أثار الفيديو المتدوال لعملية إنقاذ ربان مركب الصيد أبو فراس الغارق أمس الأربعاء بالحوض المينائي الوطية، والذي وافته المنية متأثرا بتداعيات الحادث، الكثير من الحصرة المصحوبة بالجدل في أوساط المهتمين بالسلامة البحرية. خصوصا وأن الحادث وقع على مرأى من مختلف مستعملي الميناء والسلطات ، وسط الحوض المينائي.
وأظهر الربان المرحوم شجاعة ورغبة قوية في إنقاذ مركبه ، وكذا الحفاظ على سلامة أفراد الطاقم الذين خرجوا بسلام في هذا الحادث المروع ، حيث ظل الربان في المركب لوحده، بعد مغادرة البحارة، ليواجه صعوبات كبيرة في الصعود من المركب ، فيما أعتبر تجرد الربان الضحية من سترة النجاة، النقطة السوداء التي أثارت الكثير من الجدل وسط الفاعلين الذين تأسفوا للحادث ، معتبرين أن غياب سترة النجاة واحدا من أسباب التحديات التي واجهها الربان في المراحلة الآخيرة من غرق القطعة البحرية .
وتلخص الصورة درجة الإستهتار التي يتعاطى بها الكثير من الربابنة مع سترة النجاة. وهي صورة تضرب عرض الحائط كل المجهودات المبدولة، من أجل ترسيخ إرتداء هذه السترة كواحدة من الأسياب والشروط الإجبارية للإبحار. حيث تساءل الواقعة سلطات المراقبة أمام الحملات القوية، التي قادتها الإدارة الوصية بخصوص إلزامية هذه السترة لركوب البحر. لاسيما وأن هذا التقصير صادر عن أكبر سلطة على متن المركب ، لأن الربان بالدرجة الأولى، يعد الآمر الناهي على ظهر المركب وكذا القدوة من طرف باقي أفراد الطاقم ، ناهيك عن كون الظرفية تتعلق بحادث على مستوى الميناء.
ويؤكد مجموعة من الفاعلين على ضرورة تحميل ربابنة الصيد كامل المسؤولية في إرتداء أطقمهم سترات النجاة، بالنظر لكون الربان المسؤول الأول عن طاقمه البحري، على متن المركب داخل البحر، كما تتحمل مندوبية الصيد البحري ومعها مصلحة السلامة على الخصوص بدورها جانبا مهما من المسؤولية، لتراخيها في تفعيل إجبارية التسلح بسترة النجاة، وذلك في ظل غياب مراقبة صارمة من طرف السلطات المينائية، لأساطيل الصيد الساحلي والتقليدي، لإلزامهم بضرورة التقيد بإجراءات السلامة البحرية، وأهمية ارتداء صدريات النجاة سواء على متن مراكب الصيد التقليدية أو الساحلي.
وفي هذا الصدد، استنكرت فعاليات مهنية، ما تصفه بغياب حس المسؤولية الملقاة على ربابنة وبحارة ومهنيي الصيد ، وكذا على عاتق موظفي مؤسسات الدولة المكلفون بالمراقبة على مستوى الموانئ، ومساهمتهم في ضرب المجهودات الرامية لتعزيز السلامة البحرية، وتكريس أهمية ارتداء صدريات النجاة أثناء مزاولة نشاط الصيد، وحث جميع المراكب وقوارب الصيد التقليدي على ضرورة استعمال الوسائل الذاتية، الكفيلة بإنقاذ حياتهم أثناء وقوع الحوادث البحرية لا قدر الله، التي تخلف سنويا خسائر مؤلمة في الأرواح البشرية، والناتجة عن عدم تطبيق القواعد الأساسية للسلامة البحرية من طرف البحارة.
وتعرف موانئ المملكة تهاونا وتراخيا كبيرا من قِبل الفاعلين، المفروض فيهم مراقبة جميع المراكب والقوارب النشيطة، قبل خروجها في رحلات بحرية، ومذا احترامها للتعليمات المنصوص عليها في هذا الصدد، مع العلم أن هناك ترسانة قانونية تتعلق بالسلامة البحرية، تنص على ارتداء سترات النجاة أثناء الإبحار بمراكب الصيد. وسط مطالب لمصالح الدرك البحري والبحرية الملكية، بالتصدي للمخالفين المستهترين بالأرواح البشرية، وتحديد المسؤوليات.