الركراكي: تعاونية الدويرة مصممة على تحقيق أهدافها رغم التشويش

تعتبر التعاونية النسوية للمنتوجات البحرية بدوار الدويرة، واحدة من التعاونيات القروية التي استطاعت أن تصنع لنفسها إسما ضمن الجسم التعاوني المغربي الناشط في قطاع الصيد البحري. وذلك عبر بوابة تربية الأحياء المائية . فالتعاونية التي تضم اليوم 26 متعاونة من نساء دوار الدويرة راكمت من التجربة في مجال تثمين الصدفيات ما أتاح لها استشراف غد أفضل  في استغلال هذا المنتوج البحري، الذي يعاني اليوم مجموعة من التحديات البيئية والبيولوجية والتي تنضاف لبعض المشاكل الداخلية التي تهدد السير العام  للتعاونية.

 في هذا الحوار الذي نستظيف من خلاله  فاضمة الركراكي، رئيسة التعاونية النسوية الدويرة للمنتوجات البحرية، والعضوة بالغرفة الأطلسية الوسطى بأكادير، كممثلة لقطاع تربية الأحياء المائية ، نقف على أهم المشاكل التي تعترض تطور هذا القطاع بالمنطقة ،على خلفية ما تم الترويج له بخصوص وجود انشقاقات داخل التعاونية.

حاورتها زينة اوتيان صحفية متدربة 

 نرحب بك سيدتي في هذه النافذة الحوارية، ولنبدأ بما أثير مؤخر بوجود انشقاقات داخل مكتب التعاونية التي تسيرينها؟

هذا الأمر لا يغدو ان يكون مجرد تصفية للحسابات،  خصوصا بعد النجاح الذي تعرفه التعاونية. وهو ما لم يرق بعض رجال الدوار وجهات مسؤولة التي ظلت تحارب التعاونية منذ إنشائها،  فنحن في منطقة قروية حيث العقلية الرجولية ظلت تسيطر على الوضع. وهي ذات العقلية التي لم تستسغ نجاحات المرأة الدويرية التي أثبتت أهليتها في العمل وإنجاح المشاريع. فكما تعلمون فالتعاونية تتوفر على سيارة خاصة بها تستغلها في تسيير أمورها. غير أن بعض رجال الدوار أظهروا نيتهم في  الاستيلاء على هذه السيارة، واستغلالها في أشياء أخرى. و بعد الرفض الذي أبدته التعاونية في مواجهة أطماع هؤلاء  قاموا بالاستعانة بنساء من داخل التعاونية، من أجل خلق عراقيل، كاعتراض سبيل زوار التعاونية والاساءة إليها، وتشويهها وادعاء عدم الاستفادة من التعاونية.

لكن ما تم تداوله مؤخرا يقول بكون نساء التعاونية لا يستفدن من مداخيلها ، في ظل إنفرادك بسلطة القرار. كما ان التعاونية لا تقوم بعقد  جموعها العامة. تعليقك ؟

أجزم لك بأن التعاونية تعمل بشكل قانوني، كما يعبر عن ذلك حضورها الإشعاعي ضمن عدد من الملتقيات الرسمية داخل الوطن وخارجه . وهي مشاركة تفرض استيفاء مختلف الشروط القانونية.  كما ان التعاونية التي بدأت صغيرة قبل ان تتطور لما هي عليه اليوم، تحضى بثقة مكتب التنمية والتعاون وكدا مختلف الإدارات الوصية. فنحن داخل التعاونية نحرص على تنظيم  جموعنا العامة، بحضور الجهات المسؤولة و ممثلي مندوبية الصيد البحري، بالإضافة إلى محاسب محلف من طرف الدولة.  دون إغفال  رجال السلطة الذي يواكبون أشغال جموعنا، وإلا كيف سنواصل العمل ونحن بعيدات عن شروط التسيير. وحتى أكرر لك، فإن من تثير هذه الإشاعات ومعهن من يحاول الاصطياد في الماء العكر، هم من يمارسون العشوائية، ويرفضون الانضمام للتعاونية، التي يظنون أنها ستمنعهم من الاستفادة من خيرات البحر. ويرفضون الطريقة العقلانية والطريقة العصرية التي تضمن استدامة المحار بالمنطقة، ومن هذا المنبر أدعو هذه الفئة إلى الاستفادة من التعاونية، حتى وإن كانوا لا يريدون الانضمام للتعاونية، فأبواب الأخيرة مفتوحة أمام مصطادتهم من المحار، وبأثمنة معقولة تعفيهم تنقيل سلعهم إلى الأسواق المجاورة.

  بعيدا عن التسيير فمنطقة الدويرة كانت ولا زالت معروفة بأصناف مختلفة من الصدفيات، حتى تلك النادرة منها ، فهل لازالت بتلك الوفرة التي كانت عليها؟

لا يا إبنتي، فكم نتأسف عن داك الماضي القريب، حين كانت المنطقة تعج بهذه الأصناف التي تحدثت عنها.  اليوم أصبح المحار وكدا مختلف انواع الصدفيات مهددة بالانقراض نتيجة الفعل الإنساني والبيئي. وهو مشكل يبقى من الإكراهات التي تهدد نشاط التعاونية . فالطلب يتزايد على منتوجنا، لكن المادة الأولية تتناقص يوما بعد يوم . ما يجعل الحاجة اليوم ملحة  لإنشاء محمية، تحد من انقراض هذا النوع من الصدفيات. فقد أصبحنا نجد صعوبة في العثور على المحار المستوفي لمعايير الجودة. 

