مع توثر الأعصاب وخروج الحوار عن إطاره العام في أولى لقاءات المجهزين والمصنعين الخميس المنصرم بأكادير ، عادت الدلالة لتلقي بجاهزيتها للتنفيذ على الوسط المهني المهتم بالصيد بالصناعي .
ويأتي هذا النقاش بعد أن ظهر للعيان أن المصنعين لن يتفاعلوا مع مطلب الشريحة المهنية، المتمثل في رفع الثمن المرجعي ب 50 سنتيما على الأقل ، حيث أن هناك حديث في الكواليس عن رفض المجهزين لهذه القيمة، وسط تلويح بزيادة في حدود 20 سنتيما، قد ترفعها المفاوضات لسقف 30 سنتيما على الأكثر. وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام مقترحات جديدة، قد تصل لتفعيل الدلالة كخيار ملغوم قد يرفع الأثمنة كما قد يهوي بها إلى أضعف المستويات عند إرتفاع العرض. لكنه والحالة هذه فهو خيار يطلبه المجهزون والأطقم البحرية، ويرفضه المصنعون.
ومع رفض المصنعين لهذه الزيادة، أظهر بعض التجار إستعداداهم لرفع الأثمنة المرجعية بزيادة 50 سنتيما، مع تلويحهم في تصريحات متطابقة لجريدة البحرنيوز، بإحتكار شراء السمك الصناعي بميناءي الداخلة وبوجدور، وهو إقتراح يطرح الكثير من الأسئلة بخصوص تدبير هذه الزيادة، لكون التاجر، هو عادة لا يقترح زيادة إلا إذا عرف بأنها لن تؤثر على ربحه، بمعنى أن التسويق لن يرفض بيع السردين بأثمنة تفوق ما هي عليه اليوم .
غير ان هذه الزيادة ستصطدم برفض المصنعين الذين يشرعنون الأثمنة المرجعية مستفيدين في ذلك من تنظيمهم القوي من جهة، وكذا كونهم الزبون الأساسي للتجار ، رغم أن كثيرون يعلمون بأن هناك ممارسات ظلت تحكم العلاقة، التي تربط التاجر بالمصنع في قطاع السمك الصناعي، بمعني سيادة منطق “تحت الطبلة”، التي جعلت شريحة واسعة من التجار تغتني من تجارة الأسماك السطحية، وهو ذات المنطق الذي يستفيد منه مجهزون، دون أن تصل تبعاتها للأطقم البحرية بإستثناء قلة معدودة بالقطاع. حيث الرهان الأساسي عند المفاوضين هو إخراج الزيادة العشوائية من الظلمات إلى النور ليستفيد منها الجميع .. دولة وفاعلون .
ويعرف متتبعو الشأن البحري اليوم أن أكبر مؤثر في تجارة السردين، يبقى هو التاجر أو الوسيط ، لكونه يتفاعل بشكل مباشر مع المجهز، وبنفس المسافة يتفاعل أيضا مع المصنع. لذى فالمفاوضات الحالية من المفروض إستحضارها لهذا “الدينامو” الذي يغرس الحركة في علاقة المجهزين بالمصنعين.
إلى ذلك إعتبرت مصادر محسوبة على التجار أن هذا المكون هو يغامر بإقدامه على شراء الأطنان من السردين والإستثمار فيها من أجل الربح ، لكن قبول هذه الأسماك من عدمه من طرف الوحدات الصناعية، يحكمه العرض والطلب، حيث من الممكن أن يحالفه الربح كما قد تحالفه الخسارة. إذ في كثير من الأحيان ينتهي المطاف بالأسماك لدى وحدات الدقيق لإرتفاع نسبة الهيستامين. رغم أن حجم الخسارة اليوم أصبح محدودا في ظل التطور الذي تعرف صناعة العلف ، حتى ان الأسماك اليوم أصبحت توجه مباشرة من السوق إلى أحواض التربية والمزارب..
من جهة أخرى وفي إرتباط بمطلب الدلالة ، يرى فاعلون أن هذا المطلب هو سابق لأونه، في ظل غياب الأرضية المناسبة، والبنيات التحتية التي تحتاجها هذه العملية، التي يمكن أن تشكل خيارا في المستقبل القريب، في حالة مُضيّ المكتب الوطني للصيد البحري في طريق عصرنة مراكز الفرز وتعزيز ديناميتها، وتعميم الرقمنة التي تتتيح إنعقاد الدلالة بشكل رقمي وما يواكبه من إجراءات بإعتماد منطق الفرز الذي يحدد النوعية والجودة . وهو المعطى الذي من شأنه تغيير الكثير من الأشياء السائدة اليوم على مستوى تجارة السمك بالجملة في إتجاه تخليق الممارسة وإحاطتها بالشفافية .
وعلقت ذات المصادر على مطلب المجهزين وموقف المصنعين بالقول أن الزيادة تفرضها المرحلة ، مشيرة في ذات السياق أن رفع القيمة هو عادة ما يحسمه إتفاق المجهزين مع المصنعين ، فيما يبقى التاجر خارج هذه المنظومة التفاوضية رغم أهميته على مستوى الوساطة كفاعل يربط بين الطرفين. وهي معادلة أصبحت اليوم في حاجة لتغيير مواقع القوة ، مع التشديد على دخول وزارة الصيد على خط المفاوضات ، لكون العملية تهم تثمين المنتوج كأحد أساسيات الإستراتيجية القطاعية أليوتيس ، والخروج من وضع المراقب السلبي لمجريات الحوار .
وبين هذا الطرف وذاك تتساءل الأطقم البحرية عن مصير بريم الشارج ، كمطلب ظل محط نقاش في أوساط الأطقم البحرية ، حيث الرهان على تحفيز العنصر البشري ، نظير التضحيات الكبيرة التي يقدمها لضمان وصول أسماك طرية على مستوى عال من الجودة، تجنب التجار الخسارة وتزود الوحدات بمادة أولية تراعي خصوصيان التنافسية، التي تتطلبها قنوات التصبير والتجميد.
اياكم الوقوع في شباك الدلالة حين ذاك سيصبح الكابي مملوء باصحاب تافاسكا يعني المضاربة يعني الرشوة يعني سيصبح مصيركم بيد الشناقة