كيف عاش البحارة فرحة العيد؟

0
Jorgesys Html test

  في وقت عاشت فيه مختلف التشكيلات الإجتماعية والمهنية فرحة العيد على إيقاع لمة الشمل والتجمع حول أضحية العيد، إضطر العشرات من البحارة بمختلف قرى الصيد لا سيما بالأقاليم الجنوبية إلى العيش على إيقاع الشعور بالنقص، بعدما تعدرت عليهم  مغادرة أماكن العمل  والمكوت قريبا من أمواج البحر بعيدا عن لمة الأحباب وفرحة العيد.

  “مكره أخاك لا بطل” هكذا قال عدنان مسجلا تحصره كأحد البحارة الذين قدموا من مدينة آسفي إلى منطقة  أفتيسات كاب 7  جنوب بوجدور،  وهو الذي منعه إلتزامه المهني من السفر نحو مسقط الرأس من أجل  مشاركة الأحباب فرحة العيد، فظروف العمل لم تكن رحيمة بنا يظيف عدنان، و”المنزلة” لم تساعدنا في العودة إلى الديار.

  من جانبة أصر حسن وهو بحار بقرية أعريش، أن عددا كبيرا من  البحارة لم يغادروا هذه السنة قرية الصيد،  مؤكدا أن قلة الحيلة والحاجة في ظل تدهور الحالة الإقتصادية، كان سببا مباشرا في عزوف البحارة عن التوجه إلى مدنهم الأصلية، حيت فضل هؤلاء إحياء عيد الأضحى في شكل جماعي أو فرادى بالمنطقة.

  وأضاف حسن بأنه شتان الفرق بين الوسط الأسري وهذه الظروف، التي نتعايش معها بشكل اضطراري. فبقرى الصيد لا ننتظر زائرايقول حسن، ولا نحس بفرحة العيد، اللهم صوت الریاح ونباح الكلاب.. وكثيرا ما نحاول التغلب على هذا الوضع الشاد ببعض الرتوشات الإجتماعية والإبتسامات المفبركة، التي نتصنعها في وجه بعضنا البعض.

  من جانبه أكد إبراهيم وهو بحار بإحدى قرى الصيد جنوب الداخلة، الذي عاد إلى مدينة أكادير من أجل الإحتفال بعيد الأضحى وسط أسرته المكونة من زوجة وثلاثة أطفال، فضلا عن أمه الأرملة البالغة من العمر 56 سنة، أكد أن فرحة العيد لا تساويها فرحة آخرى، والبحار يبني برامجه على عيد الأضحى بإعتباره مناسبة لا يمكن تجاوزها او التفريط فيها، متأسفا لوضع عدد من زملائه في المهنة الذين إضطرتهم الظروف إلى البقاء بقرى الصيد حيت لا أجواء تعكس العيد.

  وأضاف إبراهيم  أن قرى الصيد هي بمثابة ثكنات لكنها تفتقد لأبسط شروط العيش، التي تسمح بالعيش الكريم. فلو إلتفتت الدولة ومعها الوزارة الوصية لوضعية هذه القرى، وتم تأهيلها بالشكل اللائق لحجت أسر البحارة إلى تلك القرى وإستقرت هناك. وهو الأمر الذي من شأنه فك العزلة عن البحار وإعفائه من التفكير في إحتفالات العيد التي تتحول لكابوس يزعج البحارة كلما إقتربت هذه المناسبة الغالية.

  من جهتها قالت الباثول زوجة إبراهيم في تصريح للبحر نيوز ، بأن الأسرة لا تتصور إمضاء مراسيم العيد دون حضور الزوج. فهو الكل في الكل. وأضافت، لازلت أتدكر سنواتي الأولى من الزواج التي كنت أضطر فيها إلى الإحتفال بالعيد دون حضور إبراهيم، وذلك لثلاثة مواسيم متكررة. وحتى أصدقك القول تضيف الباثول، فقد ساورني الشك لأكثر من مرة في كون إبراهيم “دار عليا الضرة” تزوج إمرأة أخرى منعته من الحضور لأكادير. وفي الوقت الذي ينصرف فيه الجميع للإحتفال بعيد الأضحى بسعادة، كنت أعيش تقول الباثول  على أعصابي وكثير ما إختليت بنفسي وبكيت … حينها لا هاتف ولا رسالة ولا.. اللهم بعض الأخبار التي تصلنا مرة أو مرتين في العام كلما عاد بحار من معارفنا من هناك ..

  عدنان ..حسن..وإبراهيم هم فقط صورة من ألبوم يضم الأف الصور لبحارة يعيشون نفس المعاناة فرضتها عليهم لقمة الخبز وشقاء الرزق والبعد عن الأهل والأحباب، في سيناريو رسم معالمه أمل اللقاء يوم العيد، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، ليظل هؤلاء يعانون ويلات العزلة وجفاء الظروف في إنتظار عيد آخر، يعاد فيه الإعتبار لقرى الصيد ويتسنى لهذه الشريحة لقاء دويهم في رحلة عكسية تقود الأقارب إلى الجنوب بدل سفر البحارة نحو الشمال، لكن إلى ذاك الحين يستمر البحار في مداراة حزنه وآسفه، في حرب ضروس مع أمواج البحر بحثا عن كسب حلال. 

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا