يوم السواحل المتوسطية 2025 .. المؤسسات والمواطنون متحدون لإلهام التغيير

0
Jorgesys Html test

في وقت تتزايد فيه التهديدات المناخية وتتشابك تداعياتها على البيئة والاقتصاد والمجتمعات، احتفلت منطقة البحر الأبيض المتوسط بيوم السواحل لعام 2025، وسط دعوات ملحّة إلى تعزيز التعاون بين المؤسسات والمواطنين لمواجهة واقع بيئي يزداد هشاشة. فعلى امتداد السواحل المتوسطية، تتزايد المؤشرات على تفاقم الظواهر المناخية المتطرفة وارتفاع مستوى سطح البحر وتآكل الشواطئ، مما يهدد الأمن الغذائي والاقتصادي والتراث الطبيعي والثقافي للمنطقة. وفي ظل هذا المشهد القاتم، تبرز الحاجة إلى وعي جماعي يتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة نحو مقاربة تشاركية مستدامة.

الصورة من موقع العربي الجديد

يوم السواحل، الذي يُنظم سنويًا في إطار اتفاقية برشلونة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ، لم يعد مجرد مناسبة رمزية، بل تحول إلى منصة لإطلاق مبادرات عملية وتعزيز الحوار بين مختلف الفاعلين. ويحمل شعار هذا العام “إلهام الأثر: المؤسسات المتوسطية من أجل الصمود الساحلي” رسالة واضحة بأن حماية السواحل لم تعد مسؤولية جهة واحدة، بل هي مشروع جماعي يتطلب تلاحم السياسات العامة مع إرادة المجتمعات المحلية. ويؤكد هذا التوجه ما عبّرت عنه تاتيانا هيما، منسقة برنامج الأمم المتحدة للبيئة / خطة عمل البحر الأبيض المتوسط، حين شددت على أن التغيير الحقيقي لا يتحقق إلا من خلال العمل المشترك والتواصل المستمر بين الحكومات والجامعات والمجتمع المدني والمواطنين.

وقد شكل اختيار تونس لاحتضان الحدث الرئيسي هذا العام إقرارًا بجهودها الملموسة في مواجهة تآكل السواحل من خلال خطط متقدمة ومشاركة شعبية واسعة. فيما وفي سياق الذكرى الخمسين لاتفاقية برشلونة، استُعرضت الإنجازات التي حققها المركز الإقليمي لأنشطة برنامج العمل ذات الأولوية، الذي كان له دور محوري في ترسيخ منهج الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية، وربط السياسات البيئية بالتخطيط الحضري والتنمية المستدامة. من أولى تجاربه في خليج كاشتلا بكرواتيا إلى دعمه للخطط الساحلية في 21 بلدًا، ظل هذا المركز منصة للتفكير المشترك وبناء الحلول التشاركية.

وقد شهد الإحتفال بهذا اليوم،  إطلاق خريطة تفاعلية مبتكرة توثق المبادرات الرائدة في المنطقة وتسلط الضوء على قصص المؤسسات والمجتمعات التي تشتغل بصمت وفعالية لمجابهة التغيرات المناخية. كما أُتيحت مساحة واسعة لتبادل الخبرات بين الفاعلين المحليين والإقليميين، والتأكيد على أن كل مبادرة ناجحة يمكن أن تلهم أخرى، وأن المعرفة حين تُتَشارك تتحول إلى قوة دافعة للتغيير.

في جوهر هذه المناسبة، يبرز إدراك عميق بأن السواحل ليست فقط حدودًا جغرافية، بل فضاءات حيوية تُعبر عن هوية شعوب المتوسط، ومصدر رزق وذاكرة وحياة. ولذا فإن الحفاظ عليها مسؤولية أخلاقية وإنسانية قبل أن تكون بيئية. يوم السواحل لهذا العام لم يكن مجرد محطة للاحتفال، بل دعوة مفتوحة للاستمرار، لإعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسة، ولنسج تحالف واسع من أجل المتوسط، يُصغي فيه العلم إلى صوت الناس، وتتحول فيه السياسات إلى أفعال، وتُترجم فيه المخاوف إلى إرادة جماعية تصنع الفرق.

Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا