على بعد أيام من إنعقاد المجلس الإداري للمكتب الوطني للصيد المقرر الأسبوع القادم بالرباط، تجد كاتبة الدولة نفسها محاصرة بسؤال برلماني من طرف المعارضة الإتحادية ، التي تناولت أعطاب منظومة تسويق المنتوجات البحرية في المغرب، وما يرافقها من تدمر مهني متصاعد من طرف المهنيين والتجار والمجهزين، الذين يراهنون على مرحلة جديدة قوامها الإصلاح والحوار الاجتماعي البناء.
وأوضجت حنان فطراس عضو الفريق الإشتراكي / المعارضة الإتحادية بمجلس النواب في سؤال برلماني موجه لكاتبة الدولة ، أن من أبرز القضايا التي تؤرق الفاعلين في القطاع، يبقى تعثر إخراج المراسيم التطبيقية للقانون 14.08 المنظم لبيع السمك بالجملة. هذا القانون، الذي طال انتظاره منذ سنوات، يُنظر إليه حسب واضعة السؤال ، كأداة محورية لضبط السوق وضمان الشفافية، غير أن وعود التفعيل بقيت معلقة، ما عمّق الإحباط لدى شريحة واسعة من العاملين في القطاع.
كما يُسجَّل وفق ذات الشؤال البرلماني ، تأخر واضح في إخراج دفتر التحملات الخاص بتسيير سوق السمك بأكادير، أحد أهم المراكز الحيوية على المستوى الوطني. وقد طالبت عدة أصوات مهنية بإشراك الفاعلين الحقيقيين في بلورة هذا الدفتر، تفاديًا لإعادة إنتاج نفس الاختلالات التي وسمت تجارب سابقة.
وفي غياب هذا التنظيم الهيكلي، تستمر حالة العشوائية في تسويق المنتوجات البحرية تؤكد النائبة البرلمانية، حيث يُسجل تغوّل لافت للوسطاء والمضاربين، على حساب الشفافية والمهنية. هذا الوضع يُقوّض حقوق المجهزين والبحارة، ويُفرغ الإصلاحات المأمولة من محتواها، خاصة في ظل غياب تدخلات صارمة لضبط السوق.
وتتفاقم الأزمة أيضًا بسبب تردي البنيات التحتية في أسواق السمك بالموانئ، حيث يشتكي المهنيون بعدد من الأسواق من ظروف العمل الصعبة والافتقار إلى مقومات الجودة والسلامة، فضلًا عن تطبيق المراقبة الجمركية والضريبية بشكل غير متناسق، ما يُربك عمليات التسويق القانوني ويُضيف عبئًا جديدًا على الفاعلين الصغار.
ولا يقل خطورة عن ذلك تضيف النائبة، غياب الحماية الإجتماعية والتغطية الصحية لشريحة واسعة من المهنيين، لا سيما الفئات الهشة المرتبطة بسلسلة التسويق، وهو ما يُضعف مناعة القطاع في مواجهة الأزمات، ويُعمق هشاشة الوضع الاجتماعي لفئات واسعة.
وأمام هذا الواقع يضيف السؤال البرلماني ، ساءلت النائبة كاتبة الدولة عن الإجراءات العملية التي تعتزم الوزارة اتخاذها من أجل معالجة الاختلالات المتراكمة، والوفاء بالتزامات الإصلاح، بما يحفز القطاع على التطور ويُعيد الاعتبار لحقوق المهنيين ومكانة السوق الوطني. حيث الحاجة لرؤية متكاملة لتثمين المنتوج الوطني وتوجيهه نحو السوق الداخلي، في سياق من التنظيم والعدالة المجالية.
ويُطالب المهنيون بـإعادة فتح قنوات الحوار المؤسساتي بشكل منتظم وفعّال، بعيدًا عن المقاربة الفوقية، بما يضمن إشراكهم في اتخاذ القرار المتعلق بمستقبلهم المهني. كما يُلحون على عقد لقاء مباشر ومستعجل مع مسؤولي كتابة الدولة، لبحث خطة تُعيد الاعتبار لقطاع تسويق السمك وتُوقف النزيف الناتج عن المضاربات والاختلالات البنيوية.