خلف الفيديو الذي نشرناه في وقت سابق حول تخلي أحد مراكب الصيد الساحلي صنف السردين عن مصطاداته من الكووربين، التي تعد بالأطنان بعد أن علقت في شباكه، وكذا إعادة تجميعها من طرف قوارب الصيد التقليدي، جدلا واسعا وردود افعال قوية في أوساط الفاعلين المهنيين، هؤلاء الذين طالبوا بإعادة النظر في هذه المشاهد التي تسيء للمصايد كما تسيئ للمكون البحري ، خصوصا وأن اصداء مهنية أكدت أن تفاهمات تحصل بين الأطقم البحرية بخصوص هذه الأسماك .
وسجل فاعلون مهنيون في تصريحات متطابقة إستقتها البحرنيوز أن هذا السلوك يدفع الصيد الساحلي صنف السردين ثمنه غاليا على مستوى قنوات التشريع، على إعتبار أن وضع القرارات يستند عادة إلى حجم مفرغات الصيد على مستوى مركز الفرز وأسواق السمك للبيع الأول بالموانئ، كمؤشرات يتم إعتمادها في تشريع الكوطا المخصصة لكل أسطول، وبالتالي فتخلص مراكب السردين من مصطاداتها وتجميعها من طرف قوارب الصيد التقليدي، هو ما يرفع كوطا الصيد التقليدي على حساب االصيد الساحلي، بإعتباره شباك الأسطول الساحلي هي التي تصادف هذه الأسماك بين الماء والما، لكنه يحرم من رفع مؤشراته على مستوى المفرغات المسوقة، دون إغفال التهريب والسوق السوداء، ومعها يتراجع حضوره في إستغلال المصيدة، في مشهد مليئ بالتناقضات، تؤكده الكوطا المعلنة لهذا الصنف في السنة الماضية وقبلها الكوطا المعتمدة في مخططات أخرى، تم ترسيمها بناء على حجم المفرغات باسواق البيع الأول.
وأوضحت ذات المصادر في تصريحاتها للبحرنيوز المهنية أن عدم تمكين الأسطول من تفريغ مصطاداته العرضية، وحرمانه من تدبير هذا النوع من المصطادات، بات من الواجب وضعه في سياقه العام، بما يضمن للأسطول الصيد الساحلي صنف السردين حقوقه الكاملة، لأن التخلي عن المصطادات بعد صيدها وجب تدوينها في سجلات خاصة، وإعتماد بشكل صارم كمؤشرات إحصائية بنيوية في بناء القرارات، لاسيما وأن ّأسماك القرب ظلت تعتبر قبل عقود مصيدة من المصايد الإستراتيجية لمراكب السردين ، حيث دعت المصاد مركز القرار إلى مراجعة طريق تدبيره لكوطا سمك القراب في القرارات القادمة بشكل يضمن عدالة في توزيع تماشيا مع الإستغلال الحقيقي للمصيدة .
غلى ذلك يؤكد عدد من المتدخلين، أن إشكالية التخلي عن الأسماك في البحر شائعة بمياه الجنوب في غياب إحصائيا رسمية، داعين إلى فتح نقاش جاد بخصوص الأسماك المتخلى عنها في البحر، التي تعد اليوم من أكبر التهيديدات التي تواجه المصايد الجنوبية للمملكة، لاسيما وأن أصوات نشطاء البيئة البحرية ، ظلوا يؤكدون على القطع مع هذا السلوك غير الرشيد ، إذ بات مطلوبا إيجاد حلول جادة تمنع أي تخل عن الأسماك في البحر، إسوة بالتجربة الأوربية التي بادرت منذ سنة 2017 إلى إصدار قانون، يمنع منعا باثا التخلي عن الأسماك بإعادتها إلى البحر، كيفما كان نوعها وحجمها التجاري ووضعيتها القانونية. فإذ تمت عملية الصيد، وجب إستقطاب المصطادات إلى الميناء وتفريغها ، وبعدها يتم التفاهم بخصوص هذه المصطادات.
وعمد مشروع القانون رقم 95.21 الذي يغير ويتمم بموجبه الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.255 الصادر في 27 من شوال 1393 (23 نونبر 1973) المتعلق بتنظيم الصيد البحري والذي يواصل النقاش على مستوى قنوات التشريع، إلى معالجة قضية المرجوعات أو الأسماك المعادة إلى البحر، والتي يتم التخلي عنها من طرف سفن الصيد البحري. حيث نص المشروع الجديد 95.21 الذي إطلعت عليه البحرنيوز في الفصل 10-1، على أن إعادة الأصناف البحرية إلى البحر تكمن أساسا في إلقاء الأصناف البحرية، التي تم صيدها، عن غير قصد، بواسطة معدات الصيد، إلى البحر اعتبارا لأسباب قانونية أو تجارية. حيث شدد المشرّع في إعداد هذا المشروع وجوبا ، على تسجيل كل عملية تتعلق بإعادة الأصناف إلى البحر تقوم بها سفينة صيد في البحر، من قبل قبطان السفينة أوقائدها، في يومية الصيد الخاصة به، وفق الشروط والكيفيات المحددة بنص تنظيمي. إذ تحدّد الشروط التقنية والكيفيات المتعلقة بتدبير إعادة الأصناف إلى البحرية، بنص تنظيمي، أخذا بعين الإعتبار، على الخصوص، خصائص السفن المعنية ومعدات الصيد المستعملة، ومناطق الصيد والأصناف البحرية.
