تطرح الاقتطاعات التي تطال مداخيل بيع مصطادات مراكب الصيد الساحلي لفائدة الجمعيات المهنية وصناديق البحر ،عددا من الأسئلة الشائكة، وهي أسئلة ما تنفك تتضاعف مع مرور السنوات، دون أن تكون لها أجوبة شافية وكافية.
وتستمد هذه الأسئلة ضبابيتها من كون هذه الاقتطاعات التي تصل إلى مبالغ طائلة، لا تعود بالنفع على البحار من جهة، ولا يظهر لها أثر إيجابي على القطاع من جهة ثانية، ثم إنها من جهة ثالثة تبعث على الاستفسار دوما عن مدى خضوعها لرقابة الدولة على الأقل، من طرف الإدارات البحرية والسلطات الإقليمية، ناهيك عن السلطة القضائية.
ومن غرابة هذه الجمعيات والصناديق المستفيدة من الاقتطاعات أن جموعها العامة نادرا ما تنعقد. وإذا ما انعقدت فإن تقاريرها المالية غالبا، ما تقدم مفتقدة للضبط، ولا ترقى إلى المستوى المطلوب من الشفافية،. هذا دون إغفال، أن المكاتب المسيرة لا تتوفر باستمرار على النصاب القانوني، وتظل المسألة المالية سببا رئيسيا، يدفع المسيرين إلى العمل كيفما اتفق، خوفا من تجديد المكاتب المسيرة في جموع عامة، لا بد فيها من تقديم تقارير مالية.
إن هذه الخلفية المغرضة، هي ما حول كثيرا من الجميعات والصناديق البحرية إلى كيانات شبحية، توجد على الورق، من غير أن تخلف أثرا على أرض الواقع، حتى أن كثيرا منها لا يسمع لها اسم أو صدى، فيما بعضها أصبح يتعامل مع الإيداع القوانين كـ “ورقة بيضاء”، تتيح له الاستمرار في الظل، لخدمة أهداف ضيقة وشخصية. تمر قطعا عبر الاستفادة من الاقتطاعات المجحفة، التي تؤخذ من دخل البحار دون استشارته في كثير من الأحيان . وهو معطى يجعل في عمقه علاقة البحار بهذه الاقتطاعات، علاقة معاناة ومكابدة صامتة، قلما تعرض للنقاش وسط سيل من الهموم القطاعية الأخرى.
والرهيب في الأمر، أن يسري على الاقتطاعات لشركات التأمين، ما يسري على الاقتطاعات لفائدة الجمعيات والصناديق البحرية، فهي أيضا لا تعود بالفائدة على البحار، وإن كانت تقتطع من دخله، فالتأمين على الصحة لا ينفع البحار أمام المصحات التي ترفض استقباله. أما الجمعيات والصناديق فلا توظف الاقتطاعات، التي تدخل حساباتها لخدمة البحار ولو في أبسط الأمور، إذ لم يسبق أن سمعنا عن جمعية من هذه الجمعيات تنظم يوما دراسيا أو تحسيسيا، أو نشاطا اجتماعيا، وحتى ولو تمت فإنها في محدوديتها تكون فقط لدر الرماد في العيون لا أقل ولا أكثر.
الرأي الأزرق : محمد العكوري