مصيدة السمطة “كاب غير” .. عودة حذرة وسط مؤشرات أمل ومخاوف إستنزاف

0
Jorgesys Html test

بقلم : يوسف الفايدة 

عاد النقاش مجددًا حول مصيدة السمطة قبالة كاب غير شمال اكادير ، في ظل مؤشرات إيجابية تبعث على الأمل، تقابلها مخاوف مهنية من تكرار سيناريو الاستنزاف الذي عرفته المصيدة سنة 2017. فبعد انقطاع دام أزيد من سبع سنوات، عادت قوارب الصيد التقليدي، من صنف الخيوط الطويلة، إلى استغلال هذه المصيدة الغنية بأسماك السمطة، التي يُطلق عليها مهنيًا اسم “290”، في إطار نشاط قانوني ومنظم يراعي متطلبات الاستدامة ومحددات التوازن البيئي البحري.

ويبلغ عدد القوارب التي تنشط حاليًا في هذه المصيدة 14 قاربًا، وتعتمد على تقنية “الشعرة”، وهي طريقة صيد تُعتبر من بين الأكثر انتقائية واحترامًا للأنظمة الإيكولوجية البحرية، حيث تُمكن من اصطياد الأسماك الناضجة فقط، وتقلل من نسبة الصيد العرضي والتلف الذي تُسببه تقنيات الصيد الأخرى.

غير أن هذه العودة التي استبشر بها المهنيون لم تمر دون منغصات، إذ تشير مصادر مهنية بميناء أكادير إلى أن الوضع في المصيدة لا يزال هشًا ومقلقًا. وتُتهم بعض مراكب الصيد الساحلي من صنف الجر بشن مناورات يومية داخل المصيدة، مما يُثير مشاحنات ومشادات كلامية مع أطقم قوارب الصيد التقليدي، فضلاً عن الخسائر المادية التي تتكبدها هذه القوارب نتيجة تلف معداتها، كالشباك والخيوط الطويلة. الأخطر من ذلك، حسب نفس المصادر، هو أن مراكب الجر لا تلتزم بالمعايير البيولوجية، وتقوم باصطياد كميات كبيرة من صغار السمطة التي لا تتجاوز الحجم التجاري، ما يُنذر باستنزاف جديد وشيك.

وتثير هذه التطورات مخاوف مهنية حقيقية من تكرار الكارثة التي وقعت سنة 2017، حين شهدت المصيدة تدميرًا ممنهجًا بفعل توغل مراكب الجر ذات المحركات القوية، التي لا تراعي هشاشة النظام البيئي البحري بالمنطقة، مخلفة وراءها دمارًا بيئيًا ومهنيًا كبيرًا لا تزال تداعياته قائمة إلى اليوم.

يوسف فايدة رئيس الجمعية المغربية لتنمية الصيد البحري التقليدي

في هذا السياق، ترى فعاليات مهنية تنتمي لقطاع الصيد التقليدي أن السنوات السبع الماضية، التي اضطرت فيها قوارب الصيد التقليدي صنف الشعرة، إلى التوقف القسري، تشكل فرصة لتقييم ما جرى والوقوف على مكامن الخلل بهدف معالجته بصفة جذرية. وبدل التمادي في استنزاف هذا المورد الحيوي، قامت مجموعة من البحارة والمهنيين بإعداد مسودة مشروع لتهيئة مصيدة السمطة بكاب غير، في خطوة تهدف إلى بلورة تصور تشاركي لمخطط استغلال عقلاني، يوازن بين متطلبات التنمية الاقتصادية والحفاظ على الثروة السمكية والبيئة البحرية.

ويرى المتابعون أن نجاح هذه المبادرة يقتضي التزامًا فعليًا من مختلف الجهات المتدخلة، سواء تعلق الأمر بالإدارة الوصية أو بالمهنيين أنفسهم، من أجل ضمان احترام قواعد الصيد المسؤول، وردع الممارسات غير القانونية التي تُهدد هذا المورد السمكي. كما يستلزم الأمر تعزيز آليات المراقبة البحرية وتكثيف الدوريات، للحد من التجاوزات وحماية المصيدة من العبث، بما يسمح ببناء نموذج تنموي بحري مستدام يعكس روح المسؤولية الجماعية في التدبير.

*يوسف فايدة رئيس الجمعية المغربية لتنمية الصيد البحري التقليدي

Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا