وسط تزايد مظاهر القلق المهني والاجتماعي، وارتفاع حدة التوتر في أوساط الصيادين الساحليين، وجّهت جمعيات بحارة ميناء الوطية بطانطان نداءً مستعجلاً إلى كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، مناشدين التدخل العاجل لفتح المنطقة البحرية المغلقة غرب طانطان. المطلب، الذي حملته مراسلة موقعة من طرف الكنفرالية الوطنية للصيد البحري بالمغرب و”جمعية النورس للبحارة وربابنة الصيد الساحلي” لتعزز مراسلات سابقة في ذات الموضوع، في ظل ما وصفه المهنيون بـ”الوضعية الحرجة” التي تنذر بـ”سكتة مهنية واجتماعية حقيقية”.
ويطالب البحارة والربابنة بفتح منطقة بحرية تعادل 28 ميلا بحريا الممتدة بين الإحداثيتين: 28.03.000 / 012.19.000 و 28.09.000 / 012.55.000W أمام مراكب الصيد، وهي منطقة يرى فيها المهنيون امتداداً استراتيجياً لا غنى عنه في هذه المرحلة من الموسم الصيفي، خصوصاً مع تراجع نشاط السردين في المصايد المفتوحة، وارتفاع ضغط الأسطول على نطاقات محدودة لا تتجاوز، بحسبهم، 23 ميلاً بحرياً، بعد اقتطاع المسافة المخصصة للمحميات البحرية شمال وجنوب الميناء.
وعبرت كل من الكونفدرالية و الجمعية في مراسلتهما عن واقع مهني بات خانقاً، قوامه ارتفاع التكاليف، ضعف المصايد، تراكم الديون، وانسداد الأفق بشكل أثر بشكل سلبي على مداخيل البحارة على ابواب الذخول الإجتماعي الجديد. ووفقًا لما ورد في المراسلة: “عشرة أميال غرب طانطان، في أغلبها، مناطق صخرية غير صالحة للصيد”، وهو ما يجعل المجال المتاح اليوم غير كافٍ لاستيعاب أزيد من 100 مركب سردين مرخص له بالنشاط من الميناء.
ويؤكد البحارة والربابنة أن السردين في هذا التوقيت من السنة “يتجه نحو الشاطئ وليس العكس”، في إشارة إلى ضرورة توسيع مجال الصيد لمواكبة تحركات الأسماك. ويستندون في ذلك إلى خبراتهم اليومية وتقارير الربابنة التي “قد تُغني عن بعض التقديرات العلمية الموسمية”، على حد تعبيرهم، مطالبين بإشراكهم الفعلي في منظومة اتخاذ القرار.
ورداً على هذه المطالب، باشرت الإدارة الوصية في وقت سابق سلسلة من الرحلات التقييمية والإختبارية في المنطقة المعنية، عبر مراكب مهنية محمّلة بملاحظين من المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري. وقد دشن هذه الرحلات مركبا “تثبيرت” و”سيف الإسلام”، ضمن عملية ميدانية امتدت لأسبوع، وشهدت انخراط 16 مركباً. حيث إستهدفت هذه الرحلات جمع بيانات دقيقة حول وفرة المخزون السمكي، وظروف المصيدة، ومدى احترامها للمعايير البيولوجية والتشريعية. غير أن بعض المصادر المهنية أكدت أن النتائج الأولية “لم تكن مشجعة”، دون الكشف بعد عن التبعات الرسمية لهذه الحملة.
ويبقى الإغلاق الحالي سارٍ إلى غاية 11 دجنبر 2025، إلا أن آمال المهنيين معلقة على مراجعة مبكرة تستند إلى نتائج هذه الرحلات التقييمية، أو على الأقل، اتخاذ قرار مرحلي يسمح بتوسيع نطاق الصيد جزئياً لتخفيف الضغط عن المصايد المفتوحة.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الأصوات الداعية إلى “مقاربة أكثر مرونة” في تدبير المناطق المغلقة، تجد كتابة الدولة نفسها أمام معادلة صعبة، كيف توازن بين المحافظة على التوازن البيولوجي للثروة السمكية من جهة، وضرورة إنعاش الدورة الاقتصادية في مدن الصيد من جهة أخرى، خاصة في مناطق مثل طانطان التي يعد قطاع الصيد رافدا اساسيا ضمن الإقتصاد المحلي .
يذكر أن من بين النقاط المركزية التي حملتها المراسلة، دعوة البحارة إلى برمجة لقاء عاجل ومباشر مع السيدة كاتبة الدولة، لتدارس الوضعية “قبل فوات الأوان”، مؤكدين أن “القطاع برمته، وليس فقط طانطان، يمر من مرحلة دقيقة تتطلب قرارات واقعية وتشاركية.