إرتأيت أن أشارك الزوار الاوفياء للموقع بإحدى القضايا التي شغلت الرأي العام المحلي ‘الوطني والعالميالأمر يتعلق ب’قضية يتمحور موضوعها حول البيئة عموما و البيئة البحرية بوجه خاص، و ما تعرفه من مشكلات لا حصر لها، لأسباب ذاتية و موضوعية . دافعنا الأول فيها هو مساندة أولئك الذين لهم حس و غيرة على بيئتهم البحرية من خلال الكشف عن واقع البيئة البحرية في بلدنا المغرب التي أصبحت تعاني من مظاهر التلوث.
إن ملاحظتنا الشخصية للحالة المقلقة التي أصبحت عليها شواطئنا ومياه أرصفتنا بالموانئ من جراء النفايات خاصة الزيوت المستعملة و المواد اللدائنية(البلاستيك)، كوعي منا بالفعل الإجرامي الذي يمارسه الأفراد و المؤسسات الصناعية التي ترمي بمخلفاتها في البحر دون حسيب و لا رقيب، أي في غياب تفعيل النص القانوني الذي يجرم السلوكيات غير السوية اتجاه البيئة بشكل عام..الأمر الذي ساهم في تغيير خاصية “اللؤلؤة الزرقاء” و أصابها بالعقم الذي أصبحت فئة البحارة تعاني من جراءه خصوصا قلة المداخيل ، إذ غالبا ما يعودوا إلى الميناء بخفي حنين بعد رحلة صيد لم تمنحهم سوى تكلفة إضافية من المحروق تخصم من عائداتهم إذا حالفهم الحظ خلال رحلة صيد موفقة. و هنا أدعو الباحثين الأكاديميين من أبناء المغرب إلى تسليط الضوء على إشكالية المحافظة على البيئة البحرية، في إطار القوانين المعمول بها وطنيا ودوليا، والوقوف على المقاربة القانونية للمنظومة البحرية في بلادنا، و ذلك من خلال يوم دراسي بمدينة أسفي التي تقول لهم أهلا و سهلا..
إن علم البيئة الحديث يعرف بان البيئة هي “الوسط أو المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان، بما يضم من ظاهرات طبيعية و بشرية يتأثر بها و يؤثر فيها”. وإذا نظرنا إلى مفهوم البيئة الذي يقر أنها مجموعة المؤثرات الخارجية، فسوف نجد أن المقصود بذلك في الواقع هو تلك العلوم التي اكتشفها الإنسان خلال تاريخه الحضاري و الصناعي. و إذا كان أسلافنا في الماضي قد طوروا العلوم على أن هامش ربحهم هو خدمة البشرية دون المساس بالنظم البيئية التي اعتبروا فسادها نهاية لهذا الكون البديع الصنع، متشبثين بقوله تعالى ” ولا تعتوا في الأرض فسادا بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مومنين” الأعراف/85 ، فالإسلام حث المسلم على استثمار عمره باعتباره بعدا زمنيا في المحافظة على النظم البيئية و جعلها شرطا للإيمان. و لفتوا انتباهنا إلى الفساد البيئي الذي وصل الآن إلى أعلى مستوياته- حين فسروا فساد البر بالقحط و قلة النبات و ذهاب البركة نتيجة أعمال الإنسان.
أما فساد البحر فهو انقطاع صيده بذنوب بني ادم، حسب رأي النحاس، وحذروا من مغبة التدخل في نواميس الكون و القوانين الطبيعية التي تنظم العلاقة بين مكونات البيئة و الوجود. هكذا كان يفكر أسلافنا لذلك فهم أفضل منا، أما إنسان العصر الحديث يتجاهل -و هو يتقدم تقنيا و تكنولوجيا – ماهية النظام البيئي الذي هو وحدة متكاملة تتكون من كائنات حية وغير حية تتفاعل وفق نظام متوازن يضمن استمرارها في أداء دورها في إعالة الحياة، و مرد تجاهله إلى كون الربح المادي هو أولى أولوياته،و مركز اهتمامه .
