شدد فاعلون بواحثون ومختصون المشاركون في ندوة علمية نظمت ضمن النسخة الولى لمنتدى “CASAMAR – دار البحر”، على أهمية ربط حماية البيئة البحرية بالتخطيط الترابي المستدام والعدالة المجالية، مؤكدين أن التنمية البيئية لا يمكن أن تتحقق إلا بتكامل الأدوار بين مختلف الفاعلين والقطاعات.
و جمعت هذه الندوة نخبة من الدكاترة والمتخصصين في قضايا البيئة البحرية، إلى جانب مسؤولين ورؤساء مصالح وفاعلين جمعويين، في خطوة جماعية لتشخيص أبرز التحديات التي تواجه الساحل المحلي وبلورة حلول واقعية ومستدامة. حيث ركزت هذه الندوة، التي تأتي في إطار دينامية مواطِنة تهدف إلى تحفيز الحوار البيئي على المستوى المحلي، على مشكلات بيئية ملحة، في مقدمتها تلوث الشواطئ بالنفايات البلاستيكية، وتراجع بعض الموارد البحرية نتيجة الاستغلال المفرط والتغيرات المناخية، بالإضافة إلى ضعف الوعي البيئي، خاصة في ما يتعلق بالتربية البيئية داخل المؤسسات التعليمية والمجتمع المحلي.
خلصت أشغال الندوة إلى مجموعة من التوصيات العملية التي تروم تعزيز حماية الساحل المحلي، وتنمية الاقتصاد الأزرق، ضمنها التأكيد على حماية وتثمين التراث البحري، من خلال اعتماد معلمة “كاسامار” كنموذج رمزي يعكس ذاكرة البحر وهوية المدينة. والدعوة إلى تأهيل شاطئ كاسامار للظفر بعلامة اللواء الأزرق، كرمز دولي يعكس جودة البيئة الساحلية والنظافة والسلامة. مع التشديد على دعم وتكوين تعاونيات الصيد البحري في مجالات التثمين، والحفاظ على البيئة، والتدبير المستدام للثروات البحرية.
كما أكد المشاركون على أهمية تعزيز التربية البيئية في المناهج الدراسية والأنشطة الجمعوية، لغرس ثقافة الاستدامة في نفوس الأجيال الصاعدة. والتوصية بتشجيع المبادرات الشبابية المهتمة بحماية السواحل والتنوع البيولوجي، وتوحيد الجهود بين الجمعيات المحلية. مع تحفيز الابتكار المحلي في مجالات إعادة التدوير والاقتصاد الأزرق، كرافعة للتنمية المستدامة. وتعزيز آليات المراقبة البيئية وحماية التنوع البيولوجي البحري من التدهور. والذعوة إلى نقل التجارب الناجحة في مجال الطاقة النظيفة وإعادة التدوير من جهات أخرى لتكييفها محلياً.
و بحسب تقارير دولية، يتم إلقاء أكثر من 8 ملايين طن من البلاستيك سنويًا في المحيطات، ما يجعل البحار مهددة بفقدان تنوعها البيولوجي، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 90% من الطيور البحرية ابتلعت نفايات بلاستيكية مرة واحدة على الأقل في حياتها. أما على المستوى الوطني، فيكشف تقرير للوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة أن 70% من النفايات التي يتم جمعها في الشواطئ المغربية ذات أصل بلاستيكي، وهو ما يستدعي مبادرات محلية قوية مثل منتدى “CASAMAR – دار البحر”.
وشكلت النسخة الأولى من منتدى “CASAMAR – دار البحر” المنظمة من طرف جمعية أجيال للتربية والبيئة بشراكة مع جمعية محبي البحر للصيد تحت الماء والمحافظة على البيئة ، منصة فريدة للاحتفاء بالبيئة البحرية وتعزيز قيم التنمية المستدامة في المناطق الساحلية بجنوب المملكة. حيث نظم المنتدى من طرف جمعية أجيال للتربية والبيئة، بشراكة مع جمعية محبي البحر للصيد تحت الماء والمحافظة على البيئة، وبدعم من عمالة إقليم طرفاية والمجلس الجماعي للمدينة، ما يعكس قوة التعاون المؤسساتي في خدمة القضايا البيئية. وتزامنت فعاليات المنتدى مع الاحتفالات الوطنية بذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب، مما أضفى على التظاهرة بعدًا رمزيًا يعكس التزام الشباب المغربي بالمحافظة على البيئة وصون الثروات الطبيعية.
وتميز المنتدى المدعّم من عمالة إقليم طرفاية والمجلس الجماعي للمدينة ، بحضور لافت، خاصة من فئة الأطفال والشباب، حيث شارك أكثر من 800 مستفيد في ورشات تربوية وترفيهية وعلمية طيلة أيام المنتدى. وشملت الأنشطة تجارب ميدانية في الغوص، ورشات توعوية حول آثار التلوث والنفايات البحرية، والتعرف على التنوع البيولوجي البحري، بالإضافة إلى ورش إعادة التدوير والفنون البيئية. ومن أبرز محطات المنتدى، ورشة “أجيال منقذي الحياة البحرية”، التي عرفت إقبالاً خاصًا، واستهدفت ترسيخ قيم حماية الكائنات البحرية وتحفيز الأطفال على لعب دور سفراء بيئيين داخل مدارسهم وأحيائهم.
ويطمح منتدى “CASAMAR – دار البحر” إلى أن يتحول إلى موعد سنوي قارٍّ، يسهم في ترسيخ ثقافة الاستدامة، ويواكب الاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة البحرية. كما يؤكد القائمون عليه أن حماية البيئة مسؤولية مشتركة تتطلب تكاملاً حقيقياً بين المؤسسات العمومية، المجتمع المدني، والمواطنين، من أجل مستقبل بيئي أكثر توازناً وعدالة.