وبتأمل بسيط فهذه الخطوة التي من المنتظر أن تعزز بنص تنظيمي يوضح كيفيات التسجيل، تبقى قاصرة ، وغير متفاعلة مع الطموحات الكبرى الداعية إلى القطع مع هذه العملية شكلا ومضمونا ، بعد أن ظل الفاعلون والباحثون والمهتمون يشددون على إعادة النظر في تدبير هذه العمليات ، لاسيما حينما يتعلق الأمر بالصيد الخطأ أو العرضي ، إذ تتحول هذه العملية إلى خطإ كبير، أن لم نقل إلى مجزرة في حق الأنواع والبيئة البحرية، حين يتم التخلص من الأسماك المصطادة التي أنهكتها الشباك بإعادتها إلى البحر، وقد نال منها الجهة أو ماتت عن آخرها. وهو ما جعل الكثير من الخبراء والمهتمين بالبيئة البحرية يدقون ناقوس الخطر بخصوص هذه الظاهرة
إلى ذلك صدر مؤخرا في الجريدة الرسمية عدد 7298 قرار لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم543.24 المتعلق بمخطط تهيئة وتدبير مصيدة سمك القرب “”regius argyrosomus”” بالمياه البحرية المغربية. حيث يهدف هذا القرار الذي نشرت البحرنيوز تفاصيله في وقت سابق، إلى وضع مخطط تهينة وتدبير مصيدة سمك القرب بالمياه البحرية المغربية من أجل تحسين، على الخصوص، الإنتاجية البيولوجية للمخزون، عبر ضبط الوفيات الناشئة عن الصيد والحفاظ على الصغار بما يضمن الحفاظ على مستوى المنتج في مستوى مستدام، و تحسين المنافع الإجتماعية والإقتصادية المتأتية من هذه المصيدة على طول السواحل، الوطنية. حيث يحدد القرار، وحدات تهيئة مصايد سمك القرب؛ والحاصل الإجمالي المسموح به من المصطادات لذات النوع السمكي ؛ وكذا أنواع سفن الصيد المرخص لها بولوج المصيدة ؛ و الفترات التي يمنع فيها صيد سمك القرب؛ ومناطق الصيد المرخصة.
وكما هو الشأن للمرحلة التجريبية التي تم تفعيلها في وقت سابق من السنة الماضية، يقسم القرار المياه البحرية المغربية إلى ثلاث (3) وحدات تهيئة، تشمل الأولى المياه الأطلسية المحددة ببين الراس الأبيض ورأس بوجدور، فيما تمتد الوحدة الثانية بين رأس بوجدور وإمسوان ، وتمتد الثالثة بين إمسوان والسعيدية . حيث يسمح في لوحدة التهيئة 1 بصيد سمك القرب لكل من سفن الصيد بالخيط، وسفن الصيد الساحلي بالشباك الدائرية ، وسفن الصيد بالجر المجهزة بنظام للتجميد، وسفن الصيد بالجر وقوارب الصيد التقليدي. فيما يحصر مشروع القرار الأساطيل المرخصة في وحدتي التهيئة 2 و3 في سفن الصيد بالخيط، وسفن الصيد الساحلي بالشباك الدائرية وسفن الصيد بالجر وقوارب الصيد التقليدي.
ويوزع الحاصل الإجمالي المسموح به من المصطادات (TAC )لسمك القرب “regius argyrosomus” الذي يحدد سنويا، بين وحدات التهيئة I وII وIII بمقرر للوزير المكلف بالصيد البحري. ويمكن أن توزع الحصص بعد ذلك حسب فئات السفن. إذ ينشر مقرر توزيع الحاصل الإجمالي المسموح به من المصطادات والتعديلات التي قد تطرأ عليه على الموقع الإلكتروني لقطاع الصيد البحري. ويرخص القرار بالنسبة لوحدة التهيئة I لسفن الصيد بالخيط، وسفن الصيد الساحلي بالشباك الدائرية وسفن الصيد بالجر مجهزة بنظام للتجميد وسفن الصيد بالجر وقوارب الصيد التقليدي ؛ فيما يرخص على مستوى وحدتي التهيئة II وIII لكل من سفن الصيد بالخيط، وسفن الصيد الساحلي بالشباك الدائرية وسفن الصيد بالجر وقوارب الصيد التقليدي.
ويمنع القرار الذي حدد الحجم التجاري المرخص لسمك القرب في 70 سنتمترا على الأقل تحتسب بالطول الإجمالي، يمنع صيد ذات النوع السمكي في يونيو ودجنبر. كما يمنع صيد هذا النوع من الأسماك من طرف سفن RSW ، سواء تلك التي تعتمد نظام الصيد بالشباك الدائرية أو تلك التي تعتمد تقنية الصيد الجر. هذا في وقت ستكون الإدارة مطالبة بالإشارة إلى سمك “القرب” في خانة الأصناف المسموح بها ضمن رخصة الصيد الممنوحة للسفن المرخص لها بهذا النوع من الأسماك في وحدات التهيئة المعنية. فيما سيكون الربابنة وقائدي سفن الصيد المرخصة لهذا النشاط، ملزمين بإفراغ مصطاداتهم بالميناء أو الموانئ المبينة في ذات رخصة الصيد.
تنبيه للراي العام المهني. مراجعة شباك الجر القاعية/السطحية والشباك الدائرية الانسيابية مع تقنينها وتعميمها على الاسطولين الساحلي واعالي البحار حسب خصائصهم التقنية هو الحل الوحيد لضمان صيد مستدام ومسؤول.