بقلم : عمار الحيحي
تعرف الساحة المهنية جدلا و لغطا كبيرين بسبب قضية بوابة التصريحات الخاصة بالضمان الاجتماعي Plate forme جراء الإختلالات التي تعرفها منذ إعتمادها أبريل الماضي، رغم التطمينات الذي عبر عنها أطر الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الجهويون والمركزيون في الإجتماعات التي حضرها المهنيون و محتسبو المراكب، ورغم تأكيد أطر “السيني سيس” بتجاوز هذه الإختلالات عما قريب، إلا أن الإحتقان مازال سيد الموقف خصوصا بميناء آسفي ….
حسب إعتقادي ( المندبة كبيرة و الميت فأر ) لإن مشكل تصويب و تجاوز الإختلالات التي تعرفها بوابة التصريحات بالأجور الخاصة بالبحارة، رغم أهميتها، يبقى إشكالا ثانويا و أمرا بسيطا جدا تعكف الإدارة المركزية على تقويمه في أقرب الآجال. وهذا لن يكلفها شيء يذكر ؛ لكن يا ترى هل تركت فاتورة الكازوال للبحارة مستحقاة ( باي – pays ) تحفظ ماء وجههم يمكن التصريح بها في هذه البوابة..؟ هذا هو مربط الفرس الذي يتم التضليل بشأنها و يخشى الكثير الإقتراب من لهيبه ؛ ناهيك عن نزيف السوق السوداء الذي زاد الطين بلة في هذا الشأن….
كما هو معلوم قانون الضمان الاجتماعي هو الظهير الشريف رقم 184-72-1 الصادر في 27 يوليوز 1972 كما تم تغييره و تتميمه، لكن تم التحايل على تطبيق بنوده بقطاع الصيد الصغير Petite pêche الذي أصبح بقدرة قادر صيدا ساحليا بمبرر أن العمل به تطبعه الموسمية Saisonnier و ليس الإستمرارية، وهذا كذب و بهتان ؛ حينها تم عقد إتفاقية Convention بين إدارة الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي و بعض المهنيين، تم بموجبها تطبيق أمر بالإقتطاع من المبيعات الخام Cession en délégation sur la valeur du ventes brutes أضيفت له 1.36 في المائة كواجب للإستفادة من التأمين الإجباري على المرض ( AMO ) Assurance maladie obligatoire لتصبح نسبة الإقتطاعات الإجمالية لفائدة الصندوق هي 6 في المائة دائما من المبيعات الخام….
نسبة الإقتطاعات المجحفة التي تبلغ 6 في المائة من المبيعات الخام التي فرضها الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي على الأسطول الضخم للصيد الساحلي، الذي يشغل مئات الآلاف بصفة مباشرة وغير مباشرة بمبرر إتفاقه قبل عقود خلت مع المهنيين، أصبحت تستنزف مبيعات المراكب التي تعمل على تصريف مصطاداتها السمكية بشكل قانوني في أسواق بيع السمك بالجملة، التابعة للمكتب الوطني للصيد. كما أنها تمثل سببا رئيسيا لإستمرار نزيف السوق السوداء….
إن النظام المجحف الذي يعتمده الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي في تعامله مع قطاع الصيد الساحلي، الذي يعد رقم واحد بسوق الشغل البحرية الوطنية على ظهر البحر وعلى اليابسة، هو نظام متجاوز ومجحف، ويتعارض مع مقتضيات الظهير الشريف 184-72-1 بمثابة قانون منظم للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كما تم تغييره وتتميمه…
المطلوب اليوم هو هيكلة وتقنين الأسطول في شركات منظمة، تدافع عن حقوقها المهضومة وما أكثرها، وأن يسري عليها قانون الضمان الاجتماعي كما يسري على شركات الصيد بأعالي البحار و مؤسسات القطاع الخاص على اليابسة، بدل التحايل عليه إجراءات جائرة و الاستمرار في العشوائية و التسيب و الفوضى …
إن ورش إصلاح منظومة التقاعد الذي إنطلق فتحه، يجب عليه أن يعالج جدريا قانون الضمان الاجتماعي الذي طاله الصدأ، وأن يعطي للبحار حقه المغتصب، لأن العمل على ظهر البحر يعد من الأعمال الشاقة على الإطلاق والمحفوفة بالمخاطر بشهادة منظمة العمل الدولية، هذه الآخيرة التي وقعت المغرب إتفاقيتها بما فيها العمل على ظهر البحر؛ لكن للأسف الشديد بقيت هذه الاتفاقية في الرفوف.. فكيف يعقل ان يتقاضى البحار مبلغ تقاعد لايكفيه، حتى لفاتورتي الماء والكهرباء لبيته، بعد عمل مضني قد يناهز 40 سنة ..!!
*رأي كتبه للبحرنيوز : عمار الحيحي ربان صيد ناشط مدون مهتم بشون وقضايا الصيد الساحلي