وإذا كانت أسفي –التي نعتز بها أيما اعتزاز-في الأمس خزانا طبيعيا لمختلف أنواع الأسماك، فالوضع الراهن الذي لا يمكن نكرانه هو ذلك التراجع الفاضح الذي عرفه المخزون السمكي، و هنا نساءل الوزارة الوصية أين ذهب مخزوننا السمكي؟ و ما الأسباب الحقيقية و راء انقراض بعض أنواع الأسماك و أخرى في طريقها إلى الانقراض..
إذ حرصت وزارتنا في العقد الأخير على نفض الغبار على قانون 1919 و شرعت في تفعيل بنوده من قبيل منع الصيد في اقل من 03 أميال ، على اعتبار أن سبب المنع يعزى إلى كون المنطقة مكانا لتوالد الأسماك.. فإننا ندعو بدل ذلك إلى ملاحظة سواحلنا، الملاحظة التي ستقودنا حتما إلى فهم واحدا من اخطر الأسباب وراء تراجع الثروة السمكية بهذا الميناء. فمخلفات المنشاة الفوسفاطية نذرت منذ عقود خلت بالمصير المشئوم الذي ندفع ضريبته اليوم كمهنيين، وكمستثمرين وكبحارة نشئوا على إعالة أسرهم من هذا الرافد الذي سخرته العناية للجميع. و هنا اقترح مراجعة الفصل الذي بموجبه يمنع الصيد في اقل من 03 أميال، وتضمين الفصل بحقيقة مفادها أن مرد المنع راجع في الوقت الراهن للتلوث الذي تعرفه سواحلنا ، و بالتالي فالأسماك المصطادة بهذه السواحل تشكل خطرا مميتا على صحة الإنسان و…
فقد صادق المغرب على معاهدتين للمنظمة البحرية الدولية، تهدفان إلى حماية البيئة البحرية ضد التلوث. ويتعلق الأمر بالاتفاقية الدولية لسنة 1989 بشأن المساعدة، وبروتوكول 1996 لاتفاقية عام 1972 بشأن وقاية البحار من التلوث الناجم عن النفايات.
وقد تم تسليم آليات التصديق على هاتين المعاهدتين من قبل سفيرة المغرب ببريطانيا إلى الأمين العام للمنظمة البحرية العالمية، بمقر المنظمة بلندن.. وماذا بعد.. ؟
فالواقع يريد اليوم حراكا مجتمعيا متكاملا و منسجما واعيا غيورا من قبل المجتمع المدني، الهيئات المتخصصين و الأساتذة الباحثين، في قضايا البيئة و مشكلاتها و سبل حمايتها من التلوث. نريد تفعيل بنود المعاهدتين أعلا. نريد مختلف الإستراتيجيات الوطنية للمحافظة على البيئة البحرية، لا سيما المخطط الوطني لمحاربة التلوث الذي جاء لبلورة التنظيم الفعال و السريع لأعمال الوقاية من التلوث البحري من جهة أولى، وتوزيع المسؤوليات في هذا المجال من جهة ثانية. إضافة إلى تحقيق التعاون الدولي في المجال البحري..
نريد فكرا قانونيا يبلور الاهتمام بصدور مجموعة من المواثيق الدولية في محاولة للتقليل من أخطار التلوث البحري للحفاظ على الموروث الطبيعي، مع إقرار المسؤولية القانونية عن تلويث البيئة البحرية خاصة في شقها الوقائي، وذلك عبر اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لحماية البيئة البحرية… نريد أن ننافس أسلافنا سلوكهم تجاه البيئة.. نريد بيئة بحرية بدون بلاستيك..
نريد …لكن الله غالب أمره، و لكن أكثر الناس لا يعلمون..
و إذا سلمنا أننا امة جاهلة .. فما الذي ننتظره من امة خصها الله بالجهل.
رآي كتبه للبحرنيوز : محمد عكوري
ما احوجنا لمثل هذه المواضيع التي تسلط الضوء على البيئة باعتبارها المحيط الذي اوجدته العناية الالاهية لجميع المخلوقات بل للانسان بالدرجة الاولى ..الانسان الذي نسي و تغافل عن حقيقة مفادها ان الله عز وجل سخر لله له التربة و الهواء و الماء و سخر له سائر المخلوقات و اسجد له الملائكة التي تحرسه نائما و مستيقظا لكنه يسعى اليوم بشتى الوسائل الى تدمير الارض التي فيها معاشنا و البيئة التي فيها تعولنا…حقا حياة الانسان علم و جهل