صغار الأنشوبا تهدد سواحل أكادير بأزمة بيئية .. فمن يوقف العبث؟

حذر فاعلون محليون بميناء أكادير من سلوكيات بيئية خطيرة تهدد المنظومة الإيكولوجية البحرية للسواحل المحلية، نتيجة قيام بعض المراكب بالتخلص من كميات كبيرة من الأسماك السطحية الصغيرة التي لا تستوفي شروط الحجم التجاري، وذلك على مقربة من الميناء، تفادياً للعقوبات الإدارية. ووصفت تصريحات متطابقة هذا السلوك بغير المسؤول، لما له من أثر بالغ على استدامة المصايد وتهديد مباشر للتوازن البيئي البحري.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي في منتصف زوال اليوم السبت، صورا وفيديوهات لعدد من المراكب ، تم التأكيد ضمن التعاليق المرافقة للفيديوهات، أن هذه المراكب محملة بالأطنان من أسماك الأنشوبا دون الحجم القانوني، رفضت الإدارة السماح بتفريغها، وهو ما يؤكد حجم القلق ، سواء على مستوى المصيدة، أو على مستوى السواحل المحلية التي ستستقبل مئات الإطنان من الأسماك النافقة، في مشهد بات يتكرر كثيرا بالمنطقة.

ووفق ما أكدته مصادر نقابية من داخل الميناء، فإن عدداً مهماً من المراكب بات ينتهج أسلوب التربص قرب الميناء والتأخر المتعمد في التصريح، بهدف التحايل على الجهات المختصة وتفريغ مصطاداتها، خصوصاً من سمك الأنشوبا، دون احترام للحد الأدنى القانوني للحجم. وهو تصرف اعتبرته ذات المصادر منافياً كلياً للقانون ولأخلاقيات الصيد، مطالبة بتطبيق مبدأ المساواة في الخضوع للضوابط المنظمة لهذا القطاع. كما أشارت المصادر إلى أن هذه الممارسات لا تقتصر فقط على الصيد غير المشروع، بل تمتد لتشمل العودة إلى نقاط قريبة من الميناء لتفريغ الأسماك المخالفة، ما يفاقم من الأضرار البيئية الناجمة عن الظاهرة.

وقد عبّر بحارة ونقابيون عن استيائهم من هذا الوضع، معتبرين أن ما يجري يشبه “لعبة القط والفأر” بين المخالفين والمراقبين، ويتسبب في إرهاقهم جسدياً ومادياً، سواء من خلال عمليات الصيد نفسها أو من خلال الانتظار الطويل أثناء العودة والتفريغ. وفي السياق ذاته، تطالب أصوات مهنية بضرورة منع المراكب من العودة إلى البحر بعد رسوها قرب الميناء، خصوصاً في ظل ازدياد كميات الأسماك النافقة التي تلفظها الأمواج على الشواطئ شمال الميناء، وما تسببه من أضرار بيئية مستفحلة.

ودعت أطراف مهنية إلى تحميل الربابنة مسؤولياتهم الكاملة تجاه المخالفات، باعتبارهم مدركين تماماً لطبيعة المصطادات ومطابقتها للقانون من عدمه. وفي هذا الإطار، تتعالى الأصوات المنادية بتفعيل الآليات الزجرية ضد الربان باعتباره الفاعل الأساسي في هذه الممارسات، مع ضرورة تفعيل القانون بما يكفل ردع من يتسببون في اختلال التوازن الطبيعي للمصايد.

وفي المقابل، لم تُعفَ الإدارة الوصية من المسؤولية، إذ أشار المتدخلون إلى تقصيرها في بلورة حلول ناجعة تمنع استمرار هذه الظواهر، لاسيما أن الإجراءات العقابية المعتمدة حتى الآن لم تحقق الأثر المطلوب. ويطرح تأخر الوزارة في معالجة إشكالية تغيير معيار الحجم التجاري من الوزن إلى القياس تساؤلات مشروعة، خاصة في ظل احتجاجات بعض الربابنة الذين يبررون المخالفات بتغير حجم الأسماك بين الصيد والتفريغ. وهو تأخر اعتبره العديد غير مبرر، خصوصاً بعد مرور شهور طويلة من النقاش في ظل وضعية حرجة تمر بها المصايد.

ويفرض السياق الحالي مراجعة جذرية وشاملة لمنظومة قياس الأحجام التجارية للأسماك، والتخلي عن أسلوب احتساب عدد الوحدات في الكيلوغرام، الذي لم يثبت فعاليته، مع العمل على تطوير آليات أكثر دقة وعدلاً على المستويين المهني والإداري، لضمان حسن تدبير هذا القطاع الحيوي واستدامته.