تواصل الحملة التحسيسية حول السلامة البحرية، التي تشرف عليها مندوبية الصيد البحري بأكادير بمعية مركز التأهيل المهني البحري، فعالياتها التوعوية بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها التوعوية والوقائية، مستهدفة البحارة والمهنيين بمختلف فئاتهم داخل نفوذ ميناء أكادير. وذلك في ظل التحديات المتنامية التي يواجهها قطاع الصيد البحري، سواء على مستوى شروط الإبحار أو الحفاظ على الأرواح والمعدات.
وامتدت الأنشطة الميدانية التي يقودها المرشد البحري الرامي طيرة بحماس وفعالية ، لتشمل فضاءات متعددة على مستوى ميناء أكادير مثل دار البحار، والوحدة الصحية لرجال البحر، لتشهد إقبالاً واسعاً وتفاعلاً ملحوظاً من قبل ربابنة المراكب، والشباب العاملين في القطاع، الذين تلقوا شروحات عملية حول الاستخدام السليم لأجهزة راديو بليز، كأحد الوسائل الحيوية في التواصل أثناء الإبحار، وركيزة أساسية في منظومة الإنقاذ عند الطوارئ.
وظل المرشد البحري يؤكد على ان السلوك الرشيد في البحر على مستوى السلامة البحرية، يبقى رهانا سلوكيا ومؤسساتيا، حيث تشكل هذه الحملة التحسيسية ، جزءاً من استراتيجية أوسع تروم إرساء ثقافة السلامة البحرية، كأولوية قصوى في قطاع الصيد، ليس فقط كمسؤولية مؤسساتية، بل كمبدإ سلوكي يتعين غرسه لدى كل بحار وصياد.
وتراهن الحملة التي إنطلقت قبل أيام من مركز التأهيل المهني البحري أغسديس ، على تعزيز الوعي بالمخاطر المرتبطة بالإبحار، خاصة في ظروف مناخية صعبة أو في غياب شروط السلامة. والتدريب على الاستخدام الفعّال لمعدات السلامة، مثل سترات النجاة، وأجهزة الراديو، والوسائل الملاحية الحديثة. ثم ترسيخ عادات وقائية يومية، بدءاً من فحص القوارب قبل الإبحار، مروراً بإعداد خطة الطوارئ، وصولاً إلى التواصل المنتظم مع الموانئ.
ويؤكد المشرفون على الحملة أن السلامة لا تبدأ في عرض البحر، بل في الرصيف وقبل الانطلاق، وأنها ترتبط بثقافة سلوك وتكوين مستمر، أكثر من ارتباطها بتجهيزات فقط. لدى تحاول الحملة مخاطبة الوعي الحماعي ، بما في ذلك التركيز على الأجيال الصاعدة حيث أن الرهان على الكفاءات البحرية الشابة لم يكن غائباً عن هذه المبادرة، فقد تم التركيز على إشراك شباب المهنة، خاصة حديثي الالتحاق بالميدان ، في الورشات الإرشادية، بما يعزز من قدراتهم ويحفز لديهم الشعور بالانتماء والمسؤولية.
كما أن إدماج مفاهيم السلامة في التكوينات الأساسية والمستمرة يمهد الطريق، نحو جيل من المهنيين أكثر استعداداً، وأشد التزاماً بقواعد الملاحة الآمنة، وهو ما يتقاطع مع مبدأ “السلامة من أجل التنمية” الذي تتبناه السياسات القطاعية الحديثة في الصيد البحري. لأن الحفاظ على السلامة في البحر ليس فقط حماية للأرواح، بل هو أيضاً رأس مال بشري حيوي في معادلة الاستدامة. فكل روح تُنقذ، وكل خطر يُتفادَى، هو ربح للمهنة والمجتمع والاقتصاد الوطني. ومن هنا، تأتي أهمية دمج السلامة البحرية في كل حلقات سلسلة الإنتاج، من الانطلاق إلى العودة، مروراً بعملية الصيد والتفريغ.