«ندرة السمك في الأسواق ليست ناتجة عن تراجع في سخاء البحر المغربي، كما أن ارتفاع الأسعار ليس المضاربون وحدهم سببه»، هي الخلاصة التي أكدتها معطيات جديدة، توصلت بها «الصباح»، وتشير إلى أن 600 ألف طن من السمك، تتعرض عمدا للإفساد بغرض توجيهها إلى معامل دقيق السمك، الذي يتم تصديره ويستعمل في صناعة الأعلاف.
وتقف شخصيات نافذة، بعضها لها امتدادات سياسية وحزبية في اليمين كما اليسار، حسب مصادر مطلعة لـ»الصباح»، وراء عمليات الإفساد العمدي للسمك الصالح للاستهلاك، ولا تترك للمغاربة إلا «200 ألف طن، من أصل 800 ألف طن يتم اصطيادها سطحيا، سيما من قبل سفن الصيد بالتبريد المعروفة بين المهنيين بـ»إر إس دوبلفي».
واتهمت مصادر «الصباح»، مصالح رسمية في القطاع، بـ»التواطؤ»، من خلال عدم تفعيل آليات المراقبة في الموانئ وعلى الطرقات، إذ أن شاحنات تغادر الموانئ محملة بكميات السمك المذكورة بعد إفسادها، بموجب وثائق تبرز أنها موجهة إلى الاستهلاك الداخلي، وإذا ما تم كشف أمر الشاحنات، لا تتم مساءلة السائقين «بشكل جدي»، عن حيثيات تعرض الكميات للإفساد العمدي، من خلال عدم تبريدها والتزام المساطر المفروضة للحفاظ على الطراوة، من قبيل شحنها في صناديق واستعمال الثلج.
وفيما أوضحت المصادر ذاتها أن لجوء اللوبيات النشيطة في المجال، إلى الإفساد العمدي للسمك، يحدث لأن القانون يفرض ألا توجه إلى معامل دقيق السمك، إلا الكميات الفاسدة والمخلفات السمكية الناتجة عن معامل التصبير وعن الاستهلاك، أكدت أن الدافع الأساسي هو أن دقيق السمك يدر أرباحا طائلة مقارنة بالمتاجرة بالسمك الطري الموجه للاستهلاك.
وتدخل كمية 20 طنا من السمك الطري التي أتلفتها السلطات العمومية بالداخلة، الخميس الماضي، بعد ضبطها من قبل الدرك الملكي، في شاحنة كانت وجهتها معملا لدقيق السمك، ضمن معدل 600 ألف طن من السمك الطري الذي كشفت مصادر «الصباح» حرمان المغاربة من استهلاكه.
وانكشف أمر الشاحنة، الأربعاء الماضي، لمناسبة تحرك الدرك الملكي، إثر ما كشفته «الصباح» خلال اليوم نفسه، حول تمكن 14 شاحنة مملوكة لشخصية نافذة من تهريب 260 طنا من السمك من الداخلة إلى سوق الجملة بالبيضاء دون مروره من مرحلة البيع الأول، بالمسارعة إلى إقامة حاجز بري في النقطة الكيلومترية رقم 25، أسفر عن إيقاف الشاحنة.
ووفق معطيات استقتها «الصباح» من مصادر موثوقة، أوقف قائد الحاجز البري الجديد، الشاحنة وطالب سائقها بالوثائق، ليتفاجأ بأنه لا يحمل سوى «وصل مغادرة الميناء» وفيه أن الكمية سمك طري موجه للاستهلاك، ولما قام بتفتيش الشاحنة، سيكتشف أن الأطنان العشرون، شحنت بشكل عشوائي وغير صالحة للاستهلاك، ليعترف السائق أن وجهتها الحقيقية هي معامل دقيق السمك.
وتزامنا مع تلك العملية، تمكنت مصالح الدرك الملكي في محطة الأداء بالطريق السيار في برشيد، من حجز شاحنتين مماثلتين، قادمتين بكميات من السمك من الجنوب إلى سوق الجملة بالبيضاء، لكن تفتقد الوثائق اللازمة من قبيل شهادة الخروج من الميناء التي يسلمها المكتب الوطني للصيد، وشهادة مندوبية وزارة الصيد البحري التي يفترض أن تضم جردا للأسماك المنقولة، وشهادة المكتب الوطني لمراقبة سلامة المنتجات الغذائية.
وإذا كانت الخروقات المذكورة، تجعل كميات السمك التي تنقلها الشاحنتان يصدق عليها وصف «المهربة»، فاللافت، وفق ما علمته «الصباح»، أن السائقين رفضا التعاون مع الدرك الملكي والكشف عن مالك الكميات، ما استدعى من النيابة العامة، الأمر بوضعهما رهن تدابير الحراسة النظرية، منذ ليلة الأربعاء-الخميس.
البحرنيوز : الصباح