إسمحي لي سيدتي فأنت ممثلة لقطاع الأحياء المائية بالغرفة الوسطى، ما المجهودات التي تمت مراكمتها كمحاولة للحد من هذه الظاهرة؟

 أجيبك كتعاونية أولا فقد قمنا رفقة شركائنا بمحاولة تربية المحار، ولقيت نجاحا لكنها لم تدم طويلا، فبعد التساقطات المطرية وانصباب مياه الوادي في البحر، هاج الأخير على محميتنا و خرب وأقتلع محارها . وهي إكراهات نعمل على إيصالها للجهات المسؤولة من خلال موقعنا داخل الغرفة الوسطى التي تعمل بدورها على تحسين مردودية الأحياء البحرية بدائرتها البحرة. أكيد ان الطلب اليوم موجه للجهات المسؤولة إلى تثمين مجهودنا بالمنطقة، وتشجيع مبادرتنا عبر تشديد المراقبة على  الصدفيات، وتوعية الناس بصيد المحار الكبير وترك الصغير من أجل االمحافظة على هذا النوع و تكاثرها. بالإضافة إلى تطوير أليات التسويق وحماية المنتوج المحلي، خصوصا أن نساء الدويرة لم يجدن بعد من يمسك بأيديهن في تسويق منتوجاتهن.

معروف أن تعاونية الدويرة تراهن على تثمين المنتوج  فما هي المراحل التي يمر منها المحار منذ جنيه من البحر حتى بلوغه مرحلة التسويق؟

بداية كان الناس يلتقطون المحار بطريق عشوائية وتقليدية، غير صالحة للإستهلاك، لإلحاقها الكثير من الضرر للمستهلك. كانوا يقومون بالطبخ بالحطب؛ أولا يلحقون الضرر بالطبيعة والبيئة، وثانيا الدخان والرماد الناتج عن احتراق الحطب، يتسبب بإفساد المحار الذي يقوم الرجال ببيعه في الأسواق، الذين في غالب الأمر يطردون من السوق.ولا يستفدون منه لأن البعض يعتبره ساما. بعد العمل الشاق من أجل جنيه.

 لكن طرق تهيئة المحار قد تطورت اليوم،  فبعد جمع الصدفيات والاطمئنان على سلامتها يتم تنظيفها من الشوائب والتخلص من الصدفيات غير الصالحة للاستهلاك، وترك الجيدة منها في مياه البحر لمدة تتراوح ما بين 45 دقيقة إلى ساعة للتخلص من الرمال الموجودة بداخلها، حيث أن المحار يقوم بتنظيف جوفه بواسطة مياه البحر.  ثم بعد ذلك نقوم بسلقه و التخلص من الأصداف بعد تجفيفه بواسطة أشعة الشمس، لنقوم بتغليفه باسم التعاونية ومدة الصلاحية التي لا تتجاوز السنة تقريبا من مدة الانتاج ثم التسويق بشكل قانوني.

بعد 11 سنة من تأسيس التعاونية النسوية والتي تستهدف النساء خاصة بالدوار،  ما الإضافة التي قدمتها التعاونية لنساء الدوار؟

منذ تأسيس هذه التعاونية، كان هاجسها تقنين صيد المحاربمنطقة الدويرة،  كما تسعى كذلك إلى مساعدة نساء الدوار عبر عقلنة الإستفادة من هذا المنتوج ، بإعتماد طرق عصرية تدفع في إتجاه المحافظة على البيئة؛ فهن لا يقمن بكسر الأشجار من أجل الحصول على الحطب.ويعملن الآن بالغاز. فتعاونيتنا اليوم تضم حاليا ما يقارب 26 منخرطة، ولازلنا نتوصل بطلبات الانخراط من نساء الدوار. فالهدف بالأساس من إنشاء هذه التعاونية هو استفادة ساكنة الدوار،وبالأخص تحسين وضعية نساء المنطقة.  فالنساء الآن مستعدات لبيع المحار للتعاونية، والبعض منهن قد قمن بدفع طلبات الانخراط، فيما يظل  نوع ثالث  كالمثل القائل يضع ” العصا في الرويدة” لا يردن البيع ولا الانخراط وهدفهن فقط الاساءة لتعاونية الدوار.

فاظمة الركراكي في كلمة آخيرة

نشكر لكم زيارتكم كما نشكر قراء الموقع ومتتبعيه . والكلمة التي أحب ان اختم بها هي كما تشاهدين، فنحن نحاول  تطوير إمكانياتنا وأساليب إشتغالنا ، كما نراهن على الإستفادة بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من  مجفف شمسي”séchoir soleile“،  لأن المنطقة غالبا ما يعمها ضباب كثيف يمنع أشعة الشمس التي نستغلها في تجفيف المحار. فغايتنا هي خدمة المرأة الدويرية التي أثبتت قدراتها في مجالات شتى. ونحن نمد يدنا لكل فعاليات الدوار في إطار المصلحة العامة. وحتى أصدقك القول فنحن داخل التعاونية مصممات على تحقيق الأهداف التي تأسس من أجلها هذا الإطار  ونريد الذهاب لأقصى حد.  ولن تمنعنا من ذلك حملات التشويش التي لن تزيدنا إلا عزما في تقديم الإضافة للدوار والمنطقة عموما، بما ينسمجع مع القانون الجديد للتعاونيات.