إعداد ليلى حبيبي
السمنة والبدانة في مجتمع تطغوا عليه النعوت القدحية لهذه الشريحة و تحرم عليها العيش بطريقة طبيعية بسبب كيلو غرامات زائدة. فهذه النعوت تلتصق أكثر بالمرأة البدينة في كل زمان و مكان، و بسبب كل هذا تكون هاجس لدى النساء العصريات و المتمثل في الحصول على جسم رشيق. وإذا كانت النحافة مبتغى يتبعن من أجله جميع أنواع الحميات، ويمارسن كل أشكال الرياضة، ويستشرن الأخصائيين، فإن النساء الصحراويات سواء في المغرب أو موريتا يعتبرن السمنة قيمة جمالية مضافة، حيث من النادر في كثير من البلدان العربية و حتى الأجنبية اعتبار البدانة معيار أساسي من معايير الجمال بإستتناء الصحراء المغربية.
السمنة والبدانة سمتين لتحديد مكانة المرأة في الصحراء
وترتبط السمنة و النحافة في الصحراء بتمثلات اجتماعية متجدرة في أعماق الثقافة الصحراوية التي تزكيها أمثال شعبية معروفة مثل ” لمرا رقيقة ماهي نافعة ألا يجي لعجاج ويطيرها”. فالمرأة النحيفة في الصحراء لا تعني شيئا سوى كونها امرأة من دون مكانة اجتماعية سواء هي أو زوجها أو عائلتها، إذ أن نحافتها دليل على بخل أو فقر، عكس المرأة السمينة “لمرا ألي هي مرا ماليا لباسها “. إذ كلما اكتسبت المرأة وزنا اكتسبت احتراما وتقديرا، وكلما حصلت من الوزن على كيلوغرامات زائدة كان ذلك يعني المزيد من الوجاهة الاجتماعية لها ولأسرتها وزوجها. وهو أمر كان أرغم أوبرا على مخاطبة جمهور من النساء المكتنزات بحماسة في برنامجها «أوبرا وينفري» قبل ما يربو عن أربع سنوات قائلة: «هيا بنا لنرحل جميعا من أجل العيش في الصحراء، فهناك سنجد رجالا يقدروننا كنساء بدينات على أفضل وجه» وذلك بعدما لم تستطع تمالك نفسها وهي تستمع إلى ضيفاتها وهن يصفن لها مدى احتفال رجل الجنوب المغربي والموريتاني بالمرأة البدينة، وعن ارتفاع حظوظها في الحصول على زوج المستقبل.
ويتضح هذا الأمر بشكل واضح من خلال تعبير محمدو 33سنة ” لمرا لا زام تكون مبلحة خاصها تعود سمينة وتوف “. بمعنى أن الرجال الصحراويين بصفة عامة يعشقون الكتلة الضخمة ووفرة الشحم واللحم ، استفسرناه عن السبب وراء حب الرجال للمرأة السمينة فأجاب ” سمينة تحبها لخلاك و دل على كرم خيمت اههلها “، و من هنا بات من الضروري على المجتمع الصحراوي إن يبحث عن نظام تسمين يكون دو نتيجة مضمونة تبهر المعجبين بالفتيات بغية الزواج بهن و التخلص من سجن العنوسة .
التبلاح لإكتساب جسد سمين.
