أثار ظهور قاربين للصيد التقليدي مخالفان لمواصفات القوارب التقليدية بميناء رأس كبدانة، الكثير من الجدل على المستوى الوطني، بعد تداول صور وفيديوهات تظهر مجموعة من التحسينات التي غيرت ملامح القارببين ّإلى حد بعيد، حيث تساءل مجموعة من الفاعلين بخصوص مدى احترام القاربين للقوانين المنظمة لهذه العملية، واستجابتها للمعايير التقنية المعتمدة في هذا المجال. وهل سيتم تصنيف القارب في الصيد التقليدي أم يدخل في نطاق الصيد الساحلي ؟
وأوضحت تصريحات متطابقة لبعض المتتبعين للشان البحري بالمنطقة المتوسطية، أن مجموعة من القوارب تسير على خطى القاربين تحت شعار “دير ما دار جارك ولا حول باب دارك” وهي القوارب التي تم رصدها بالمنطقة، مخالفة للقوانين المنظمة للصيد التقليدي، وللمعايير المعتمدة في بناء وترميم قوارب الصيد البحري، من حيث السعة والحمولة الغلفية والطول. حيث إتهم فاعلون مهنيون محليون مصالح إدارة الصيد في ذات السياق بالسكوت والإكتفاء بالنظر، دون أداء المهام الموكول إليه بخصوص تتبع ومراقبة عمليات بناء جميع وحدات الصيد.
من جانبها كشفت مصادر محسوبة على مندبية الصيد البحري بالناظور، أن المندوبية فتحت تحقيقات في هذ النازلة وعلى ضوء نتائجها ستتخذ الإدارة المتعين ، فيما أكدت ذات المصادر أن المندوبية قد راسلت مندوبيتها الفرعية برأس كبدانة من أجل إستدعاء مجهزي القاربين المخالفين للقاء، حيث ستعمد مصالح المندوبية إلى توقيف رخصة الصيد الخاصة بالقاربين، إلى حين الإنتهاء من التحقيقات التي أطلقتها المصالح الإدارية المختصة في الموضوع. إذ ووفق ذات المصادر لن تتساهل الإدارة مع هذه التجاوزات ، لاسيما وأن قوارب الصيد التقليدي، محددة من حيث الحجم والشكل ، مبرزة في ذات السياق أن المنطقة تعرف إنتشار القوارب من نوع الممبارات ، لكن وفق عدد محدود وموثق.
وأوضحت ذات المصادر العليمة، أن أرباب هذه القوارب عادة ما يطرقون أبواب المندوبية للحصول على ترخيص البناء، وتتم العملية في إحترام تام للقانون. وبعد الإنتهاء من العملية يحصل مجهز القارب على الترخيص لتشغيل القارب، ومن أجل المناورة يتم تشغيل القارب لسنة أو أزيد بشكله القانوني، قبل أن يتم إستغفال مصالح الإدارة، بإضافة مجموعة من التحسينات والآليات، لجعل القارب صالح لإستعمالات مختلفة، خصوصا إستهداف الأسماك السطحية الصغيرة والرخويات بإختلاف المواسم .
إلى ذلك قالت مصادر مهنية مهتمة أن الصيد التقليدي على المستوى الوطني، يعرف إختلافا في المعطيات التقنية، وهي المعطيات التي تختلف باختلاف خصوصيات المنطقة. كما أن أحجام القوارب تبقى مختلفة في إنتظار حسم وزارة الصيد، خصوصا في ظل وجود قوارب من نوع “الشكادات” و”السويلكات” و”الممبارات”. إذ تساءلت المصادر عن الأسباب التي تزعج الفاعلين، حين يحاول الصيد التقليدي اللحاق بركب بالعصرنة، لاسيما وأن الأساطيل البحرية المختلفة، قد طورت من كفاءتها، وارتقت على مستوى الحجم، كما على مستوى قوة المحرك، دون إغفال إنتقال بعضها من الخشب إلى الحديد.
وأمام هذه التطورات ظل الصيد التقليدي تقول المصادر، على شاكلته البسيطة اللهم بعض الرتوشات المحدودة، رغم التحديات الكثيرة التي أصبحت تعترض هذا الأسطول اليوم، من بعد المصايد، ومضاعفة المعدات، وطول أمد رحلات الصيد. ما يضطر كثيرا من البحارة إلى قضاء ساعات طويلة بالبحر. يحتاج تدبيرها لكثير من المقومات، من أكل، وراحة، ومراحيض وغيرها .. وهي معطيات، يستحيل توفيرها على القارب العادي، الذي تنعدم فيه الكرامة الإنسانية. ما جعل البحارة الجدد غير متحمسين للإبحار على هذا النوع من قوارب الصيد.
ويطالب فاعلون الوزارة الوصية بمراجعة القوانيين المرتبطة بقوارب الصيد التقليدي، سواء كأسطول او كمفهوم، في ظل التطور الذي يعرفه القطاع. وهو معطى يبقى مرتبطا بمعركة قانونية، من خلال الضغط على المشرّع، عبر الأليات التمثيلية الدستورية والمهنية ، للرقي بالكثير من النصوص، وجعلها منسجمة مع الواقع الحالي، وليس تبني الفوضى والوقوع في مخالفة القانون، كجرأة يجب أن تواجهها الإدارة الوصية بكثير من الصرامة لحماية روح القانون . وهو الأمر الذي سيكلف مهنيي الصيد التقليدي بالمنطقة، خسائر مالية مهمة نظير الإستثمارات التي يتم رصدها لبناء القوارب في شكلها الجديد.
إلى ذلك دعت ذات المصادرالمهنية، إلى عدم تطبيق “شرع اليد”، وأخذ البادرة من طرف المهنيين في صناعة وبناء قوارب، وفق هندسة تتجرأ على العرف المهني والقوانين المنظمة، خصوصا وأن بناء القطع البحرية يحتاج لهندسة دقيقة، تتحكم فيها مجموعة من المقومات، سواء على مستوى الشكل أو الحجم والحمولة، حتى لا تشكل هذه القوارب تهديدا لأرواح البحارة .كما أن العصرنة، يجب أن تستحظر خصوصيات السواحل والمصايد، حتى لا يتحول بناء القوارب لفوضى تضر بمصالح القطاع.