طفت على السطح مؤخرا إشكالية تأثير تقنيات الصيد المختلفة على البيئة البحرية في ظل وجود العديد من تقنيات الصيد ، و الآليات المختلفة المستخدمة، حيث تطرح العديد من الأسئلة حول أيها الأفضل و الأصلح من بين طرق الصيد المعتمدة في السواحل المغربية، و التي لها تأثير أقل على النظام الإيكولوجي البحري ؟ غير أن الجواب ليس بالبساطة التي يتصورها البعض ، لأن كل شيء هو مسألة السياق ، فجميع تقنيات الصيد لها تأثير على البيئة البحرية ، ولكن مستوى التأثير يعتمد على مجموعة من العوامل ، و يطرح تساؤلات كثيرة ، من قبل هل طبيعة آليات الصيد المستخدمة في السواحل المغربية تترك أسماك كافية، تتمكن من التوالد و التناسل و تحافظ على البيئة التي تعيش فيها هده الأسماك ، و تحافظ أيضا على التنوع البيولوجي .
لا يختلف إثنان أن جميع تقنيات الصيد تؤثر بشكل أو بآخر على البيئة البحرية ، و ترتبط المعدات القاعية ، المستعملة في القاع من مثل الجر ، بالتأثير سلبا على القاع البحري ، فالصيد بالقصبة على سبيل المثال له تأثير أقل على الأنواع الحية (الأنواع القاعية) ، ولكن إذا استخدم على نطاق واسع ، يمكن أن تؤدي هذه التقنية إلى الاستغلال المفرط واستنفاد الأنواع المهمة .
وعلى الرغم من أن تأثيرها على الموائل القاعية ليس معروفاً بشكل عام ، إلا أن الخيوط المهملة في البحر ، أو الفخاخ أو الشباك المختلفة المنجرفة و المفقودة، يكون لها آثار طويلة الأجل على النظم الإيكولوجية البحرية الحساسة ، حيث أنها تواصل التقاط الأسماك ؛ و هو ما يصنف بالصيد الشبح .
الصيد بالجر chalutage توطئة من أجل تعقب تطور المصطلح
إن الصيد بشباك الجر القاعي يعد من أساليب الصيد الشائعة، التي تستحوذ على كميات كبيرة من الأسماك الحية في مواقع أقل بكثير من السطح ، و تعتمد تقنية الصيد بالجر سحب شبكة من جهة ظهر السفينة ، الشبكة تسمى شبكة الصيد بالجر chalut ، و يمكن أن يكون الصيد بالجر باستخدام أنواع مختلفة من المعدات و الآليات .
وهنا يمكن الحديث عن ثلاثة أنواع من الجر يتعلق الأمر بالشباك في المياه المفتوحة أو في أسطح البحار ، التي لا تتلامس مع قاع البحر. تم ثانيا شباك الجر شبه السطحية ، والتي يتم جرها بالقرب من قاع البحر ، ويمكن أحيانًا أن تتلامس معها. ثم ثالثا الشباك القاعية ، وهي التي تكون على احتكاك مع قاع البحر.
ويتفاوت تأثير أنواع الشباك القاعية في القاع بشكل كبير تبعا لوزنها وحجمها ، و المنطقة التي خضعت للتجريف بهده الشباك ، والعامل الزمني المتمثل في توقيت احتكاكها بالقاع البحري في عمليات الصيد بالجر . بالإضافة إلى ذلك ، يمكن أن تختلف النتائج البيئية للصيد بشباك الجر بشكل كبير ، تبعاً لنوع وحالة الموطن الذي يحدث فيه الصيد ؛ على سبيل المثال ، سيكون للصيد بشباك الجر في المياه الضحلة على رمال متحركة للغاية، تأثير مختلف للغاية من الجر في القاع الذي يعمل في التربة الموحلة العميقة، أو المناطق التي تنمو ببطء في الشعاب المرجانية للمياه الباردة .
ولقد أحدثت التكنولوجيات الحديثة ، التي تم تطويرها للحد من الآثار البيئية والحد من استهلاك الوقود أثناء الصيد بشباك الجر ، تغيرات كبيرة في شباك الجر في السنوات الأخيرة، فعلى سبيل المثال ، استبدلت الحبال المرجّحة المستخدمة لعقد الشبكة في قاع البحر بـ عجلات مطاطية تسمح للشبكة بالقفز والطيران فوق قاع البحر ، مما يحدّ من فترة الاتصال وتأثير آلية الصيد على القاع البحري .
وتساعد التغييرات الأخرى ، مثل تغيير حجم الشبكة ، أو إعداد “مداخل الهروب” trappes d’echappement أو فرز الشبكات ، على الحد من الصيد العرضي prises accessoires ، لدا فمن الضروري ضمان استدامة مصايد الأسماك ، ولكن أيضا للتخفيض من الكميات المصطادة غير المقصودة و غير المستهدفة، التي تكون في الشباك عند سحبها على ظهر المراكب ، والتي تكون قيمتها التجارية منخفضة في كثير من الأحيان .
تعديل أليات الصيد وسؤال الإستدامة
إن تعديل آليات الصيد بشكل قانوني حسب التقارير العلمية الحديثة، و تدبير نشاط الصيد بعقلانية ومسؤولية يؤدي لا محالة إلى زيادة الاستدامة ، و على سبيل المثال تم السماح بالصيد في مناطق محددة حسب المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري ، دون مناطق أخرى يمنع نشاط الصيد فيها حتى يتم حماية الموائل الحساسة ، كما أنه من اللازم اعتماد برامج للبحث و الرصد لرسم خرائط للموائل الهشة، من أجل فهم أفضل ، للكيفية التي يعاد بها تشكيل القاع البحري بعدما استغل بتقنيات الصيد بشباك الجر.
وهناك أمثلة في بعض المصايد الدولية، أثبتت أن الشباك الجرافة في قاع البحر يمكن أن تكون مستدامة ، حيث يُحظر استخدام الشباك الجرافة في القاع خلال فترات محددة ، ويتم استخدام شباك الجر السطحية بدلاً من ذلك ، وقد سمح الرصد الدقيق وإدارة المخزون السمكي بعقلانية في مناطق مختلفة من العالم من وضع أسس قمعية في احترام قوانين الصيد ، و استعمال الآليات و المعدات القانونية المعتمدة من معاهد الصيد و التي تكون أقل ضرر على البيئة البحرية .
وتعتبر بعض المصايد الدولية مثالاً آخر ،حيث أنها نفذت ضوابط ومبادرات شاملة لرسم الخرائط ،بما في ذلك الخضوع لبعض البرامج ، من حيث تجنب نشاطات الصيد في المناطق ذات الموائل الهشة ، والصيد في ممرات محددة سلفا عند اصطياد الأسماك بالقرب من قاع المحيط ، حيث يمكن تقييم جميع أنواع معدات الصيد وفقاً لمعيار يركز التقييم على النتائج ، حيث يقوم الخبراء بتحليل تأثيرات معدات صيد معينة ، في بيئة معينة وكجزء من نظام إداري وتنظيمي معين ، على أساس كل حالة على حدة .
و هدا يتطلب إدارة المصايد بشكل جيد ، وصيد الأسماك بطريقة تضمن استدامتها، ولا تتسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه للبيئة، وحيثما أمكن إجراء تحسينات من مثل اعتماد فترات الراحة البيولوجية ،أو منع الصيد في المنطقة المحددة ، فإن المتطلبات الإجبارية تفرض اعتماد مصائد الأسماك بتطوير طرق جديدة و تقنين معدات و آليات الصيد لإدارة والحد من تأثير شباك الجر على البيئة البحرية.
تقييم المصايد بين العمق والنظم الإيكولوجية
لا يوجد تعريف واحد للصيد في أعماق البحار ، حيث أن منظمة الأغذية والزراعة FAO ترى أن الأنواع التي تعيش على عمق أقل من 200 متر هي أنواع “أعماق البحار” ؛ و يقدر المجلس الدولي لاستكشاف البحار (ICES) الحد الأقصى في 400 متر ، في حين أن المفوضية الأوروبية تحدد الصيد في أعماق البحار وفقا للأنواع المصطفة التي عادة ، تتميز بالنمو البطيء ، وانخفاض معدلات التكاثر ، وكثيرا ما توجد في المحيطات العميقة .
وبدلاً من إجراء تقييم يعتمد على العمق الذي يتم استغلاله ، تعتمد بعض البرامج منهج النظام الإيكولوجي ، مع الأخذ في الاعتبار مجموعة الخصائص الخاصة بكل مصيدة ، ونظامها البيئي و طريقة تدبيرها .
وعلى سبيل الإستخلاص فإنه لا يوجد صيد دون تأثير ، و لكن ما هو مهم يبقى حجم الآثار المترتبة ، وقابليتها للعكس ، وكيف يتم إدارتها ، و حسب أراء خبراء مختصين في قطاع الصيد ، أنه أصبح اليوم من الضروري إعادة النظر في الآليات المستعملة في الصيد بالجر في السواحل المغربية ، و توحيدها على البواخر في الصيد الساحلي و أعالي البحار حسب القوة الحصانية ، أخدا بالاعتبار المعدات و الآليات المستخدمة من طرف بواخر معاهد التكوينات في الصيد ا لبحري .
السلام عليكم
اشكرك السيد إدخيرات على هذه المقالة المتميزة.
بالمزيد من التألق
محمد الناجي