البحر نيوز/محمد عكوري
تعرضت طنجة عبر تاريخها الطويل لعدة غارات وهجمات استهدفت احتلالها أو سلبها نظرا لموقعها الاستراتيجي المغري، غير أن في خضم تلك المعارك والغارات نجت طنجة من واحدة من أبشع الغارات التي كانت ترهب العالم في فترة زمنية وهي غارات قوم النورمان المشهورين باسم “الفايكينغ”.
والنورمانديون أو “الفايكينغ” هو اسم يطلق على سكان البلاد الاسكندينافية التي تعرف اليوم بالدنمارك والسويد والنرويج وهم من أصل جرماني، وعرفوا في بداية تاريخهم قبل تحضرهم بالوحشية والدموية الكبيرة خلال المعارك وأعمال السلب والتخريب والدمار الهائل الذي يحدثونه في البلدان التي يغيرون عليها.
وعلاقة الفايكينغ بالمسلمين تبدأ في غاراتهم الاولى على الاندلس سنة 844 م عندما هجموا السواحل الغربية الأندلسية وعبروا الوادي الكبير نحو اشبيلية حيث عاثوا فيها فسادا كبيرا وقتلوا عددا كبيرا من أهلها، حتى استجمع الامير عبد الرحمن بن الحكم في قرطبة قواد المسلمين وقاموا بمواجهة الفايكينغ في معارك ضارية تمكنوا في الاخير من رد هجماتهم.
وبعد ذلك ب 15 سنة عاد الفايكينغ مرة أخرى سنة 859 م ب 80 مركبا يثيرون الرعب في المسلمين غرب الاندلس ووصلوا هذه المرة حتى الجزيرة الخضراء على مقربة من سواحل طنجةوعاثوا في المدينةخرابا ودمارا كبيرين وأحرقوا جامعها الكبير وقتلوا عدادا لا يستهان به من أهلها.
وكان من عادات الفايكينغ أن يهاجموا كل مدينة تصادفت في وجهتهم، فكانت طنجةمن الوجهات المحتمل أن يغيروا عليها لتخريبها وسلبها، غير أن ما حدث أن الفايكينغ لما شرعوا في تخريب الجزيرة الخضراء، وصلت إليهم أنباء تفيد بأن الأندلسيين تجهزوا لقتالهم بجيش كبير بقيادة عيسى بن الحسن بن أبي عبيدة الحاجبففروا من الجزيرة الخضراء وتوجهوا نحو السواحل المغربية شرق طنجةنحو مدينة نكور، حيث أكملوا تخريبهم وقتل العباد.
وعاد الفايكينغ من السواحل المغربية نحو السواحل الاندلسية الشرقية ودارت بينهم وبين المسلمين الاندلسيين معارك طاحنة تمكن المسلمون خلالها من طردهم نحو الشمال بعيدا عن حدودهم، فدخل الفايكينغ مناطق الباسك المسيحية وأغاروا بوحشية عليها لا يفرقون بين أحد من البشر وتمكنوا من أسر أمير الباسك بمدينة بامبلونا ولم يطلقوه إلا بعد حصولهم على فدية كبيرة.
وغابت بعد ذلك هجمات الفايكينغ مدة طويلة تصل إلى القرن من الزمن حتى عادت للمرة الثالثة سنة 966 م خلال حكم المستنصر بالله الاموي في الاندلس، وكانت طنجةحينها تابعة للحكم الاندلسي إلى جانب سبتة، غير أن هذه المرة ظلت المعارك في الجانب الغربي من الاندلس وشارك قواد المسلمين بما فيهم قواد طنجةفي رد هجمات الفايكينغ.
وكانت آخر هجمات الفايكينغ على المسلمين خلال حكم المستنصر بالله التي ظلت تظهر وتختفي طيلة فترة حكمه حتى انتهت بعد ذلك نهاية دون رجعة، مخلفة ورائها العديد من الذكريات المرعبة في قلوب الاندلسيين بسبب وحشية الفايكينغ التي تركت أثرها حينها في أوربا بأسرها.
ولم تكن هذه الهجمات خطيرة على طنجةإلا في الهجمة الثانية سنة 859 م حيث كانت سفنهم الثمانون على مقربة من سواحل طنجة، لكن كتب لطنجةالنجاة من هذا الخطر الوحشي المحتمل بعد الرعب الذي دبه خبر جيش عيسى بن أبي الحسن بن أبي عبيدة الحاجبفي قلوب الفايكينغ