إن الحق بمعناه العام هو الرخصة التي يقررها الشرع لشخص بالنسبة لفعل معين، ويقابله الواجب وهو الإلتزام الذي يقرره الشرع بالنسبة لفعل معين. وقانونا الحق عبارة عن مصلحة يحميها القانون، وعرف بأنه قدرة على السلوك بصورة معينة يمنحها القانون ويحميها تحقيقا لمصلحة يقرها.
وحقوق الإنسان اصطلاحا يطلق على “مجموعة من الحقوق الطبيعية والحريات الأساسية التي يتمتع بها الفرد كإنسان ، فترعى نطاق حريته، كما تعمل على ازدهار شخصيته وسعيه الدائم لنيل المثل العليا”. فهي تلك الحقوق الطبيعية الأصلية التي نشأت مع الإنسان منذ الخلق الأول وتطورت مع الحضارة، ويجب أن تثبت لكل فرد في كل زمان ومكان بمجرد كونه إنسانا، وتميزه عن سائر الكائنات الأخرى.
من ناحية المفهوم القانوني لا يوجد تعريف محدد وثابت وشامل لمفهوم حقوق الإنسان، وذلك لاختلاف الثقافات والشعوب والأنظمة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية.ويمكن تعريفها ب ” مجموعة القواعد والمبادئ المنصوص عليها في الإعلانات والمعاهدات الدولية والإقليمية والدساتير الوطنية التي تؤمن حقوق وحريات الأفراد والشعوب، وهي لصيقة بالإنسان،وغير قابلة للتنازل عنها وتلزم الدولة بحمايتها من الاعتداء“.
من جهة أخرى يعتبر مبدأ المساوات ضمانة دستورية أساسية لاحترام حقوق الإنسان، وبه يعتبر جميع الناس متساوين أمام القانون مهما اختلفت ديانتهم أو صفاتهم أو لغاتهم أو وظائفهم أو أوضاعهم الإجتماعية كالوضع الإجتماعي لرجال البحر، ودون النظر للعرق أو اللون أو الجنس أو غير ذلك، ودون معاملة تفضيلية بين الأطراف في علاقة قانونية معينة. وقد ورد هذا المبدأ في ”الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” ، وتم التأكيد عليه في ”العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية”.
فالمقصود بهذا المبدأ ليس المساواة الفعلية في ظروف الحياة المادية، بل المقصود به أن ينال الجميع حماية القانون على قدم المساواة بدون تمييز في المعاملة أو في التطبيق.
لقد نصت جميع الدساتير المغربية السابقة على أن ” جميع المغاربة سواء أمام القانون”. وقد تعزز هذا المبدأ في دستور 2011 بتغيير مدلول هذا النص وإضافة عبارات جديدة حيث ينص الفصل 6 بأن ” القانون أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع ، أشخاصا ذاتيين كانوا أو إعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالإمتثال له“.
لقد توصلت المنظمة الديمقراطية للصيد الساحلي وأعالي البحار يوم 14/12/2014 بخبر حادثة شغل أخرى تعرض لها أحد البحارة والمسمى الضو عبد السلام على ظهر مركب ”مولاي إسماعيل” بميناء العيون وذلك أمس البارحة 13/12/2014 على الساعة الخامسة بسبب خارج عن إرادة البحار المصاب ، والتي أصبح قلمنا النقابي يجف و يستحيي من الكتابة عنها،خصوصا أننا ونحن نكتب هذا المقال تبادر أمام أذهاننا ملامح المنتدى العالمي لحقوق الإنسان والذي حضرنا ورشاته مؤخرا بمراكش،والتي تناولت مختلف قضايا الحقوق الإنسانية والشغلية لكافة الفئات ماعدى فئة رجال البحر رغم الإنتهاكات الحقوقية التي يتعرض لها شغيلة القطاع ورغم العدد الهائل من المواطنين الذين يشتغلون به ورغم الموارد المالية الضخمة التي يساهم بها في خزينة الدولة ،والتي يجنيها أرباب المقاولات و المراكب والتي يعتبر مصدرها الأساس بعد الثروة البحرية المورد البشري أي ”رجال البحر” بمختلف درجاتهم، دون مراعات لأدنى الحقوق من قبيل الحق في العمل ،المساواة أمام القانون،والحق في السلامة الشخصية،والحق في الصحة،الحق في التصويت والترشح…..، إلى غير ذلك من الحقوق .
لقد تعرض البحار لهذا الحادث دون علم السلطة البحرية أو أي جهة معنية بالحادث في حين تم الإكتفاء بالذهاب به رفقة ربان المركب للوحدة الصحية البحرية قرب الميناء والتي إكتفت بخياطة الإصابة وتركه هناك دون مساعدة لا مادية ولا معنوية ودون أية إسعافات أولية و أية تحاليل ودون اتخاذ أية إجراءات قانونية لضمان حق التعويض عن الحادث والذي يضمنه القانون،علما أن البحار المصاب قد تعرض لإصابة على مستوى الرأس،ليتدخل بعد ذلك مناضلونا بالمنظمة والإتحاد المحلي للمنظمة الديمقراطية للشغل بعد الإتصال بهم من طرف عائلة المصاب ليتم نقله بعد ذلك لمستشفى ابن المهدي بالعيون،وبعد إستياء حالته تم نقله بسيارة الإسعاف إلى مستشفى الحسن الثاني،هذا كله دون أي مبالات من طرف المسؤولين علما أن المسؤولية هنا هي ”مسؤولية تضامنية” يتحملها كل حسب اختصاصه و حسب كرسي المسؤولية والتي ترتبط بالمسؤولية حسب مضامين الدستور المغربي،وذلك حسب التسلسل الهرمي للإدارات المعنية .كما لا ننفي مسؤولية الربان الشخصية والتي تم تحديدها بالتفصيل بالجزء الثالث من الكتاب الأول من القانون البحري من الفصل 140إلى الفصل 164 مكرر إضافة إلى مسطرة تعيينه وعزله والتشطيب عليه وكذلك اختصاصاته.والتي غالبا ما يجهلها أغلب الربابنة نظرا لضعف التكوين البحري في هذا المجال.
إنطلاقا من إيماننا المطلق بتفعيل مبادئ حقوق الإنسان ومطلب ”التغيير بالدستور” نشير إلى أنه من الحقائق الواضحة أن الصيغة الدستورية الحالية حتى وإن تضمنت النص على احترام هذه الحقوق والحريات إلا أنها ما تزال عاجزة عن مواجهة مشكلة إنتهاكات الحقوق والحريات ونخص بالذكر هنا رجال البحر ، وبلوغ الحل المناسب والأنسب،والخطير عندما تكون هذه الإنتهاكات بسبب ”تطاول” بعض المسؤولين أو حتى الموظفين ببعض الإدارات شأن الإدارة أو الإدارات والمعنية بموضوع مقالتنا هذه على الوظيفة وأحيانا ”إغتصابها” أو ”تجاوز السلطة” وذلك بسبب الجهل القانوني للإختصاص الإداري والخلط بين السلطة الرسمية والسلطة الشخصية ووضع الإنسان غير المناسب في المكان الغير المناسب.
إن أي دستور مهما بلغ من الكمال فإنه ليس غاية في حد ذاته، بل هو وسيلة لقيام مؤسسات ديمقراطية، فالعبرة ليست بوجود الدستور والمؤسسات وإنما باحترام هذا الدستور وهذه المؤسسات وممارسة ايجابية وفعالة. فالرهان الحقيقي اليوم هو الإنتقال من خطاب ”تغيير الدستور” إلى خطاب ”التغيير بالدستور” والإنتقال من مرحلة دستور ”المؤسسات” إلى مرحلة دستور ”الشعب” و تفعيل المقتضيات الدستورية وخاصة المقتضيات الحقوقية المتضمنة في الوثيقة الدستورية وتحويلها إلى إجراءات وتدابير ملموسة تتيح للمواطن عامة ورجال البحر خاصة لمس أثارها في مختلف نواحي الحياة اليومية وفي دواليب المؤسسات والإدارات المعنية بالقطاع والتي لها صلة به. وهذا الرهان يتطلب لا محالة انخراطا واسعا من لدن مختلف الفاعلين ومن مختلف مكونات الدولة. فنحن في حاجة لتحقيق نهضة شاملة قاطرتها الديمقراطية ومبادئ الحكم الرشيد الذي يلعب فيه البرلمان رغم الفراغ والجمود وغياب التمثيلية كما وكيفا بالنسبة لممثلي شغيلة قطاع الصيد البحري ،كذلك الأحزاب السياسية والنقابات الجادة و المجتمع المدني والقطاع الخاص دورا أساسيا بجانب الدولة.