جددت جمعية الأمل الوطنية لأرامل وأيتام البحارة مطالبها الموجهة للجهات المختصة، الداعية للكشف الفوري عن نتائج التحقيق في حادثة اختفاء مركب “بن جلون” ، مستعجلة تقديم توضيحات رسمية للرأي العام حول ظروف الحادث ومسار عمليات البحث والإنقاذ. كما دعت إلى فتح تحقيق برلماني مستقل لكشف ملابسات التعاطي مع مأساة فقدان 17 بحاراً مغربياً.
وقال الجمعية في بيانها “بقلوب دامية وضمائر مثقلة بالحزن والخذلان، تتابع جمعية الأمل الوطنية لأرامل وأيتام البحارة ببالغ القلق والاستياء استمرار صمت الجهات المسؤولة، وتجاهلها المؤلم لمطالب عائلات البحارة المفقودين في حادثة اختفاء مركب “بن جلون”، التي لا تزال تفاصيلها غامضة إلى حدود اليوم، رغم مرور أكثر من أربعة أشهر عن الكارثة التي هزت وجداننا الجماعي”.
وعبرت الجمعية في البيان الذي توصلت البحرنيوز بنسخة منه ، عن استيائها العميق من ما وصفته بـ”التجاهل” من طرف الجهات المعنية، محملة المؤسسات البحرية والإدارية، المسؤولية الكاملة عن ما اعتبرته الجمعية “إهمالاً ” في تدبير هذه الكارثة الإنسانية. حيث شدد البيان على ضرورة ضمان حقوق ذوي الضحايا، مع توفير الدعم النفسي والإجتماعي والإداري للأسر المنكوبة، خاصة الأرامل والأيتام الذين وجدوا أنفسهم وجهاً لوجه مع واقع مرّ خالٍ من أي دعم حقيقي أو متابعة جادة من الجهات المسؤولة. وإلى جانب المطالب الآنية، وجهت الجمعية نداءً من أجل إصلاح جذري لمنظومة السلامة البحرية ، وتفعيل آليات الإنقاذ والاستجابة الفورية للحوادث. فيما أكد البيان أن “كرامة البحار المغربي خط أحمر”، مضيفاً أن “دماء المفقودين أمانة في أعناق الجميع .. وأن زمن الصمت قد ولى”.
وكانت كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري قد أفادت مؤخرا في جواب على سؤال كتابي في الموضوع، للنائب البرلماني حسن أمربيط، عن فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أن جميع الفرضيات لا تزال قائمة، في انتظار نتائج التحقيقات الجارية لاسيما في غياب معلومات مؤكدة حول مصيرهم. إذ وبإستثناء العثور على عوامة يُرجّح انتماؤها للسفينة المفقودة، لم تُسفر التحقيقات الأولية عن أي دليل قاطع، حيث ذكرت كتابة الدولة أن فرضية الانقلاب المفاجئ للسفينة بسبب سوء الأحوال الجوية تبقى مرجحة، خصوصًا أن جهاز الإغاثة عبر الساتل لم يُفعّل تلقائيًا أو يدويًا، وربما لم يكن مثبتًا في مكانه المناسب خارج مقصورة القيادة.
ولم تُستبعد كتابة الدولة فرضية حدوث اصطدام بإحدى السفن التجارية، خاصة بالنظر إلى النشاط البحري الكثيف بالمنطقة. وقد تم تحديد سفينة تجارية كانت قريبة من موقع الحادث، ورُصدت لاحقًا بميناء روتردام الهولندي، إلا أن خفر السواحل لم يعثر على أي آثار تشير إلى اصطدام. كما تمت مخاطبة سلطات ليبيريا بشأن سفينة أخرى يُحتمل تورطها، غير أن مكتبها المختص في الولايات المتحدة أكد بدوره عدم وجود مؤشرات على وقوع اصطدام. وأكدت كتابة الدولة في ختام جوابها أن التحقيقات لا تزال جارية بموجب مقتضيات مدونة التجارة البحرية، عبر لجنة مختلطة تضم ممثلين عن المصالح المركزية والجهوية، ومركز تنسيق الإنقاذ البحري، وذلك لتحديد ظروف وأسباب اختفاء السفينة وطاقمها.(الاول)
إلى ذلك قال مصدر إداري محسوب على اللجنة المكلفة بالتحقيق في ملف إختفاء مركب الصيد الساحلي بالخيط بنجلون والتي تم تشكيلها في 25 من فبراير المنصرم ، قال أن التحقيقات سيتم الكشف عنها بعد إستكمال كل التحريات التي تلامس مختلف تفاصيل الواقعة، لاسيما وأن القانون المنظم يمهل اللجنة المختصة ستة أشهر كأقصى تقدير لإعداد محضر تحقيق بحري حول الحادثة. فيما اكد المصدر أن اللجنة تتعاطى مع الواقعة على أساس الفقدان في البحر. فيما تبقى السيناريوهات المحتملة محط تمحيص وتدقيق من طرف اللجنة، في إنتظار ما ستحمله التحقيقات المتواصلة من نتائج بخصوص النازلة.
وينظم المشرّع المغرب طريقة إشتغال اللجنة المذكورة ، حيث ينص الفصل 56-1 من القانون 46.12 الصادر في 2016 والذي يتمم ويغيّر الملحق الأول من الظهير الشريف الصادر في 31 مارس 1919 بمثابة مدونة التجارة البحرية، ينص وجوبا بعد كل حادثة بحرية تعرضت لها سفينة مغربية ودون الإخلال بالتحقيق القضائي عند «الاقتضاء، أن تشكل الإدارة المختصة، لجنة تدعى «اللجنة الإدارية للتحقيق البحري، تكلف بجمع كل المعلومات المفيدة وتحليلها، وبتحديد الظروف «والأسباب الفعلية أو الممكنة للحادثة ، وإذا لزم الأمر، ذلك إثبات كل إخلال بقواعد الملاحة والسلامة على متن السفن مع بيان إن «كانت الحادثة المذكورة تعزى إلى نية مقصودة أو إلى إهمال أو إلى جهل للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في مجال سلامة «الملاحة والأشخاص على متن السفن أو إلى أي سبب آخر. ويمكن لها أن توصي بكل إجراء مفيد قصد تفادي وقوع حوادث بحرية أخرى مماثلة.
ويشدد النص القانوني على وجوب تشكيل اللجنة المذكورة في أول ميناء مغربي تقصده «السفينة المعنية أو في ميناء تسجيلها عندما يستحيل إرجاعها إلى «المغرب» في السبعة (7) أيام من أيام العمل الموالية لتاريخ استلام تقرير «البحر المنصوص عليه في الفصل 56 من القانون المذكور، من قبل الإدارة المختصة أو في حالة غياب تقرير البحر في الخمسة عشر (15) يوما من أيام العمل الموالية لتاريخ علم الإدارة المذكورة بوقوع الحادثة البحرية. حيث تتألف كل لجنة من أعضاء يمثلون الإدارة المختصة تتوفر «فيهم الصفات والاختصاصات والكفاءات الضرورية في مجالات سلامة السفن والملاحة البحرية ، والأشخاص على متن السفن، وعند «الاقتضاء، من خبير أو عدة خبراء مختصين في المجالات المذكورة ينتمون إلى القطاع الخاص.
وتُؤهَّل اللجنة الإدارية للتحقيق البحري المشار إليها في الفصل 56-1 من القانون، لأغراض التحقيق، أن تطلب كل «المعلومات وأن تطلع على كل الوثائق المتعلقة بالحادثة. كما يمكن لها «أن تستمع إلى شهادات أعضاء الطاقم، وعند الاقتضاء، إلى كل شخص يكون «الاستماع إليه مفيدا حول ظروف الحادثة. حيث يترتب عن أشغال اللجنة المذكورة إعداد محضر تحقيق بحري «داخل أجل لا يمكن أن يتجاوز ستة (6) أشهر يحتسب ابتداء من تاريخ «تشكيلها، يوجه إلى الإدارة المختصة وعند الاقتضاء إلى كل شخص يقدم طلبا في هذا الشأن.
وأبحر مركب بن جلون يوم 7 فبراير 2025، قبل أن تتوقف إشارات جهاز التموقع بالأقمار الاصطناعية الخاص بها يوم 13 من نفس الشهر، ولم يتم التبليغ عن الحادث إلا بتاريخ 19 فبراير، حين عبّر مجهز السفينة عن قلقه بعد تجاوز الرحلة البحرية المدة المعتادة. وقد تم إشعار كافة السلطات والإدارات المعنية فور الإبلاغ، ليُباشر المركز الوطني لتنسيق الإنقاذ البحري عمليات تمشيط مكثفة في المنطقة المحتملة لوجود المركب، التي تقع على بُعد حوالي 55 ميلاً بحرياً غرب ميناء الداخلة، مستخدمًا وسائل بحرية وجوية تابعة لقطاع الصيد البحري، والبحرية الملكية، والدرك الملكي الجوي، كما تم إشراك سفن الصيد والتجارة العابرة في جهود البحث.