصة للأطر الطبية في المجال البحري،  بإعتبارها ستضمن فتح أوراش الصحة البحرية، والتعاطي معها بالكثير من الدقة على مستوى المفهوم ، كما سيضع حدا للمشاكل والتحديات التي تواجه الأطباء بالنظر لإختلاف المرجعيات والتكوينات الطبية، فضلا عن نقص التجهيزات وغياب الوحدات الصحية الكافية،  وهي كلها إكراهات وتحديات تعيق تطور الطب البحري بالمغرب، ومن المنتظر أن يتم تشريحها هذه التحديات ضمن لقاء العيون في أفق إعتماد توصيات بنيوية لتطوير قطاع الطب البحري بالمملكة .

إلى ذلك وحسب الموقع الرسمي لقطاع الصيد فقد شهد الطب الخاص برجال البحر تطورا ملحوظا موازاة مع برنامج إنجاز وحدات طبية بالموانئ الرئيسية للمملكة والتي من مهامها الأساسية، المراقبة الطبية للقدرة البدنية للبحارة الصيادين على مزاولة المهنة، وتقديم الإسعافات الأولية والوقاية من الأمراض المهنية. حيث يستجيب هذا الطب لإرادة تحسين الأوضاع الاجتماعية للبحارة، وكذا ضرورة المحافظة على جودة المنتجات البحرية، والتغلب على الإكراهات القانونية الدولية فيما يتعلق بالوقاية وصحة وسلامة الطاقم العامل على متن السفينة.

وتتوفر كل وحدة صحية لرجال البحر على طبيب وممرضين تابعين لوزارة الصحة تم وضعهم رهن إشارة قطاع الصيد البحري في إطار اتفاقية تعاون. كما يشدد نفس الموقع على أن صحة وسلامة البحار لهما ارتباط وثيق، نظرا لخطورة المهنة التي تعرض، بشكل دائم، الطاقم العامل على متن السفينة لأخطار الأمراض المهنية وحتى لحوادث الشغل. لذا من الواجب أن يتوفر مركبُ الصيد على التجهيزات الخاصة بالقواعد الأساسية للوقاية والسلامة، لضمان جودة المنتوج للمستهلكين وحماية صحة البحارة.

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا