أسدل الستار عن نشاط رحلات الصيد البحري الساحلي صنف السردين في سواحل مدينة المرسى بالعيون مند أيام بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف . حيث تكتسي مناسبة عيد المولد النبوي الشريف طابعا خاصا لدى مهنيي الصيد البحري الساحلي ، الدين يتوقفون عن العمل لأيام من أجل زيارة الأهل و الأحباب و الاحتفال أيضا بالذكرى الشريفة.
وأنطلقت حركة توقيف نشاط مراكب السردين بميناء المرسى بالعيون مند أسبوعين بالنسبة للمراكب التي كانت مردوديتها جيدة، من ناحية حجم المبيعات على مدى شهرين و نصف من العمل التي استنفدها ( البياخي ) ، و استمرت حركية التوقف كل يوم حسب المجهزين ، أو حسب ربابنة المراكب ، إلى غاية يوم أول أمس الأحد، الذي سجل التوقف النهائي لأسطول السرادلية ، بعد انصياع أخر مراكب السردين إلى كون محاولة تدارك وضعية مبيعاتهم في الوقت بدل الضائع، لن تجدي شيئا.
إبتعاد المصايد يحتم حضور الكفاءة وتوفير الإمكانيات
و يعزو الرايس حسن في تصريحه لجريدة البحرنيوز ، أن مصيدة العيون من بين أصعب المصايد على مستوى العمل والإبحار ، مسجلا أن الأمور ليس كما تبدو للبعض ، فالانخراط بالاشتغال بمصيدة العيون تتطلب توافر شروط أساسية و ضرورية، من أجل تحقيق أهداف ثالوث مركب السردين من ناحية حجم و قيمة المداخيل ، بداية من ضرورة التعاقد مع معمل أسماك جيد ، يستجيب لطموحات المراكب باستيعاب المصطادات السمكية دون انتقائية و لا سمسرة. ليكون كفيلا بعكس حجم مبيعات تتماشى مع مجهودات البحارة. كما شدد المصدر على ضرورة توفر مركب مجهز بآليات الاشتغال، “فيه المطاريال” بلغة ربان الصيد ، “من شبكة تكون مفصلة مزيان وكتصيد” ،و المحرك “عندو المارشا”، أي السرعة، ليصل إلى المصيدة في وقت قياسي أو معقول ليعود أدراجه إلى الميناء ، في أقل وقت ممكن .
وأوضح المصدر أن هذه الحاجيات تعتبر أمرا مهما في الصيد، لكون الأسماك تكون غالبا على بعد مسافات 30 ميلا فما فوق باتجاه الغربي ، و بالتالي تساهم السرعة في إحداث الفارق الشاسع، مع افتراض يشير المصدر العارف بخبايا الميناءّ، أن الربان هو دائم السباق مع الزمن، بحكم الاكتظاظ الكبير الذي يعرفه ميناء المرسى بالعيون، بحيث أن 180 مركب سردين تنشط بسواحل العيون، ما يجعل تفريغ المصطادات بأرصفة الميناء أمر صعبا.
فتديل المركب يقول “الرايس” لطابور المراكب الأخرى، سيفرض عليه الإنتظار لساعات طويلة، خصوصا أن جودة أسماك السردين تكون على المحك ، مشيرا في ذات السياق إلى كون آليات اشتغال أخرى لا يمكن التغافل عنها من الرادار ، و الصوندا ، و الصونار الذي يساعد على الصيد ، و جهاز الجيبيس، الذي تسجل فيه المصايد و الخرائط و ينفع كثيرا في عمليات الصيد .
مهام وسلوكيات تتحكم في تحقيق “المصور” بمصيدة العيون
يعتبر البحارة أن صفاء الأجواء على مستوى المركب والضور الكاريزماتي لربان الصيد وحسن تدبيره وتسييره لطاقم المركب هي من تتحكم في حجم المصطادات لكون الطريقة التواصلية بين لطاقم يكون لها مفعول السحر على الداء الجماعي للبحارة خلال الرحلة. وحسب محمد أزروال بحار باختصاص “مول لخراص” على وظهر أحد مراكب السردين، فإن “الجفن أو الكية المرزاقة مكتزرفش، و كذلك اللي ( كيصفي لحساب ديال البحارة ) أي المراكب المحظوظة، و التي تقوم بعمليات حسابية معقولة لتصفية حقوق البحارة ( كيسهل عليها الله ).
و تابع أزروال حديثه ، أن توفر المركب على ( ربان عفريت ) حسب تشخيصه ، أي ربان متمرس ، يعمل بجد و كد ، و يحترم عمله بكل انضباط ، ويحترم طاقم المركب من البحارة و يدافع عن مصالحهم و تكون له الشخصية، أي ( الكومندمان )، يستحيل أن تجد لك مكان ضمن طاقمه ( البروميان ) على ظهر المركب، لسبب أن المركب النشيط الذي يحقق مبيعات مهمة ، يصعب إيجاد مكان شاغر بالنسبة للبحارة الجدد، الراغبين في الاشتغال على ظهره .
من جانبه ذهب محمد أتنان بحار يشغل مهمة البولاشكا في مركب سردين في تحليله، إلى كون الدور الكبير الذي يلعبه ( مول لكرياج ) في المركب ، هو من ينعكس إما بالإيجاب ادا ( اتقى الله ) في البحرية او بالسلب ، موضحا ان مول الكرياج يساهم كثيرا في سير الأمور بشكل جيد ، من مثل تركيزه على مادة الثلج التي يحملها كل صندوق ، وعند عمليات وزن الشاحنات ، و أيضا الحمولة الإجمالية التي تخضع لعمليات الوزن ، و تدبيره بشكل مدقق و رزين و عقلاني ( الديبير ) أي المصاريف المختلفة كاقتناء الماء كل أسبوع، و مصاريف التدويرة المستشرية ، التي لا يمكن إثباتها بفاتورات.
وتابع أتنان أن مول لكرياج قد يكون من جهة أخرى ذو أبعاد سلبية على العملية الإنتاجية، من خلال مراكمة مجموعة من السلوكيات، الذي يكلف المركب مجموعة من المصاريف المبالغ فيها، و يضخم الأرقام . كما أنه يتواطئ مع أصحاب الفقيرة ، أو أنه يتلاعب بعمليات الوزن ، و يتغاضى مقابل مبالغ مادية ، و ما إلى دلك من الحيل والتلاعبات التي تؤثر سلبا على المركب و سمعته و مدا خيله المالية .
حينما تتحدث عن نفسها بالمصيدة بشعار “عند الفورة كيبنان الحساب”
، كشفت مصادر عليمة من داخل المكتب الوطني للصيد البحري ، أن مبيعات مراكب السردين بميناء المرسى بالعيون خلال الفترة الأخيرة من عملهم ( البياخي ) ، كانت مهمة على العموم ، و مختلفة من مركب إلى أخر ، إذ و بلغة الأرقام تشير المصادر أن هناك مراكب تجاوزت 200 مليون في مبيعاتها، و هناك مراكب تدلت أرقام المبيعات ب 80 مليون أو أقل نسبيا.
و تابع ذات المصدر في ملاحظته للأمور ، أن هناك مجموعة من المراكب المعروفة ، دأبت على تحقيق أحسن المبيعات بفضل الربابنة، و حنكتهم و معرفتهم للجوانب الدقيقة للعمل في مصيدة العيون.
ويراهن مهنيوا الصيد سواء المجهزون او الربابنة والبحارة، على تحقيق عائدات مهمة تجعلهم أكثر فخرا بالحديث عن المنجزات المحققة من طرف مراكبهم ضمن اللقاءات التي تجمعهم خلال هذه الفترة من الموسم، والتي تتمحور في العادة حول موضوع البياخي وما حققته مراكبهم. فيما تبقى المناسبة فرصة للتقييم بين مختلف المتدخلين في العملية الإنتاجية على ظهر مراكب الصيد ورصد مكامن الخلل في أفق تصليحها قبل إستئناف رحلات الصيد في المراحل القادمة .