سمك الأنشوبا يُرمى إلى البحر .. فمن ينقذ البحار من الضياع !

3
Jorgesys Html test

بقلم: عبد الخالق جيخ 

تعيش الساحة المهنية بأكادير على وقع نقاش قوي في أعقاب واقعة عودة العشرات من المراكب إلى البحر للتخلي عن أسماك تجارية بعد  أن تم صيدها والدخول بها إلى ميناء أكادير ،  بحجة عدم إنسجام الحجم التجاري مع القوانين المنظمة.  وهي واقعة أصبحت تتكرر بشكل مسترسل على مستوى ميناء أكادير . فمشاهد مراكب تعود محمّلة بكميات هائلة من الأنشوبة، لتُلقى بعد لحظات في عرض البحر، لم تعد استثناءً ولا حادثًا عابرًا، بل صارت روتينًا يوميًا يكشف عمق الخلل القائم.

فالأصوات متعددة، والقراءات متباينة. هناك من يرى أن ما وقع مجرد انحطاط في الممارسة، وتهور من بعض من كان يُفترض فيهم احترام القانون قبل غيرهم، لكنهم اختاروا المضي في مسلك يناقض الشرعية ويُسيء إلى صورتهم والمقصود الربابنة. وهناك من يذهب أبعد ليسائل الإدارة نفسها: هل عجزت عن فرض القانون أم أنها هي من أوعزت بشكل غير مباشر بخروج المراكب لإلقاء المصطادات في البحر؟ هل كان تراجعها ضعفًا أم حكمة لتفادي انفجار أزمة اجتماعية لا أحد يعرف مداها؟ فيما رأى آخرون أن الحادثة عرّت هشاشة التمثيليات المهنية التي عجزت عن تقديم بدائل منصفة، مثل تحويل الفائض إلى معامل دقيق السمك وتوزيع العائد بين البحارة والصناديق الاجتماعية ودور الطلبة، بدل ترك الثروة تتعفن على الشاطئ.

المعادلة مُربكة. فعلى اليابسة، بحارة يعيشون على حافة الخصاص، فهم أسرع المتضررين من أي توقف أو قرار. وعلى سطح البحر، أسراب السردين والأنشوبة تفيض، لكنها محكومة بقيود تقنية وقانونية تجعلها بلا قيمة سوقية. كما أن المعامل بدورها لا تملك سوى طاقة استيعابية محدودة، لا تتجاوز 500 طن يوميًا في جهة أكادير، موزعة بين وحدات للتخليل وأخرى للترقيد، وهي قدرات لا تواكب قوة الأسطول الذي يتجاوزها مرات عديدة. النتيجة أن المراكب تلجأ إلى أساليب ملتوية لتصريف منتوجها، فيما يبقى الفائض ضحية غياب رؤية استراتيجية، قادرة على التوفيق بين استدامة المخزون وحماية الإنسان.

فإدارة الصيد تعتمد في قراراتها على أبحاث المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، الذي يجعل من حماية المخزون أولوية مطلقة. غير أن هذه المقاربة، رغم مشروعيتها العلمية، تغفل أحيانًا أن للبحّار جيبًا يجف مع جفاف لباسه، وأن الاستدامة لا تكتمل ما لم تضع الإنسان في صلب المعادلة. صحيح أن الحفاظ على الثروة مسؤولية وطنية، لكن لا يمكن أن تكون على حساب  ما تعانيه آلاف الأسر التي تعيش من البحر ، من عوز وخصاص في ظل التحديات الإجتماعية.

ومن هنا، يصبح النقاش الحقيقي ليس في تحميل طرف دون آخر المسؤولية، بل في الجرأة على طرح سؤال جوهري: كيف نبني مقاربة تُثمّن المورد البحري بقدر ما تُثمّن الإنسان؟ الجواب يمر حتمًا عبر رفع الطاقة الاستيعابية للمعامل وتوزيعها على السواحل المنتجة، وعبر فتح حوار وطني مسؤول يُنهي عبثية إلقاء الثروة في البحر، ويكفّ عن شيطنة الفاعلين بعضهم لبعض. فإلى متى سنظل ننتظر حتى يعيد البحر صرخته؟ ألا يجدر بنا أن نصوغ جوابًا منصفًا للبحر والبحّار معًا، قبل أن يفضح صمت البحر كل شيء؟

*عبد الخالق جيخ : فاعل كنفدرالي سابق مدون مهتم بشون قطاع الصيد البحري 

Jorgesys Html test

3 تعليق

  1. قال سبحانه: وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور .
    صدق الله العظيم.

  2. نموذج فرنسي.
    *عملية صيد الانشوبة بالشباك الدائرية.*
    تُنزل عوامة مضاءة في الماء.
    يُعد دورها أساسيًا لأنها تُرشد عملية الصيد بأكملها.
    في الواقع، عند الصيد في ظلام دامس، تُمكّن عوامة السطح فقط من تحديد موقع الشبكة وتنفيذ عملية الصيد: تطويق سريع لأسراب الأسماك.
    *مبدأ شبكة الكيس – يوجد اثنان على متنها – هو شبكة طويلة يبلغ طولها 330 مترًا في العمق 60 مترًا.*
    الجزء السفلي، ذو الثقل الثقيل، يُبقيها عمودية على الماء بينما يبدأ القارب في تطويق أسراب الأسماك.
    تتمة الفيديو عبر الرابط:
    https://espern.bzh/fr/film-video-peche-bretagne/20-la-peche-a-l-anchois

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا