إنطلقت منذ الأسبوع الماضي رحلات العودة نحو مدن الوسط والشمال، تزامنا مع إقتراب عيد الأضحى الأبرك، حيث لا صوت يعلو عن أصوات البحارة حول عائدات البياخي، الذي دام قرابة شهرين بالسواحل الوسطى والسواحل الجنوبية، شعارهم في ذلك المثل القائل “عند الفورة يبان الحساب”.
فبعد سوسان الشبكة وحزم الحقائب تكون وجهة أغلب البحارة صوب مدينة اكادير، حيث تجرى أغلب عمليات الحساب التي لازالت تثير الكثير من الجدل، بخصوص الطريقة التقليدية التي تعتمد البساطة في توضيح مختلف المصاريف، التي إلتهمتها رحلات الصيد. وكذا العائدات المحققة وما يرافقها من فائض. يتحكم في تقسيمه منطق العرف المبني على الحصة، بفوارقها الكبيرة بين هذه المهمة وتلك، التي يتفرع إليها طاقم الصيد، لضمان صيرورة العمل. فالبحارة يشتغلون كفريق متكامل ومتناغم في مصايد الجنوب.
عدد من البحارة في إتصال مع البحرنيوز أكدوا في تصريحاتهم المتطابقة، أن الحصيلة المحققة برسم الفترة التي إنطلقت منذ إستئناف رحلة الصيد بعد إنتهاء عطلة عيد الفطر ، قد إختلفت فصولها بين المصيدة الوسطى والجنوبية . وهو ما خلق نوعا من الفارق في مداخيل أطقم الصيد، فبين بحار سيعود إلى أسرته الصغيره وقد أدفأ جيبه بمبلغ مالي مهم، وآخر حقق مداخيل متوسطة ، يتواجد بحارة آخرون لم يسعفهم الموسم في تحقيق عائدات مالية ، ما أجبرهم على الإستنجاد بالإستدانة من المجهز ، للعودة غلى الدير وتمضية عيد الأضحى بنوع من الآريحية ولو إلى حين .
وحسب التصريحات التي إستقتها البحرنيوز، فهناك من البحارة من جاء في حصته مبلغ مالي يفوق 20000 درهم وهو حال المراكب التي حققت مبيعات مهمة بالعيون وطانطان، فيما حقق بحارة آخرون مبالغ تراوحت بين 9000 و 15000 درهما، لكون المراكب التي يشتغلون عليها حققت مبيعات متباينة بالمصيدة الوسطى لاسيما بين إفني وطانطان. فيما كان نصيب آخرين عائدات متوسطة تراوحت بين 4000 إلى حدود 6000 درهم. وهو حال تلة من البحارة الذي ينشطون بالمصيدة الجنوبية ، فيما إضطر بحارة آخرون، لأخذ سلفة أو “تسبيق” من أجل تسيير أمورهم ، كما حصل مع بحارة بوجدور حيث لم تبحر مراكب الصيد الساحلي سوى أسبوعين بعد عطلة عيد الفطر.
وسيجد تلة مهمة من بحارة السردين وكذا الصيد بالجر، أنفسهم أمام مجموعة من التحديات المالية، خصوصا وأن عيد الأضحى على الأبواب إلى جانب متطلبات العطلة الصيفية المتواصلة، حيث الأسر عادة ما تنتظر عودة المعيل من أجل الإنطلاق في رحلة لزيارة الأقارب، ناهيك عن كون الدخول المدرسي تفاصيله بدأت تلوح في الأفق ، وهي كلها معطيات جعلت عددا من البحارة في وضع لا يحسد عليه. خصوصا وأن الرهان كان كبيرا على البياخي المنتهي، في تحقيق مداخيل مهمة لضمان نوع من التوازن في مالية البحارة المنهكة بالديون ، في إنتظار ما ستحمله الأيام القادمة من إنفراجات، تعيد المياه لمجاريها مع الدخول الجديد بعد العودة إلى المصايد عند إنتهاء عطلة العيد.
و سجل عدد من البحارة في تصريحاتهم للبحرنيوز أن هذا الموسم “البياخي” قد تميز بتراجع عدد أيام العمل لاسيما بالمصيدة الجنوبية التي لم تكن سخية كعاداتها بسبب سوء الأحوال الجوية، إلى جانب إشكالية الرابوز التي قلصت المصايد بشكل كبير، إذ أن الكثير من المراكب تعول على القادم من شهور السنة، لتعويض ما فاتها في الشهور العجاف. هذه الآخيرة التي تهدد الكوطا الفردية لعدد من المراكب وسط مخاوف مجهزيها، من إنتهاء الموسم دون إستنفاذ الكوطا.
إلى ذلك كشفت مصادر متطابقة ، أن الإشكالية التي تنخر القطاع تبقى بالدرجة الأولى هي التهريب والفقيرة ، حيث أن الكثير من الربابنة يختارون تصريف نسبة مهمة من المصطادات في السوق السوداء، سواء لمعامل الدقيق أو كذا للتجار الذيم يتوجهون لأسواق الإستهلاك ، حيث يراهن الربابنة على تحقيق مداخيل آنية وكذا صيانة الكوطا الفردية ، وهو معطى عادة ما يؤثر بشكل سلبي على مداخيل البحارة أثناء عملية الحساب .
وبالعودة إلى عمليات تصفية حصص البحارة من مبيعات المراكب وما يرافقها من توضيحات بخصوص عملية الحساب، فالعملية لازالت تثير الكثير من اللغط ، حيث تتعالى الأصوات الداعية إلى تخليص العملية من سلوكيات المسؤولين والقوانين العرفية المنظمة لها ، بحيث أن مجمل الأراء التي استقيناها كانت تلح على ضرورة إعادة النظر في طريقة الحسابات المالية ، كتحويل حصص البحارة عبر حساباتهم البريدية أو البنكية، والإكتفاء بشرح المعاملات أو ورقة تقنية، تصل لكل طاقم على حدة ، لوضع حد للمشاكل المترتبة عن بعض الخروقات.