وقفز سعر الطن الواحد من الحديد الموجه لصناعة السفن مع بداية شهر أبريل الجاري لمستويات غير مسبوقة بالسوق الدولي، حيث زاد السعر عن 1800 أورو للطن، كما سجل أثمنة الإنوكس إرتفاعات قوية تفوق 7500 أورو للطن الواحد وكذا النحاس والكابلاج ناهيك عن الخشب الأحمر “Bois rouge”، وغيره من المواد الأولية التي تستعمل في هذا النوع من الصناعة الناشئة بالمغرب.
وقال محمد باحمو مدير ورش سوس ماسة لصناعة السفن الفولاذية بميناء أكادير، أن مختلف المواد الأولية التي تستعمل في صناعة هذا النوع من السفن، قد تضاعفت في السوق الدولية، نتيجة الظروف التي يشهدها العالم، والتي زاد من تعقيدها أزمة النقل والتوريد، وما يرافق ذالك من رسوم يتم أداؤها على الواردات تفوق 20 في المائة.
وأكد المصدر أنه على الرغم من هذه الزيادات المطردة، يحاول الورش المحافظة على ثقة زبنائه في تحقيق الطلبيات والوفاء بدفتر التحملات، وكذا التسليم في الوقت المحدد، رغم التحديات المرتبطة بالتطورات التي تعرفها السوق الدولية وكذا المحلية، على مستوى مختلف المواد الأولية التي تضاعفت في عمومها، مبرزا في ذات السياق أن أثمنة السفن الحديدة عرفت زيادة محدودة لا تغطي طلبيات التصنيع.
إلى ذلك تساءل المصدر عن الأسباب الكامنة وراء عدم دخول شركات صناعة الصلب المغربية في تصنيع الحديد الموجه لصناعة السفن، بإعتبار أن هذه المادة تعد العمود الفقري لصناعة السفن الناشئة بالبلاد، وبالتالي عدم الإضطرار لإستيرادها من الخارج، الذي يكلف مبالغ ضخمة تدفع بالعملة الصعبة، كان من الأولى أن يستفيد منها البلد.
وداعا باحمو في ذات السياق وزير الصناعة إلى الإنفتاح على هذا النوع من الصناعات، بما يعزز جادبيتها وتنافسيتها في السوق الدولية، لاسيما وأن المغرب نجح في تصدير مراكب صيد فولاذية لإفريقيا والسوق الأوربية وكذا أسيا. ما يجعل منها صناعة واعدة قادرة على تحقيق القيمة المضافة للإقتصاد الوطني.
ويستخدم الفولاذ في صناعة السفن، حيث يتم الإعتماد على سبائك الحديد الصلب تجمع بين خليط من الحديد ومواد أخرى كالنيكل والكروم من أجل جعل السبيكة أكثر مقاومة للصدأ أو جعلها أكثر صلابة، وقادرة على الصمود عند التفاعل مع المياه والرطوبة.
وحل رياض مزور وزير الصناعة والتجارة في زيارة إستطلاعية في وقت سابق من هذا العام، لورش سوس ماسة بمينا أكادير، حيث إطلع عن قرب على أهمية هذه الصناعة القائمة بما تقدمه من قيمة مضافة، وكذا في خلقها للكثير من فرص الشغل، وذلك في غياب اي دعم من الدولة لهذا النوع من النشاط الصناعي، الذي يبحث لنفسه على التموقع ضمن النسيج الصناعي المغربي، بحيازة علامة صنع في المغرب.
وتمكن ورش سوس ماسة بطاقمه المغربي 100 في المائة من تصدير سفن صيد لأوربا وبالضبط إلى فرنسا، بما يعنيه ذلك من تنافسية عالية والقدرة على الصمود أمام الشروط والمعايير التي يفرضها البلد الأوربي. وهو ما يعد إعترافا رسميا بالكفاءة المغربية في هذا النوع من الصناعة. إذ هناك فرص تصدير كبيرة في ظل تنامي هذه الصناعة بمجموعة من الموانئ المغربية، يتقدمها على الخصوص ميناء أكادير.
وكانت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، قد أكدت في وقت سابق أن الحكومة المغربية قد إلتزمت بدعم منظومة الصيد البحري، وخلق بنية صناعية جديدة خاصة بصناعة السفن على غرار باقي المنظومات الصناعية الأخرى كصناعة السيارات والطائرات. فمتى يتم تنزيل هذه الوعود على أرض الواقع؟