شكّل موضوع الإستدامة وتجديد مصيدة الأخطبوط، موضوع لقاء إنعقد صباح اليوم بنقطة التفريغ المجهزة بسيدي بولفضايل جنوب تيزنيت ، بحضور خبراء وفاعلين ومهتمين، حيث شكل اللقاء مناسبة للتعريف بأحد المشاريع الهامة، التي من المنتظر أن يتم تفعيله بالمنطقة، بطلب من المهنيين وبإشراف من غرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى وبدعم من طرف قطاع الصيد البحري، والذي يروم إستبدال الغراف البلاستيكي بالغراف الطيني، إلى جانب غرس الألاف من الغراريف الطينية بسواحل المنطقة.
ويقود هذا المشروع أحد الأطر الوازنة على المستوى الوطني، والذي كسب خبرة دولية كبيرة في هذا المجال، يتعلق الأمر بالدكتور محمد بدير ، القادم من جامعة ميشيغان الأمريكية، الذي حضر أشغال اللقاء، إلى جانب كل من مندوب الصيد البحري بسيدي إفني، والمدير الجهوي للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بأكادير، وكذا مدير غرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى، إلى جانب أعضاء تعاونية جلب بوالفضايل يتقدمهم رئيسها محمد بودربال ، وكذا عدد من البحارة والفاعلين .
وقدم محمد بدير الأستاد السابق في معهد الزراعة والبيطرة، عرضا مفصلا حول المشروع الذي وصفه بالمتكامل، والرامي لتثبيت ووضع قوارير مصنوعة من الطين في قاع البحر بصفة نهائية، كشعب اصطناعية، وملاجئ لإناث الأخطبوط في مرحلة الوضع، حيث سبق وأن نجحت هذه التجربة باليابان في اختبار مثل هذه الإجراءات بشكل كبير. إذ يشدد الخبير في مصايد الأخطبوط، على ضرورة اعتماد إجراءات إدارية سليمة تستهدف مخزون الأخطبوط، من خلال حظر استعمال واستخدام القوارير البلاستيكية، من طرف الصيد التقليدي. وفي مقابل دلك تمنح للقوارب التقليدية إمكانية استعمال قوارير طينية، بأعداد محددة، في حدود 300 وعاء طيني لكل قارب تقليدي، تستعمل في رحلات صيدهم بمصيدة الأخطبوط. على أن يتم وضع مئات الألاف من القوارير الطينية، في قاع البحر في نفس مناطق الصيد المستغلة، على أن يكون العدد أكبر بأصعاف ما تستغله القوارب التقليدية.
ويؤكد بادير في مشروعه لاستعادة مخزون الأخطبوط في بيئته البحرية الطبيعية، على أن إجراءات غرس قوارير طينية في القاع البحري، هي فعالة، لأنها تمنح إناث الأخطبوط في مرحلة وضع البيض فرصة أفضل، للبقاء على قيد الحياة، في مقابل تدني احتمالات صيدها بمعدل بقاء يصل الى 90% . هذا إضافة إلى أن ذات القوارير المرمية في قاع البحر بشكل نهائي تشكل مساكن، بل ملاجئ كحماية من الكائنات المفترسة. فيما اكد الخبير أن هذا المشروع سيخلق رواج إقتصاديا مهما، سواء من حيث العائدات التي سستتدفق على الصيادين من خلال تحسّن المصايد، وضهور أنواع جديدة من الأسماك المختلفة، لاسيما منها تلك التي تتغذى على بيض وصغار الأخطبوط، إلى جانب تطوير صناعات محلية مرتبطة بالخزف ، من أجل ضمان البدائل في حال تكسر أو ضياح بعض القوارير.
وتعوّل غرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى في شخص رئيسها فؤاد بنعلالي على هذا المشروع الإيكولوجي الهام، في مرحلته التجريبية، حتى وإن كان حامل المشروع يؤكد أن لا مجال للحديث عن التجربة، لأن القوارير الطينية هي مستخدمة مند عقود، وأثبتت نجاعتها بشكل كبير. فيما أكد سعيد العسل مدير غرفة الصيد البحري، أن الغرفة تعمل على تثيمن العمل المنجز على مستوى نقطة التفريغ سيدي بوالفضايل، التي تعد من أهم نقط الصيد المستدام على المستوى الوطني، بعد ان إختار مهنيو المنطقة الصيد بالخيط والكراشات كمعدات مستدامة.
