شكل الوضع المقلق حول نقص مخزون السردين بالمغرب، وخطورة تداعياته الاقتصادية والاجتماعية، محور سؤال برلماني موجه من طرف المعارضة لكاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري على مستوى مجلس النواب.
وتساءلت ثورية عفيف النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية ، في سؤال كتابي بمجلس النوابمن خلاله حول ماهية الإجراءات التي ستقوم بها كتابة الدولة لمعاجلة القضية المذكورة ، حماية للثروة السمكية الوطنية والقطاع المعني، لاسيما بعد ناقوس القلق الذي دقه الاتحاد الوطني لصناعات مصبرات السمك، والذي حذر من خلاله من أخطر أزمة غير مسبوقة في تاريخ قطاع تعليب الأسماك في البلاد، حيث النقص الحاد في الموارد السمكية، وعلى رأسها سمك السردين.
وأكدت واضعة السؤال أن هذا الوضع الذي من شأنه أن يؤدي إلى انهيار صناعة استراتيجية وما يترتب عنه من تداعيات اقتصادية واجتماعية وخيمة، تهدد الحياة الاجتماعية لأكثر من 35 ألف عامل. إذ ووفق معطيات وأرقام حول القطاع، فقد تراجعت كمية السردين المفرغة إلى حوالي النصف خلال عامين فقط، والتي كانت بين عامي 2022 و2024، وبالتالي تراجع كبير لنسبة التصدير عامة وإلى الأسواق الإفريقية خاصة.
وكان الاتحاد الوطني لصناعات مصبرات السمك، المعروف اختصارا بـ(UNICOP) قد أطلق تحذيرا شديدًا، خلال جمع العام الآخير، مشيرا إلى أن قطاع التصبير يُواجه أزمة غير مسبوقة تهدد استمراريتها. حيث أوضح الإتحاد في بلاغ صحفي توصلت البحرنيوز بنسخة منه في وقت سابق ، أن هذه الأزمة تتجلي ثلاثة مؤشرات رئيسية، تتمثل في الاستنزاف غير المسبوق للموارد السمكية، والآثار الاجتماعية الوخيمة التي تلوح في الأفق، والتراجع الحتمي لقطاع التصنيع في حال عدم اتخاذ إجراءات فورية.
ويعتمد إنتاج الأسماك المغربية وفق ذات البلاغ الصحفي بنسبة 85% على الأنواع السطحية الصغيرة، على وجه التحديد السردين. ووفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن المكتب الوطني للصيد (ONP)، تراجعت كميات صيد السردين من 965 ألف طن سنة 2022 إلى 525 ألف طن سنة 2024، حيث بلغت نسبة التراجع 46% تقريبا على مدى السنتين الماضيتين. هذا التراجع يُوضح حجم الوضع عبر سلسلة القيمة بأكملها.
وفي هذا السياق، يأعرب الاتحاد الوطني لصناعات مصبرات السمك UNICOP عن دعمه الكامل لموقف السيدة زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، الذي يشدد على ضرورة فرض حظر صارم على صيد الأسماء الصغيرة، وتعزيز مكافحة الصيد غير المشروع. هذا الدعم نابع وفق ذات البلاغ من الإيمان الراسخ بضرورة الحفاظ على الموارد السمكية. كما يجب على المدى القصير تنفيذ مراقبة منهجية وصارمة في الموانئ من أجل ضمان التطبيق الفعلي لهذه التدابير والوقوف على مدى احترامها على أرض الواقع. كما يوصي UNICOP بتكييف الراحة البيولوجية، استنادًا إلى نهج علمي محدث يدمج ديناميكيات الكتلة الحيوية، مع ضرورة الاعتماد على جرد شفاف للمخزون لضمان أفضل النتائج.
وتُعد صناعة تعليب الأسماك المحرك الأكبر للتوظيف في قطاع الصيد، إذ تساهم في خلق فرص عمل تفوق بـ8 مرات تلك التي يوفرها قطاع التجميد، وبـ40 مرة تلك الني يوفرها قطاع دقيق السمك. واليوم حسب البلاغ ، يواجه أكثر من35 ألف وظيفة مباشرة و 120 ألف وظيفة غير مباشرة خطر الزوال جراء تراجع النشاط في هذا القطاع الحيوي.
وأدى الانخفاض في الكميات المتاحة من الأسماك إلى انخفاض نشاط المصانع بنسبة 50%، مما نتج عنه خسارة كبيرة في ساعات العمل والتعليق المؤقت للعمليات وخطر الإغلاق على المدى الطويل. إذ يهدد هذا الوضع التوازن الاجتماعي والاقتصادي للمدن الساحلية ويضعها على المحك. وفي مواجهة هذا الخطر الاجتماعي، دعا UNICOP إلى اتخاذ تدابير فورية من أجل الحفاظ على مناطق التشغيل وتفادي الإخلال بالتوازنات الاجتماعية.
ويواجه المغرب، بصفته أكبر مصدر للسردين المعلب على المستوى العالمي، تراجعا ملموسا في مكانته ضمن العديد من الأسواق الاستراتيجية. ففي سنة 2024، انخفضت الصادرات إلى إفريقيا، وهي منفذ حيوي للقطاع، بنسبة 30%، مما يشير إلى تدهور مقلق. وفي سياق ندرة الموارد وارتفاع التكاليف، تتآكل الهوامش الصناعية، في حين تكتسب المنافسة الآسيوية أرضا جديدة، مما يُضعف القدرة التنافسية للقطاع المغربي بشكل كبير. إذ تسلط هذه الأزمة الضوء على الحاجة الملحة إلى تحقيق قفزة استراتيجية جماعية.
ودعا الاتحاد الوطني لصناعات مصبرات السمك UNICOP، باعتباره منظمة تمثيلية لمؤسسات القطاع، إلى تعبئة ترتكز على مجموعة من الأولويات تهم الحفاظ على الموارد السمكية من خلال التنظيم الصارم للاستخدام الصناعي للسردين وحظر تصدير كميات كبيرة من السردين الموجه للاستعمال الصناعي مع عدم استخدام السردين الكامل للدقيق ، والعمل على فرض قيود صارمة على صادرات الأسماك المجمدة. إلى ذلك شدد الإتحاد على حظر تجميد السردين غير المعبأ لتغذية الحيوانات وحماية التوظيف الصناعي، من خلال آليات دعم النشاط وتخصيص المواد الخام بشكل أفضل للتعليب بعد خدمة السوق الطازجة. وإعادة التوازن إلى الجهاز الإنتاجي، من خلال فرض وقف فوري على إضافة قدرات جديدة لمعالجة السردين (جميع القطاعات مجتمعة)، في انتظار تسجيل تحسن ملموس في الموارد
ويضم الاتحاد الوطني لصناعات مصبرات السمك UNICOP نحو 39 مشغلًا صناعيًا يعملون في تثمين الموارد السمكية الوطنية والحفاظ على قطاع تصدير قوي ذو جذور إقليمية قوية وفق ذات البلاغ ، ما يجعل منه فاعلا مركزيا ومحويا في عملية إعادة تأسيس النموذج الوطني لصيد الأسماك. ويدعو في هذا الصدد إلى فتح حوار استراتيجي عاجل مع السلطات العمومية، من أجل وضع خارطة طريق واضحة ومشتركة وعملية بهدف الخروج المستدام من الأزمة الحالية.
حصاد تم زرعه.
قرار جديد متعلق بتهيئة مصيدة سمك التونة الحمراء ينضاف إلى قائمة باقي القرارات المثيرة للجدل (مصيدة الأسماك السطحية الصغيرة/ مصيدة الأخطبوط).