تتصاعد المخاوف في الأوساط المهنية المرتبطة بالصيد التقليدي، إثر تكرار وقائع سرقة قوارب لاسيما من نوع “الشكادة” كان آخرها محاولة سرقة قارب الصيد “مروة” من ميناء الجرف الأصفر والإنطلاق به نحو سواحل الجديدة قبل إعتراضه من طرف الدرك البحري، وهي حوادث باتت تثير العديد من علامات الاستفهام، وسط اتهامات لم يسلم منها مجهزو القوارب.
مخاوف متجددة وسط إتهامات تطارد المجهزين
سجلت مجموعة من الموانئ في السنوات الآخيرة وقائع متفرقة، تهم إختفاء قوارب في ظروف غامضة ، خصوصا وأن هذه القوارب وصل كثير منها للمياه الإسبانية ، في مشهد وثقته الكاميرات وتناولته الصحافة المغربية والإسبانية ، وهو ما جعل تكرار هذه الحوادث يثير الكثير من الشبوهات حول طريقة الحصول على هذه القوارب وسرقتها من داخل الموانئ، حتى ان البعض أشار بأصابع الإتهام إلى وجود تسهيلات تتيح لشبكات التهريب الحصول على القوارب، بما في ذلك حديث البعض عن وجود تواطؤ محتمل بين بعض مجهزي القوارب وشبكات التهريب، مقابل عمولات مالية تختلف قيمتها بحسب جودة القارب وصلاحيته للإبحار.
ورغم هذه الاتهامات، يقلل عدد من المهنيين من صحتها، مؤكدين في تصريحات متطابقة لموقع “البحرنيوز” أن غالبية المجهزين لا يمكن أن يخاطروا بإسمهم ولا بمصدر رزقهم الأساسي وإستثمارهم، من أجل الانخراط في عمليات غير قانونية قد تنتهي بعقوبات مشددة، تصل أحياناً إلى سحب رخصة الصيد.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن هناك شبكات متخصصة تترصد قوارب “الشكادة”، وتعمل على جمع معلومات دقيقة حولها، من حيث أماكن توقفها، ونقاط رسوها، وحتى أفراد طاقمها. وغالباً ما يتم تجنيد شخص مقرب من الطاقم أو معتاد على التواجد بالقارب، لتسهيل الاستيلاء عليه دون إثارة الشكوك. وتتم بذلك عمليات الإبحار وكأنها طبيعية، ما يفسر نجاح عدد من السرقات سواء داخل الموانئ أو في نقاط الصيد.
وفي مواجهة هذا الوضع، يشدد الفاعلون على ضرورة التنسيق بين مختلف المتدخلين، وتكثيف الحملات الأمنية والتمشيطية في الموانئ المستهدفة، وكذا تعزيز المراقبة في نقاط الصيد. كما يتطلب الوضع الكثير من اليقظة وكذا الإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة أو محاولات اختراق مشكوك فيها.
بين فقدان القارب والمساءلة القانونية
ويجد أصحاب القوارب المسروقة أنفسهم في موقف حرج، فهم بين مطرقة الخسارة المالية وفقدان مصدر الرزق، وسندان المساءلة القانونية، خصوصاً إذا استُعمل القارب في أنشطة مشبوهة، كالهجرة السرية أو تهريب المخدرات. وفي مثل هذه الحالات، يخضع المجهز لتحقيقات قضائية، ويضطر للدفاع عن نفسه ورفع الشبهات عنه. أما إذا تم العثور على القارب بعد وصوله للضفة الأخرى اوحجزه في عملية مشبوهة، فإن استرجاعه يتطلب صدور حكم قضائي، وهي مسطرة معقدة وطويلة، تزيد من الخسائر، في غياب أي تأمين يغطي مثل هذه الحوادث.
ويطرح المهنيون تساؤلات ملحة حول دور غرف الصيد، والكونفدراليات المهنية، والمجتمع المدني، في الدفاع عن مصالحهم، وتبرئة قطاع الصيد التقليدي من تهمة التورط في الهجرة السرية. كما يرون أن قضية البحارة الذين تُسرق قواربهم وتُستخدم في عمليات غير شرعية، تحتاج إلى معالجة جذرية وحلول عملية تنهي معاناتهم.
حراسة القوارب في مرمى الهيكلة والتنظيم
وفي سياق متصل، جاء مشروع مرسوم جديد لتطبيق أحكام المادتين 12 و91 من القانون 71.18 الخاص بشرطة الموانئ، ليضع إطاراً تنظيمياً لحراسة قوارب الصيد داخل الموانئ. ويُلزم المشروع المجهزين بتعيين حارس أو أكثر لكل مجموعة قوارب، على ألا يتجاوز العدد المسموح به، مع إشعار قبطانية الميناء بالبيانات الكاملة للحراس المعنيين.
كما يخضع تعيين الحراس لإذن إداري تسلمه السلطات المحلية، بعد تقديم طلب من مجهز القارب، وتُسند إلى الحراس مهام تشغيل القوارب عند الحاجة، تحت إشراف القبطانية. وينص المشروع أيضاً على ضرورة حمل الحارس لشارة تعريفية، تُسلم من طرف إدارة الميناء، تحدد هويته وطبيعة مهامه. ويبرز المشروع أهمية الكفاءة لدى حراس القوارب، مشدداً على حاجتهم لتكوين مستمر يؤهلهم للتعامل مع التحديات الأمنية والتقنية التي قد تظهر.
وفي ظل تزايد الحوادث، أصبحت ضرورة تأطير وتكوين الحراس أمراً ملحاً، لضمان أمن وسلامة القوارب والموانئ. كما يُطالب الفاعلون بإعادة الاعتبار للحراس كمهنة أساسية في سلسلة الصيد البحري، وتحسين أوضاعهم الاجتماعية، حيث يتقاضى معظمهم أجوراً زهيدة تُحدد غالباً وفق مزاج المجهزين. وهنا يُطرح مطلب هيكلة المهنة داخل تعاونيات أو تنظيمات مينائية تمثلهم وتدافع عن حقوقهم، وفق دفاتر تحملات واضحة.