على بعد أزيد من 60 ميلاً بحرياً من سواحل طانطان، وفي خضم أمواج متقلبة ورياح لا ترحم، وجد مركب صيد التونة “ميمونة 1″، المسجل تحت رقم 12-122، نفسه في مواجهة مصير مجهول، بعد تعرضه لعطل مفاجئ وكلي في المحرك. المركب، الذي كان يحمل على متنه ثمانية بحارة، ظل عالقاً وسط المحيط، دون قدرة على التقدم أو المناورة، ما جعله مهدداً بخطر الانجراف، في انتظار تدخل ينهي الأزمة القائمة.
وأعادت هذه الواقعة المؤلمة إلى الواجهة إشكالية الاستجابة الفورية لحالات الطوارئ في البحر، حيث أصبح العطب التقني، رغم تكراره، يشكل اختباراً حقيقياً لمدى نجاعة منظومة السلامة والإنقاذ البحري في قطاع الصيد ، ولقدرة السلطات البحرية والمجهزين على التحرك بسرعة وحرفية، بما يضمن حماية الأرواح والممتلكات.
وفي خضم حالة الترقب، سجل المهنيون بإيجابية مبادرة إنسانية من ربان أحد مراكب الصيد المجاورة، الذي عبر عن إستعداده للتطوع من أجل قطر المركب المتعطل في وقت تفاعل الكثير من الربانبة مع النداء ببرودة بالنظر للظروف الجوية الصعبة التي تعرفها السواحل ، في وقت كشفت فيه مصادر مهنية أخرى عن تسجيل تحرك سفينة القطر “الموكار” التابعة للسلطات المختصة مساء أمس الثلاثاء للتوجه نحو موقع الحادث وتقديم المساعدة. غير ان التأخر في تنفيذ هذا التحرك شكل محط إنتقاذ في الأوساط المهنية، مؤكدين أن التدخل وجب أن يكون في حينه بمجرد التوصل بنداء الإستغاثة، لاسيما وأن الأجواء البحرية تتسم بسوء الأحوال الجوية، بسبب ارتفاع الأمواج وسرعة الرياح المتوقعة بموقع المركب المعطل ، ناهيك عن التعقيدات التقنية واللوجستية التي تفرضها عمليات القطر في عرض البحر، والتي تخضع لضوابط دقيقة وتتطلب كفاءة وتجهيزات خاصة. وهو ما يفرض السرعة في تدبير القرار.
ومع تكرار حوادث الأعطال وسط البحر، وتحول مجموعات “واتساب” الخاصة بالربابنة إلى منصات لنداءات الاستغاثة، عوض قنوات التدخل الرسمي، تطرح علامات استفهام مقلقة حول مدى نجاعة التدخل المؤسساتي. فقد عبّر مهنيون في تصريحات متطابقة لـ”البحرنيوز” عن استيائهم من غياب الاستباقية في التعامل مع هذه الأزمات، مطالبين بتحمل جميع الأطراف لمسؤولياتها، بدءاً من مجهزي المراكب وصولاً إلى مندوبيات الصيد البحري وقبطانيات الموانئ والجمعيات المسيرة لصناديق الإنقاذ التي من المفروض أن تكون هي المشرفة على تحفيز عمليات التدخل بالنظر لما يضخ في خزينتها من إقتطاعات مالية تطال مداخيل المراكب لتدبير السلامة والإنقاذ .
ويرى متتبعون أن أدوار مندوبيات الصيد تظل محصورة في ضمان سلامة الأطقم والتنسيق في عمليات التدخل ، دون امتداد حقيقي لتأمين إنقاذ أو قطر القطع البحرية، في حين تقع مسؤولية القطر في عرض البحر على عاتق المجهز بالدرجة الأولى الذي يبقى مطالبا بتدبير أمره بتنسيق مع بعض الجهات المختصة ، ما يجعل المجهزين في حيرة كبيرة. حيث يضطر المهنيون، في ظل الفراغ القانوني والتنظيمي، إلى إنقاذ بعضهم البعض بشكل تطوعي، وغالباً دون سند قانوني واضح. حيث يؤكد بعض الفاعلين المهنيين ان عمليات قطر المراكب لبعضها في البحر تبقى محفوفة بالمخاطر ، لكنها تبقى حلا لتسريع وتيرة التدخل، وتفادي خسائر أكبر، مشيرين إلى أن تسعيرة خدمات القطر التي تؤمنها سفن القطر المتواجدة بالموانئ، تتطلب مراجعة جذرية لضمان التدخل سواء في المسافات القريبة أو البعيدة، دون تحميل المجهزين كلفة تثنيهم عن طلب المساعدة.
وفي ظل هذا السياق، يدعو المهنيون والمهتمون إلى إحداث وحدات قطر بحرية دائمة تحت تصرف مهنيي الصيد البحري، مجهزة بتقنيات حديثة وتابعة للدولة أو بتدبير مشترك. مع مراجعة دور شركات التأمين البحري لتقديم تغطية فعلية لحالات الأعطال البحرية، بما في ذلك خدمات القطر. وسن بروتوكولات واضحة لتوزيع المسؤوليات بين الدولة والمجهزين والهيئات المهنية. فيما تتعالى الأصوات الداعية إلى إطلاق نقاش وطني حول صناديق الإنقاذ والتأمينات لتحديد أهدافها الفعلية ونجاعتها في مثل هذه الأزمات.
وتبقى واقعة “ميمونة 1” ليست بالنازلة المعزولة، بل حلقة من سلسلة أعطال تهدد سلامة المهنيين بشكل دوري. وبين غلاء خدمات القطر، وغياب تنسيق مؤسساتي فعال، وتراخي بعض الجهات في مواكبة الحالات الطارئة، تبقى أرواح البحارة مهددة. لدى فقد آن الأوان لوضع خطة وطنية متكاملة للتدخل السريع في البحر، تُمأسس التضامن، وتحسم في المسؤوليات، وتربط سلامة المركب بسلامة العنصر البشري، وفق منطق استباقي، يستلهم من روح القوانين المغربية المنظمة للقطاع، ويجعل من البحر فضاءً آمناً للعمل لا ساحة مفتوحة للمخاطرة والمجهول.
La mission de recherche et de sauvetage en mer est coordonnée par les CROSS à l’intérieur des zones sous responsabilité française, en métropole et outre-mer.
Conduite conformément aux recommandations de l’Organisation Maritime Internationale (OMI), cette mission consiste à recevoir les alertes émises par les personnes en détresse en mer, à l’aide de différents moyens (radiocommunications spécialisées, balises de détresse, téléphone…), puis à diriger les opérations en s’appuyant sur l’ensemble des moyens d’intervention situés à proximité du lieu du sinistre.
https://www.mer.gouv.fr/surveillance-et-sauvetage-en-mer