أعلنت الحكومة النرويجية أنها ستنفق أكثر من ثلاثة مليارات كرونة (أكثر من 294 مليون أورو) على مجموعة من المبادرات الرامية تعزيز التدبير المستدام للمحيطات خلال الفترة 2020-2024.
وتم الإعلان عن هذا البرنامج خلال أشغال الدورة السادسة لمؤتمر “محيطنا”، الذي جمع بأوسلو قرابة 500 مندوب من حوالي 100 بلد، لتبادل خبراتهم، من أجل إيجاد حلول ملموسة حول كيفية حماية المحيطات، والاستفادة بشكل أفضل من الموارد البحرية. حيث دعت رئيسة وزراء النرويج، إرنا سولبرغ إلى حماية المحيطات من التلوث، مع ضمان قدرتها على الاستمرار في تزويدنا بالغذاء والطاقة. كما شددت على أنه لا يمكن خلق وظائف وصناعات جديدة، إلا بضمان تدبير مستدام للمناطق البحرية واستخدام التكنولوجيات الجديدة”.
وعلاقة بالموضوع أجرى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عزيز أخنوش الذي حل بأسلو على رأس وفد رفيع المستوى ، مباحثات مع نظيره النرويجي هارالد توم نيسفيك، تمحورت في عمقها حول سبل تطوير الصيد المراقب في إطار تدبير مستدام للمناطق الساحلية. حيث ناقش الطرفان برنامج تكوين مع جمعيات الصيد النرويجية، لإشراك الصيادين في مسلسل صنع القرارات المتعلقة بالبحث، بما يمكنهم من الاضطلاع بدور الفاعل وأيضا المراقب لما يمكن أن يحدث في البحر. كما تطرقا إلى سبل التعاون في مجال تربية الأحياء المائية، والمشاريع النموذجية التي يمكن تجريبها في مناطق أخرى من إفريقيا، بدعم مالي من النرويج في إطار تنفيذ مبادرة الحزام الأزرق.
ولفت الطرف المغربي الذي يستعد لإعلان إنطلاقة النسخة الثانية من إسترتيجية اليوتيس في سياق يتسم بتنزيل مبادرة الحزام الأزرق ، أنظار المسؤول النرويجي إلى التظورات التي يعرفها المغرب في قطاع الصيد ، من قبيل اعتماد البلاد مند قرابة عقد من الآن إسترتيجية قطاعية أليوتيس، التي تتمحور حول مقوم الاستدامة، ناهيك عن كون المغرب مقبل على تعزيز ريادته للبحث في قطاع الصيد بالقارة الإفريقية، بإقتناء سفينة جديدة لأبحاث علوم المحيطات ، والتي يمكن أن تضطلع بدور إلى جانب سفينة الأبحاث البحرية التابعة للنرويج ولمنظمة الأغذية والزراعة التي تبحر على طول الساحل الإفريقي.
ويبدو أن المغرب تمكن بالفعل من إثارة إنتباه النرويجينن. هؤلاء الذين أتنوا بشكل كبير على الإسترتيجية المغربية والتي وصفها وزير الصيد النرويجي بالاستراتيجية “الجيدة جدا” و “المبتكرة”، مبرزا أهمية ارتقاء المغرب والنرويج بتعاونهما ومساعدة بعضهما البعض. لاسيما أن البلدان بإمكانهما اليوم تبادل المعلومات والتعاون في العديد من المجالات، بما في ذلك قطاع تربية الأحياء البحرية والصيد المراقب، الذي من شأنه معالجة قضية استدامة المصايد. لأن العمل المبتكر هو الوحيد الحاسم”، معتبرا أن العمل الجماعي كفيل بإيجاد الحلول الصحيحة.
وكانت النسخة الخامسة من معرض أليوتيس التي إحتضنتها أكادير أواخر شهر فبراير من السنة الجارية قد عرفت مشاركة دولة النرويج كضيف شرف، باعتبارها فاعلا رئيسيا في قطاعي الصيد البحري وتربية الأحياء البحرية على الصعيد العالمي، كما تصنف كثاني أكبر بلد مصدر للسمك والمنتجات المصنعة من السمك في العالم. حيث قام هذا البلد بتطوير قطاع كبير لتربية سمك السلمون، مع خبرة في تربية الأحياء المائية يعود تاريخها إلى عام 1850.
ومن الطبيعي فإن هذا الغزل المتبادل بين البلدين خصوصا في قطاع الصيد وفق بعض المتتبعين للشأن البحري ، سيكون له ما بعده ، لاسيما أن دول العالم اليوم اصبحت تنظر لإفريقيا كورش هام في تدبير السياسات المستقبلية. كما أن نعزيز علاقات الشراكة مع بلد كالمغرب، الذي يقدم مجموعة من الضمانات على مستوى الإستقرار وكذا البنيات التحتية الهامة، ناهيك عن التموقع الهام والفاعل في مجموعة من المنظمات الدولية المهتمة بقطاع الصيد ، والذي أكسبه إحتراما كبيرا لدى المنتظم الدولي خصوصا على مستوى قطاع الصيد. كلها معطيات يمكن تجميعها لفهم الإشارات الإيجابية الصادرة عن كل من الوزير النرويجي والوزير المغربي، بخصوص التعاون بين البلدين في قطاع الصيد، لاسيما وأن المغرب يعتبر اليوم بوابة حقيقية نحو العمق الإفريقي.