تم أمس السبت 12 مارس 2022 إنتشال الجثة السادسة، ضمن ضحايا قارب الصيد “مصطفى” السبعة، الذين غرقوا على إثر تحطم هذا القارب على بعد مسافة قريبة من ميناء الجديدة .
وتم إنتشال الجثة السادسة من نفس المكان الذي أنتشلت فيه باقي الجثث على مستوى الحاجز الوقائي ، فيما لازالت الأمال قائمة في أن يلفظ البحر الجثة السابعة اليوم أو غدا الإثنين، خصوصا بعد أن فشلت مختلف العمليات التمشيطية التي قامت بها مصالح الإنقاذ ومهنيي الصيد في العثور على المفقودين رغم ما تم رصده من إمكانيات بشرية ولوجستية لهذه الحملات، فيما نجحت الثيارات البحرية والأمواج القوية في لفظ الضحايا الستة في إنتظار ظهور المفقود الآخير في الحادث.
وقالت مصاد محلية محسوبة على ممتهني الغطس أن الضحية السابعة المفقود إلى حدود اللحظة، من المتوقع أن يكون أكثر البحارة مقاومة للغرق عند وقوع الحادث، الأمر الذي نجم عنه تسرب كميات كبيرة من الماء بعد الإجهاد، إلى ممرات الجهاز التنفسي والرئة، لينتقل من بعدها إلى الدم. وهو ما يرفع من حجم الجثة، التي تهوى إلى أعماق البحر ، حيث من الممكن أن تمكت هناك إلى حين التحلل، وقد ترمي الأمواج ببعض أجزائها، وذلك على عكس ضحايا الغرق الذين يكون موتهم سريعا، حيث يكون منسوب المياه المتسرب إلى داخل الجسد محدودا، ما يجعل من الجثة سريعة الطفو، لترمي بها الأمواج في إتجاه الثيارات البحرية نحو الشاطئ.
إلى ذلك كان البحر قد رمى أمس بباقي أشلاء قارب الصيد “مصطفى” ، خصوصا مقدمة القارب ومؤخرته، في إنتظار إنتشال آخر جثة ضمن الضحايا ، والتي تبقى مؤجلة في ظل الظروف الصعبة، التي تعرفها سواحل المنطقة ، وكذا وعورة موقع الحادث. فيما تسود مخاوف أن تدفع الثيارات البحرية القوية بالبحار الغريق في إتجاه العلو ، ما سيصعب من مهمة العثور عليه قريبا .
إلى ذلك عادت إشكالية السلامة البحرية لترمي بظلالها على الساحة البحرية ، وسط حديث عن جدوى سترات النجاة التي تبقى من أساسيات الإبحار على متن قارب الصيد ، حيث تتعامل معها مكونات الأطقم البحرية بكثير من الإستهتار ، وكأن البحر قد قدم وعود الأمان للبحارة. إذ أن السواحل المغربية تظل شاهدة على الكثير من الحوادث، التي راح ضحيتها بحارة لم يُعتر على جتثهم إلى حدود الأن، رغم مضي سنوات عن فقدانهم. فمن حسنات سترات الإنقاذ، إن لم تتمكن من ضمان الحياة كغاية قصوى ، هي تضمن على الأقل العتور على جثت البحار المفقود بالبحر.
ويطالب الفاعلون المهنيون وزارة الصيد بالإيفاء بوعودها بتعميم سترات النجاة من الجيل الجديد، على مختلف قوارب الصيد النشيطة بالسواحل المغربية ، في خطوة تروم القطع من نزيف المزيد من الأرواح في قطاع الصيد، وتعزيز الوعي المهني بأهمية سترة النجاة، كركيزة أساسية للمارسة المهنية الآمنة والسليمة ، حيث من المنتظر أن تتم مواكبة هذه الخطوة، بسياسة زجرية تعاقب البحارة الذين يمارسون نشاطهم المهني مجردون من سترة النجاة.
وبالعودة إلى الحادث المميت، فقد أكدت مصادر محلية في وقت سابق أن المنطقة التي شكلت مسرحا للحادث، تعد مقبرة حقيقية للقوارب في ظل الثيارت القوية والأمواج التي تتكسر بالمنطقة، خصوصا في هذه الشهور من السنة. حيث يتعامل معها مهنيو الصيد التقليدي العارفين بخباياها، بشكل ينبني على تفادي المرور من المنطقة الوعرة ، حتى لا يقع ضحية “بيرمودا الجديدة” في كناية على موقع الحادث، التي عادة ما تشكل خطرا على القوارب، التي تقترب منها ، حتى أن التاريخ يذكر مجموعة من الحوادث التي سجلتها المنطقة بما فيها قوراب سياحية. حيث طالبت فعاليات محلية بضرورة وضع علامات تشوير بحرية بالمنطقة تمنع القوارب، وكذا اليخوت من الوقوع فريسة للأمواج المتلاطمة والمتكسرة، لتفادي وقوع حوادث مماثلة، التي يدهب ضحيتها العنصر البشري، وكذا دويهم وعائلاتهم.
وتحطم قارب الصيد التقليدي “مصطفى” صبيحة الأربعاء الماضي بسواحل سيدي الضاوي على بعد قرابة 600 متر عن ميناء الصيد بالجديدة. حيث تم تجنيد وسائل جوية وبحرية تابعة للدرك الملكي والبحرية الملكية، بالإضافة إلى إمكانات وموارد بشرية أخرى لمصالح الوقاية المدنية والسلطات المحلية، من أجل المساهمة في عمليات البحث والإنقاذ.