رُصد يوم أمس الخميس على شاطئ مدينة أكادير نفوق ثلاث دلافين في ظروف لا تزال غامضة، وذلك على امتداد مواقع متفرقة من الشريط الساحلي، بمحاذاة المنافذ المعروفة بـ”باب 2″ و”باب 22″ و”باب 24″. وهي الوقائع التي وثقتها جمعية محبي البحر للصيد تحت الماء والمحافظة على البيئة، برفقة شركائها.
و أعادت هذه الوقائع التي هزت وجدان المهتمين بالشأن البيئي، أعادث إلى الواجهة مخاوف قديمة متجددة حول وضعية المنظومة الإيكولوجية البحرية على طول الساحل الأطلسي المغربي. حيث أكدت الجمعية، في بيان رسمي، أن وضعية الدلافين النافقة لم تكن طبيعية، مرجحة أن تكون الضحايا قد تعرضت لتأثيرات بيئية أو بشرية معقدة.
ومن بين أبرز الفرضيات المحتملة التي تداولها النشطاء تلوث المياه بزيوت صناعية أو بقايا محروقات، خاصة في ظل تزايد حركة الملاحة والنشاطات البحرية في المنطقة. وكذا الضجيج تحت الماء الناتج عن السفن أو الأنشطة الصناعية، والذي يُخلّ بالتواصل السمعي لدى الدلافين، ما قد يؤدي إلى ارتباكها أو اندفاعها نحو الشاطئ. كما نبهوا إلى الصيد العرضي بواسطة شباك غير قانونية عادة ما تحاصر هذه الكائنات في عمق البحر. دون إغفال التغيرات المناخية التي باتت تؤثر بدورها على درجات حرارة المياه والتيارات البحرية، مما يربك أنماط الهجرة والغذاء عند العديد من الأنواع البحرية.
إلى ذلك سجلت الجمعية في بلاغها أن الدلافين من الكائنات البحرية الحساسة والمحمية قانونيًا، نظرًا لدورها المحوري في التوازن البيولوجي للبحر. وتُعد هذه الثدييات من أكثر الأنواع عرضة للتأثر بالملوثات، خاصة الزيوت الطافية التي قد تلامس جلودها الرقيقة أو تدخل جهازها التنفسي أثناء صعودها إلى السطح لاستنشاق الهواء.
وفي تعليق على هذه الوقائع قال عثنان أبلاغ رئيس جمعبة محبي البحر للصيد تحت الماء والمحافظة على البيئة إن “نفوق الدلافين، خصوصًا في مواقع متعددة وبشكل متزامن، لا يمكن اعتباره حادثًا عرضيًا، بل هو على الأرجح نتيجة تراكمات ضغوط بيئية تفوق قدرة النظام البيولوجي على التحمل”. وأشار في ذات السياق إلى أن “الدلافين تُعد من الكائنات البيئية الدالة، أي أن حالتها الصحية تعكس بشكل مباشر سلامة الوسط البحري ككل. ولذلك فإن أي خلل في توازنها مؤشر على تدهور أوسع يشمل جودة المياه، تنوع الغذاء، ونسب التلوث
وكانت الجمعية قد دقت ناقوس القلق في بلاغها الصحفي مؤكدة أن صغار الدلافين أكثر هشاشة في مواجهة المخاطر، وقد يؤدي التعرّض المباشر للمخلفات السامة إلى اضطرابات في النمو، أو نفوق مبكر نتيجة تسمم أو اختناق. حيث دعت الجمعية أمام هذا التطور المقلق، إلى فتح تحقيق بيطري وبيئي مستعجل، من أجل تحديد الأسباب الدقيقة وراء النفوق، مع ضرورة إشراك مراكز البحث العلمي وخبراء الأحياء البحرية في تحليل العينات وجمع البيانات الميدانية. كما طالبت الجمعية بـ تعزيز آليات المراقبة البيئية على طول الساحل، وتكثيف المراقبة البحرية للأنشطة الملوثة أو غير القانونية.
وطالبت الجمعية المواطنين والمصطافين بعدم لمس الكائنات النافقة والتبليغ الفوري عند معاينة حالات مماثلة، مشددة على أن “حماية البحر ليست ترفًا ولا شأنًا مؤسساتيًا فقط، بل مسؤولية جماعية يتقاسمها الجميع” فيما ختمت الباغ برسالة واضحة تفيد ” إن نفوق الدلافين هو جرس إنذار بيئي علينا الإصغاء له قبل فوات الأوان.”