فالمهنيون هنا، يقول سعيد العسل، قد نظموا أنفسم بأنفسهم، وإرتكنوا إلى الصيد الإنتقائي والمستدام، وقطعوا مع مختلف السلوكيات التي تنخر المصايد ، وهم اليوم يجنون ثمار مجهودهم، لأن إختيار المنطقة لتنزيل هذا المشروع الهام والنموذجي، هو نابع من الإرادة القوية التي عبر عنها مهنيو المنطقة بالدرجة الأولى في تطوير نشاطهم المهني والحفاظ على مصايدهم للأجيال القادمة . وكذا القناعة الراسخة لدى حامل المشورع ومعه الجهات الوصية على توفير البيئة السليمة لإنجاح المشروع.
وإلتقطت غرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى التوصية التي قدمتها الكاتبة العامة لقطاع الصيد البحري زكية الدريوش، في مداخلة لها ضمن إحدى الورشات بأكادير، الداعية إلى التفكير في مشروع مندمج ومتكامل، بخصوص إعتماد القوارير الطينية، لاسيما في ظل الوعي الحاصل في الوسط لمهني لحظر إستعمال الغراريف البلاستيكة، حيث سيكون على هذه الغرفة وبمعية المهنيين وضع خارطة طريق تشكل أرضية لمنع الغراف البلاستيكي على المستوى الوطني.
وكان مندوب الصيد البجرب بغداد بودي قد اكد بدوره على أن نقطة الصيد بوالفضايل ، يضرب بها المثل ، من حيث نشاط الصيد ، كما أن قوارب الصيد التقليدي النسيطة بالمنطقة، أصبحت على درجة عالية من الوعي بالصيد المستدام، منوها في ذات السياق بالأرقام المحققة على مستوى نقطة الصيد، والتي تعد إستثنائية في سنة 2022 ، على الرغم من كون نقطة الصيد تعاني من الظروف المناخية الصعبة في غياب مرفئ وحاجز وقائي، يفتح الباب أمام المهنيين على الإبحار بشكل متواصل، للإستفادة من مختلف مواسم الصيد البحري. فيما حمل مندوب الصيد للحاضرين في اللقاء رسالة من عامل الإقليم الذي أكد إستعداده للإنخراط في إنجاز مختلف المشاريع التي من شأنها تقديم الإضافة لمهنيي الصيد بالمنطقة.
وقال محمد بودربال رئيس تعاونية جلب سيدي بوالفضايل للبحرنيوز، أن مهنيي الصيد قد إقترحوا إستقبال هذه القوارير الطينية ، بعد أن إستأنسوا منذ زمن بعيد بالصيد المستدام، وإنخرطوا بجدية في مختلف البرامج التي تدفع في هذا الإتجاه، بما يعني ذلك من صبر وتضحيات ، وهو مايفرض دعم بحارة المنطقة وتحفيزهم من أجل مواصلة هذا النهج المتوارث على مدى أجيال. لدى فإن السلطات الوصية مطالبة بإنجاز رصيف مينائي على غرار ما هو منجز بالصويرية القديمة، لتمكين البحارة من الإستقرار في نقطة التفريغ، فالظروف المناخية تمنع على البحارة الإستمرار في أنشطتهم المهنية، وهو ما يضطرهم للدخول في أيام من العطالة بشكل يحرمهم من الكثير من الفرص، لاسيما وأن الصيد المحقق على مستوى نقطة التفريغ يبقى عز الطلب من طرف المصدرين بالنظر لجودته العالية.
يذكر أن المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، قد دخل بدوره على خط التطور الذي تعرفه نقطة التفريغ ، وقرر بعد تشاور مع المهيين النشيطين بالمنطقة، ضم نقطة التفريغ بولفضايل لسلسة نقط التفريغ المعنية، بإشراك البحارة في عملية الرصد العلمي للموارد البحرية والظواهر البيئية، وذلك من خلال تزويد البحارة بهواتف نقالة تحمل تطبيقا يساعد البحارة على الإنخراط في هذه المهام العلمية. وهو ما سيمكن من الجمع المستمر للمعلومات البيولوجية والبيئة، على مستوى مواقع الصيد التقليدي. وسنعود لهذا الخبر بالتفاصيل في مقالات قادمة . ..