سجلت أسعار الحبار “السيبية” ارتفاعا مهما بمدينة الداخلة في الأيام الأخيرة بعد أن عمد بعض البحارة إلى إدخال أسماكهم إلى أسواق السمك بمختلف قرى الصيد بالجهة، حيث تراوحت أثمنة الأنواع الجيدة من بين 50 و70 درها للكيلوغرام الواحد من هذا النوع من الأسماك.
وحسب مصادر مطلعة فإن ارتفاع الأثمنة يجد تفسيره في توقف موسم الأخطبوط، وتوجه أرباب وحدات التجميد والمعامل المتخصصة صوب الحبار، كبديل إستراتيجي في استمرار العمل على مدار السنة، بدل الإعتماد على موسم بعينه، حيث الرهان على تثمين المنتوجات البحرية وضمان تداولها بشكل مستمر، للقطع مع مجموعة من الممارسات التي ظلت تنخر اقتصاد المنطقة، كالتهريب والسوق السوداء وقبله الصيد الغير قانوني والغير منظم والغير مصرح به.
ورغم هذه الطفرة في الأثمنة التي تركت صدى طيبا في الأوساط المهنية، وحمست إلى حد بعيد البحارة والتجار على السواء في التعاطي معها بنوع من الإيجابية، إلا أن مصادر محسوبة على التجار، سجلت وبشكل متذمر في إتصال مع البحرنيوز ، استمرار بعض الكاشطورات ومعهم مجموعة من الوسطاء في السباحة عكس التيار، حيث يعمد هؤلاء إلى شراء الأطنان من مصطادات الحبار بشكل مباشر وبطرق غير قانونية من البحارة بعد عودتهم من رحلة الصيد بأثمنة بخسة في حدود 25 أو 30 درهما ، مستغلين العلاقة المباشرة التي تربطهم بالبحارة دون أن يتركو لهؤلاء الفرصة في إدخال مصطاداتهم إلى السوق.
وسجلت المصادر أن بعض الكاشطورات أو الوسطاء، يقومون بشراء قرابة الثلاثة أطنان من مصطادات الحبار من البحارة، ويعمدون إلى التصريح بكمية محدودة في حدود 20 في المائة من المصطادات التي جمعوها بالكوشطا أو أقل داخل السوق، في حين يمررون الباقي إلى المستودعات المنتشرة بالداخلة، في أفق نقلها إلى مدينة أكادير معتمدين على الوثائق التي تسلموها بعد بيعهم جزأ من المصطادات داخل السوق، مستغلين في ذلك ضعف المراقبة وصعوبة التفتيش الدقيق للشاحنات، التي تتجه من الداخلة إلى اكادير محملة بالأطنان من الأسماك.
وأفادت المصادر أن أرباب القوارب او الكاشطورات كما يسمون في الأوساط المهنية ، يدخلون في العادة أسماك قليلة الجودة او ما يعرف ب “الروتو” ، وهي الأسماك المجروحة أو التي تعاني من نقص ما، حتى تباع بأثمنة لا تتجاوز 25 إلى حدود 30 درهما، لتكون إقتطاعات المكتب الوطني للصيد محدودة، خصوصا ان مستخدمي المكتب تقول المصادر، ظلو يقدمون تسهيلات في هذا المجال. كما انه في الغالب لا يتم عرض الحبار داخل السوق، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام مجموعة من التلاعبات، التي تجعل الأطنان الوهمية من الوثائق دون منتوج تروج في السوق السوداء، الأمر الذي يتسبب في ضياع ملايين الدراهم على إقتصاد المنطقة، وكدا حقوق البحارة، فيما يستفيد من الظاهرة تلة بسيطة من الانتهازيين.
وزادت المصادر ان مثل هذه السلوكيات من شأنها ان تنفر التجار وأرباب وحدات التجميد من الشراء داخل السوق، في ظل المفارقة الحاصلة بين الشراء خارج السوق والطرق الملتوية في الظفر بكميات مهمة من الأسماك، في مقابل الشراء داخل السوق الذي يورط التجار في أثمنة مرتفعة، تجعلهم في منافسة غير شريفة وغير متوازنة. وهي مفارقة من شأنها أن تأثر سلبا على أداء وحدات التجميد المرخصة، التي أصبحت اليوم مهددة بالإفلاس أمام الإنتشار المهول للمستودعات السرية، وكدا مجموعة من الممارسات التي تضر بإقتصاد المنطقة.
إلى ذلك سجلت مصادر محسوبة على مجهزي قوارب الصيد البحري أن أرباب القوارب القانونية يفضلون بيع مصطاداتهم داخل السوق ، خصوصا بعد إرتفاع أثمنة الحبار، موضحة أن الأسماك التي تباع بالكوشطا هي تعود لقوارب غير قانونية، ولا تملك الوسائل التي تخولها الدخول إلى سوق السمك، مما يجعلها رهينة وسطاء معينين يقومون بشراء مصطاداتهم بالبحر، وإعادة بيعها للمستودعات أو “الماكز” الغير مرخصة المنتشرة بالداخلة، و التي تستغل هذه الفترة في الحصول على أكبر قدر ممكن من الحبار الذي يشكل عز الطلب لبعض وحدات التجميد بالمنطقة.
وطالب مجهزو قوارب الصيد التقليدي بضرورة إعادة تفعيل اللجنة المختلطة المكونة من الدرك الملكي والمكتب الوطني للصيد ومندوبية الصيد البحري ، التي كانت تشرف في وقت سابق على عملية شحن المصطادات، مع الدعوة إلى محاربة مختلف القطع العائمة الغير قانونية التي تعيث فسادا بالبحر كالزودياك والإطارات الهوائية والقوارب الغير قانونية، من أجل توقيف النزيف الذي تعرفة الثروة السمكية بالمنطقة. منبهة في ذات السياق إلى أهمية ولوج مختلف المصطادات إلى السوق، وتعاطي التجار مع الأسماك بشكل تكاملي، ومن دون تمييز، بعيدا عن عملية الغربلة التي ظل يعتمدها التجار في المفاضلة بين الأسماك، وذلك بهذف تشجيع المهنيين على إدخال مصطاداتهم إلى السوق وعدم التفريط فيها باثمنة محدودة في السوق السوداء.
ودعت المصادر السلطة المحلية إلى ممارسة إختصاصاتها في إغلاق عشرات المستودعات الغير قانونية المنتشرة بالداخلة والضواحي، والتي تستقبل الأطنان من المصطادات الغير قانونية، مطالبة في ذات السياق مندوبية الصيد البحري بالقيام بدورها كاملا في محاربة الصيد الغير قانوني والغير منظم والغير مصرح به، مع الدعوة إلى تضافر جهود مختلف السلطات في تنشيط عملية البيع داخل الأسواق ومحاربة البيع بالكوشطا . كما شددت المصادر على دور حواجز المراقبة المنتصبة على بعد كيلومترات قلية من مدينة الداخلة في تدقيق عمليات التفتيش لمختلف العربات المحملة بالأسماك المنطلقة من مدينة الداخلة في إتجاه المدن الداخلية.