يحذّر خبراء ونشطاء بيئيون، على المستويين الوطني والدولي، من المخاطر المتنامية للترسبات الحيوية على أجسام السفن التجارية، باعتبارها واحدة من أبرز القنوات التي تساهم في نقل الكائنات المائية الغازية إلى بيئات جديدة. هذه الترسبات، إلى جانب مياه الصابورة التي تعتمدها السفن التجارية للحفاظ على توازنها، تشكّل بوابة خفية لعبور كائنات دقيقة وكبيرة إلى السواحل المغربية، حيث تستقر وتبدأ في منافسة الأصناف المحلية.
ويرى باحثون أن “النقل الخفي” للكائنات البحرية عبر أبدان السفن أو مياه الصابورة أصبح من بين التحديات البيئية الكبرى، إذ تشير ان مجموعة من الأنواع الغربية قد وصلت إلى السواحل المغربية بهذه الطريقة في السنوات الآخيرة. فمع كل رحلة بحرية، يمكن أن تُسحب كائنات صغيرة مع مياه الصابورة ليتم إطلاقها في محيط جديد كليًا عند تفريغ الخزانات، ما يفتح الباب أمام تغيرات بيئية يصعب التحكم فيها.
وكشفت دراسة حديثة، كان قد أنجزها فريق من العلماء المغاربة والدوليين ونشرت في مجلة متخصصة بالعلوم البحرية المتوسطية، أن 46 نوعًا على الأقل من الكائنات البحرية تعتبر وافدة، بينما تم تصنيف 15 نوعًا كأصناف متوسعة، وتسجيل 12 نوعًا باعتبارها كائنات غازية قادرة على التأثير المباشر في التنوع البيولوجي البحري المحلي.
وتوضح الدراسة أن البحر الأبيض المتوسط المغربي يمثل المنطقة الأكثر عرضة لانتشار هذه الأصناف بنسبة 77%، مقارنة بالمحيط الأطلسي الذي سجل نسبة 69%. كما توزعت الكائنات الوافدة بين أنواع نباتية (19 نوعًا) ورخويات (8 أنواع) وقشريات (7 أنواع) وكائنات لواسع شبيهة بقناديل البحر (5 أنواع) وأسماك (3 أنواع)، إلى جانب مجموعات أخرى أقل عددًا.
ومن بين أبرز الاكتشافات التي وصفتها الدراسة بـ”الجديدة”، رصد نوع من قناديل البحر يُعرف بـ Phyllorhiza punctata أو “قنديل البحر ذو النقاط البيضاء”، وهو كائن استوائي دافئ الأصل من المحيط الهادئ الغربي، يشكل ظهوره في مياه المتوسط المغربي مؤشرًا على التحولات البيئية الخطيرة المرتبطة بالتغير المناخي والنقل البحري.
ويرى مراقبون أن هذه النتائج تضع المغرب أمام تحديات مضاعفة، ليس فقط على مستوى حماية التنوع البيولوجي البحري، بل أيضًا في ما يخص التدبير المينائي ومراقبة حركة السفن. فالمطلوب اليوم، وفق فعاليات بيئية، هو تعزيز آليات المراقبة الصارمة لمياه الصابورة، وتطوير بروتوكولات وطنية للحد من مخاطر الكائنات الغازية، بما ينسجم مع الالتزامات الدولية لحماية النظم الإيكولوجية البحرية.