وفي بحثنا عن معنى البلوح او التبلاح وهما مصطلحين ليس لهما تعريف في قواميس اللغة العربية، إلا أنهما تعنيان في المجتمع الحساني التسمين، تسمى مراحل التسمين ب” التبلاح ” الذي تلجأ إليه عائلة الفتاة الصحراوية رغم قساوته على الفتيات، حيت يستعملون كل الوسائل بداية من إقناع الفتاة بأن الرجل يفضل المرأة السمينة، مرورا بتخويفها من العنوسة، ووصولا إلى حمل شعار الجوع محرم، والحركة ممنوعة، والاهتمام بالجمال مرغوب فيه. وتقوم الأسر الصحراوية بتكليف متخصصات في هذا المجال يتبعن طرق كثيرة من صنع “الدجريا “و هو خليط من الأعشاب يسبب الإسهال الحاد من اجل غسل الأمعاء. و كذالك يقومون بصنع “الليك ” و هو عبارة عن أعشاب ممزوجة بشحوم الإبل و الكوزة الصحراوية و العجنة التي تحتوي على جميع أنواع الفواكه الجافة، ممزوجة بالشكلاطة أو العسل . و أخيرا أو بالأحرى أول طريقة في عملية التبىلاح هي لحكين
لحكين عبر تسخين ماء البحر طريقة ناجعة لتسمين الفتاة في معتقد أهل الصحراء
يعتبر الحكين من بين الطرق الأكثر تتبعا بالصحراء حيت تذهب النساء إلى شاطئ البحر رفقة الفتاة التي عادة ما تكون في بداية المراهقة، يكون ذلك في الصباح الباكر ما بين 5 أو 6 صباحا في بعض الأحيان، ويقومون بنصب خيمة والجلوس فيها مدة ثلاث أشهر، من اجل تحصيل نتيجة إيجابية. وفي هذا الصد تقول حجبوها 50 سنة “نخيموا فلبحر مع بداية الصيف لمدة ثلات أشهر، نقوموا في الصباح الباكر قيل طلوع الشمس و نعمل على تحضير المحكن بداية بتسخين ماء البحر ألا شوي باش يطير سمارو، وتقوم الطفلة تحكن و حتى لعيلات العاكرات (العاقرات ) و من بعدها يشربن لحسا لحمر و حليب الإبل ، أما الخبز ما يتخطرو بيه “
وتتم هذه العملية من خلال تدفئة ماء البحر قليلا ووضعه في المحكن، و هو عبارة عن قنينة ذات حجم 3 لتر بها أنبوب رقيق جدا، يتم وضعه داخل مؤخرة الفتاة الخاضعة للتبليح القسري، ليتم ضخ المياه داخل القولون بهدف تنقية الأمعاء الغليظة عن طريق تسرب مياه البحر داخله، حيت يصاحب هذه العملية ألام وإسهال شديدين.
الحكين ألم ..وغتيان.. ومخاض
وحسب عدد من الفتياة التي إلتقينا بهن سواء بمدينة العيون أو بمدينة بوجدور، فإن العملية يصاحبها ألم لا يطاق، على مستوى الجهاز الهضمي، في هذا الصدد تقول أم هاني، إن الألم الذي يخلفه الحكين ومعه الأعشاب التي يتم تناولها لا يطاق ، صدقني فالعملية أشبه بالمخاض » أما الغالية فقد أعلنت خروجها عن النص معبرة عن تدمرها من إستمرار مثل هذه المعتقدات، فالجمال تقول الغالية، صارت له معايير جديدة. كما أن رؤية الرجل ليست كما كانت قديما تضيف الغالية، في ظل الخليط المتجانس الذي صار عليه المجمع الحساني اليوم.
ورغم أن هذه المعتقدات والآراء قد ميزت المرأة البدينة بالجنوب منذ القدم ، ممتدة إلى وقتنا الراهن، وسط المجتمع بمختلف شرائحه بما فيه شباب مثقفون، فإننا نكاد لا نجد له تبريرات منطقية ماعدا تفسيرا واحدا بكل بساطة ، إنها طبيعة النشأة والتكوين في مجتمع يأبى الخضوع لكل ماهو خارج الموروثات فبالرغم من انفتاح الرجل الصحراوي على العالم الخارجي وإلمامه بمختلف الثقافات نجده متمسكا بمجموعة من العادات وتعتبر السمنة أحد أطرافه لأنها تعد أولى الشروط المطلوبة في الفتاة المراد الارتباط بها .