يشهد ورش إصلاح السفن بميناء الناظور هذه الأيام حركية استثنائية، بعد أن وجهت غالبية مراكب الصيد الساحلي من صنف الجر بوصلتها نحو الصيانة والإصلاح، في ظل تراجع المردودية الاقتصادية والبحرية، وانخفاض الطلب على المنتوجات السمكية، خاصة عقب انتهاء موسم صيد الأخطبوط.
وحسب مصادر مهنية مطلعة، فإن هذا التوجه الجماعي نحو الورش الجاف يأتي بعد تسوية المراكب لوضعيتها المالية، وتمكين البحارة والعاملين من مستحقاتهم، حيث اختار المهنيون الدخول في فترة راحة بحرية اختيارية، تُستثمر في أشغال الصيانة الضرورية، لضمان جاهزية المراكب لموسم الصيد المقبل.
ويعرف ورش الإصلاح بالميناء نشاطاً مكثفاً، إذ يعمل المجهزون إلى جانب فرق مختصة على تأهيل مراكبهم، من خلال أشغال تشمل الطلاء، وتعويض الألواح الخشبية التالفة التي تضررت بفعل “سوسة الخشب”، إضافة إلى الفحص الدقيق للمعدات الميكانيكية لضمان جاهزيتها التقنية. وتمتد فترة الإصلاح، حسب نفس المصادر، لما بين 20 و25 يوماً من العمل المتواصل، تُعدّ خلالها المراكب وفق معايير السلامة البحرية، حمايةً للأطقم وضماناً لاستمرارية العمل.
ويُقدّر عدد المراكب الخاضعة للإصلاح حالياً بأكثر من 25 مركباً، وهو رقم يعكس حجم التحديات التي تواجهها مهنة الصيد بالمنطقة، وعلى رأسها تقلبات الطقس الموسمية، وتراجع الكتلة الحية لعدد من الأصناف البحرية، ما انعكس سلباً على المردودية. كما أن الارتفاع الصاروخي في تكاليف الرحلات البحرية، زاد من حدة الأزمة، مرفوقاً بتراجع الاستهلاك المحلي للمنتجات البحرية تزامناً مع نهاية فصل الصيف وعودة الأسر إلى التزامات الموسم الدراسي.
من جهة أخرى، أفادت مصادر مهنية لجريدة “البحرنيوز”، أن عدداً من مراكب الصيد الساحلي بموانئ طنجة والعرائش اختارت التوجه نحو سواحل الناظور، بعد قرار السلطات البحرية الإغلاق الموسمي لبعض المناطق بمصيدة “الأربيان” (الروبيان الأحمر) ابتداءً من 15 شتنبر 2025 . وقد دفع هذا القرار المهنيين إلى البحث عن بدائل تُمكنهم من الحفاظ على وتيرة الإنتاج، رغم ضعف المخزون البحري بالسواحل المتوسطية.
وتبقى هذه المرحلة من التوقف المؤقت، رغم صعوبتها، فرصة حقيقية لإعادة ترتيب الأوراق، وتأهيل الأسطول البحري، تمهيداً لموسم صيد جديد يراهن فيه المهنيون على تحقيق انتعاشة اقتصادية، رغم التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة.