شهد ميناء أصيلة خلال الآونة الأخيرة انتشارًا واسعًا للأعشاب والطحالب البحرية، ما أدى إلى انبعاث روائح كريهة نفاذة داخل الميناء ومحيطه، وتسبب في اضطراب ملحوظ لنشاط الصيد البحري، إضافة إلى تسجيل حالات نفوق في صفوف بعض الأسماك، وفق ما أكدته مصادر مهنية متطابقة بعين المكان.
وأكد مهنيون في تصريحات لجريدة “البحرنيوز” أن هذه الظاهرة ناتجة عن تراكم الطحالب والأعشاب البحرية في قاع الحوض المينائي والساحل المجاور لمدينة أصيلة، بفعل التيارات البحرية القوية التي عرفتها المنطقة خلال شهري غشت وبداية شتنبر. هذا التحول المفاجئ في الوسط البحري أسفر عن انتشار كثيف ومقلق لهذه الكائنات البحرية، التي وصلت في بعض المناطق إلى أكوام يتجاوز ارتفاعها المتر، ما جعل عدداً من المهنيين يدقون ناقوس الخطر، محذرين من كارثة بيئية وشيكة.
ويكمن الخطر، حسب نفس المصادر، في أن هذه الأعشاب والطحالب تلعب دوراً بيئياً محورياً في تصفية مياه البحر من الملوثات، كما تسهم في إنتاج نسب مهمة من الأوكسجين، غير أن تراكمها بهذا الشكل المفاجئ والمفرط يُعد مؤشراً على اختلال بيئي يهدد التوازن الطبيعي في السواحل المحلية. ويمتد تأثير هذا الوضع إلى مهنيي الصيد التقليدي، الذين باتوا يعانون من التصاق الطحالب بأدوات الصيد، ما يعرقل نشاطهم اليومي داخل الحوض، خصوصاً مع تزايد الكتل النباتية البحرية التي تظل عالقة بالمياه لفترات طويلة، مسببة مادة لزجة ذات رائحة نفاذة تنتشر بفعل التيارات المائية والهوائية على امتداد الشريط الساحلي، ما شوّه جمالية الشاطئ وأدى إلى تراجع الإقبال عليه.
وترى المصادر المهنية أن هذه الوضعية مرتبطة بغياب بعض الأنواع البحرية التي كانت تساهم في التحكم الطبيعي في انتشار هذه الطحالب، ومن بينها جراد البحر الذي تعرّض للاستنزاف نتيجة استخدام معدات صيد محظورة، بالإضافة إلى اختفاء أنواع أخرى مثل سمك “الزنان” المعروف محلياً بـ”البغيلة” أو “علايجا” في الجنوب، والدوراد الملكي، وهي أصناف كانت تشكل عناصر رئيسية في السلسلة الغذائية وتساهم في الحد من تكاثر هذه النباتات البحرية.
وفي ظل هذا الوضع، اضطر العديد من مهنيي الصيد إلى تغيير مسار رحلاتهم نحو مناطق تبعد أكثر من ميلين بحريين عن الساحل، تفادياً لالتصاق الطحالب بشباكهم، ما يؤثر سلباً على مردودية رحلاتهم اليومية. كما يضيف هذا العبء البيئي عائقاً آخر أمام المصطافين الذين يقصدون شواطئ المدينة، والذين يجدون أنفسهم أمام مشهد بيئي غير جذاب، ينعكس سلباً على صورة أصيلة كوجهة سياحية.