في ظل التحديات البيئية المتزايدة التي تهدد استدامة النظم الإيكولوجية البحرية، أطلق مهنيّو الصيد الساحلي صنف الجر بميناء العرائش نداءً موجهاً إلى السلطات المختصة، وعلى رأسها مندوبية الصيد البحري والوكالة الوطنية للموانئ، مطالبين بإجراءات ميدانية عملية لتيسير عملية التخلص من كميات كبيرة من الغراريف البلاستيكية التي تعلق بشباكهم خلال رحلات الصيد اليومية.
وأكدت مصادر مهنية من داخل القطاع، أن الوعي البيئي بات يشكل جزءاً أساسياً من ثقافة البحارة والمهنيين، حيث لم يعد ممكناً الاكتفاء بالحملات التحسيسية والشعارات، دون ترجمة هذه المبادرات إلى فعل واقعي ينعكس على نظافة السواحل وصحة النظم البيئية البحرية. وطالب المهنيون بتوفير شاحنة خاصة لتجميع النفايات البلاستيكية والغراريف، على أن تكون متمركزة بشكل دائم قرب الأرصفة البحرية، بما يضمن التخلص السريع والفعال من هذه المخلفات دون التأثير على سير عمل المراكب.
وشددت ذات المصادر في تصريحات متطابقة للبحرنيوز ، على أن الكميات الكبيرة من الغراريف البلاستيكية التي يتم انتشالها من قاع البحر، تعود في الأصل إلى استعمالها العشوائي سابقاً في صيد الأخطبوط، خاصة بسواحل القنيطرة ومولاي بوسلهام. وأوضحت أن الصيادين التقليديين في تلك المناطق، بدأوا منذ حوالي ثلاث سنوات في اعتماد “الغراريف الطينية” كبديل بيئي مستدام، ما ساهم في تقليص حجم التلوث في هذه السواحل مقارنة بالمناطق التي لا تزال تعتمد على الغراريف البلاستيكية. ويعتبر هذا التحول نحو حلول صديقة للبيئة خطوة مهمة في اتجاه الحد من التأثيرات السلبية للممارسات غير المستدامة في قطاع الصيد البحري، خصوصاً مع ما تسببه الغراريف البلاستيكية من تهديد مباشر للثروة السمكية وتوازن النظم الإيكولوجية.
ويأمل المهنيون في العرائش، الذين يعكسون اليوم درجة متقدمة من الالتزام والمسؤولية البيئية، في تجاوب الجهات المسؤولة مع مطالبهم، من خلال وضع آليات دائمة ومستمرة للتعامل مع هذه النفايات، ودعم جهود البحارة في تنظيف السواحل والمساهمة في محاربة التلوث البحري. ويرى الفاعلون المحليون أن التحدي البيئي الراهن يتطلب تنسيقاً فعّالاً بين الإدارة والمهنيين، وتعزيز ممارسات مستدامة تحمي البيئة البحرية وتضمن استمرارية الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
وكانت دراسة أصدرتها مؤسسة “بيغ ثينك” للاستطلاعات، قد أظهرت أن 2 في المائة من جميع معدات الصيد المستخدمة في جميع أنحاء العالم، تؤدي إلى تلويث المحيطات والبحار، حيث إن حجم خيوط شباك الصيد التي يتم التخلص منها في المياه المالحة، يمكن أن تدور حول الأرض أكثر من 18 مرة. وخلصت الدراسة التي أجرتها مؤسسة “بيغ ثينك” بسبعة من أكبر دول العالم في الصيد البحري، ضمنها المغرب، خلصت إلى أن كمية الشباك التي تتناثر في المحيط كل عام، تشمل 740000 كيلومتر من الخيوط الطويلة، وما يقرب 3000 كيلومتر مربع من الشباك الخيشومية ، و218 كيلومترا مربعا من شباك الجر و75000 من الشباك السينية.
كما يفقد الصيادون وفق ذات الدراسة، أكثر من 25 مليون وعاء ومصيدة، وحوالي 14 مليار خطاف طويل كل عام. حيث تغطي هذه التقديرات مصايد الأسماك التجارية فقط، ولا تشمل كمية خيوط الصيد وغيرها من المعدات التي فقدها الصيادون الترفيهيون. فيما قدرت الدراسة أن ما بين 1.7 في المائة و 4.6 في المائة من جميع النفايات البلاستيكية البرية تنتقل إلى البحر. ما يجعل من المحتمل أن تتجاوز هذه الكمية معدات الصيد المفقودة.
ويمكن أن تتسبب معدات الصيد المفقودة، والمعروفة بإسم معدات الصيد الشبحية، في أضرار اجتماعية واقتصادية وبيئية جسيمة. حيث تشير التقديرات إلى أن مئات الآلاف من الحيوانات تموت كل عام من الصيد غير المتعمد في شباك الصيد. ويمكن أن تستمر الشباك المهجورة في الصيد العشوائي لعقود، خصوصا وأن معدات الصيد هي مصممة اساسا لصيد الحيوانات ، ما يؤكد أنها أكثر أنواع التلوث البلاستيكي إضرارًا بالبيئة. إذ تشير الدراسة أن 2 في المائة من من جميع معدات الصيد المستخدمة في جميع أنحاء العالم، تؤدي إلى تلويث المحيطات والبحار.