جامعة الغرف .. الجنين الذي لم يصل مرحلة المخاض رغم مرور تسعة أشهر عن وضع النواة

في وقت حسمت فيه تمثيليلات الغرف جامعاتها، تواصل غرف الصيد البحري السباحة خارج الثيار، حيث يواصل الغموض تسيد مستقبل جامعة هذه الغرف، تاركة بذلك الكثير من المناصب شاغرة داخل مجموعة من المؤسسات الحيوية بالبلاد، والتي لها علاقة بقطاع الصيد وكذا قطاعات أخرى. وهو ما يفتح باب التأويل حول علاقة الغرف بالجامعة أهي علاقة تكامل ام علاقة مواجهة، خصوصا أن الجامعة سميت كذلك لكونها تجمّع بين أعضاء الغرف الأربعة .

فبعد مرور تسعة أشهر عن إنتخابات غرف الصيد التي نظمت مطلع شهر غشت 2021، وقرابة ثمانية أشهر عن حسم مكاتب الغرف، لازال محمد أمولود الذي غادر قطاع الصيد، بعد أن تم إنتخابه على رأس المجلس الإقليمي لإنزكان، يواصل الحضور على رأس جامعة غرف الصيد، بالرغم أن الرجل لم يعد له أي إرتباط بالغرف البحرية ، وذلك وسط حديث عن جمود خطير وغير مسبوق، تعرفه هذه المؤسسة، التي فشلت إلى حدود هذه اللحظة في حسم موعد تجديد هياكلها، لاسيما بعد أن إستقرت غرفتين على تشكيلة ممثليها يتعلق الأمر بكل من غرفة الصيد البحري الأطلسية الشمالية وغرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى، فيما أحجمت كل من غرفة الصيد البحري الأطلسية الجنوبية وغرفة الصيد البحري المتوسطية، عن إعلان إختياراتها بخصوص الإستحقاق القادم مؤجلة إنعقاد الجمعية العام إلى وقت غير معلوم. وهو ما يطيل بقاء محمد امولود على رأس الجامعة.  

ولم يعالج القانون الأساسي للجامعة التي تـم إنـشاؤھـا وفـقا لـنظام الظھـیر رقـم 376ــ58ــ1 ،بـتاریـخ 3 جـمادى الأولـى 1378) الموافق ل15 نـونـبر 1958 الـمنظم لـحق تـأسـیس الجمعیات كما تم تعدیله وتتمیمه، (لم يعالج) إشكالية تخلف إحدى الغرف عن المشاركة في الجامعة، حيث يحدد الفصل 16 من هذا القانون مكونات الجـمعیة الـعامـة لـجامـعة غـرف الـصید البحـري، بإعتبارها تتكون مـن سـتة أعـضاء عـن كـل غـرفـة لـلصید البحـري یـعینھم رئـیس الغرفة من بین أعضاءھا المنتخبین، ما يحصر عدد الأعضاء في 24 عضوا معينا، غير أن هذا الفصل لم يتحدث عن كيفية معالجة الموقف في حالة ما رفضت إحدى الغرف، تعيين من يمثلها في الجامعة ، كما هو الشأن للوضعية الحالية ، ما يزيد من ضبابية مستقبل الجامعة أمام هذا الفراغ  التنظيمي الحاصل.

وحسب الفصل التاسع من القانون الأساسي فلا یـمكن أن تجـري الجـمعیة الـعامـة عـملیة انـتخاب مـكتب الـجامـعة بـصفة صـحیحة إلا بـحضور ثـلثي الأعـضاء عـلى الأقل. لكن السؤال المطروح هل الثلثين سيتم إحتسابهما من العدد الإفتراضي للأعضاء المحدد في 24 عضوا بغحتساب ستة أعضاء لكل غرفة، أم فقط من الأعضاء الذين تم تعينهم في اللوائح المقدمة، لاسيما وأن ذات الفصل  أكد انه في حالة ما  لـم یسـتوف ھـذا الشـرط، یـؤجـل انـتخاب مـكتب الـجامـعة إلـى اجـتماع لاحـق یـجب أن یـعقد بـعد مـضي أربـعة أیـام عـلى الأقـل وثـمانـیة أیـام عـلى الأكـثر عـلى تـاریـخ الاجـتماع الأول. أثـناء الاجـتماع الجـدیـد تجـرى عـملیة انـتخاب مـكتب الجامعة أیا كان عدد الأعضاء الحاضرین. فـي دورة الاقـتراع الأولـى یجـرى الانـتخاب بـالأغـلبیة الـمطلقة، إذا دعـت الـضرورة إلـى إجـراء دورة ثـانـیة لـلاقـتراع یجرى الانتخاب بالأغلبیة النسبیة.

ومع تأخر حسم تاريخ محدد لإنعقاد الجمع العام لجامعة الغرف، تواصل مجموعة من المؤسسات والأجهزة مراسلاتها لجامعة الغرف، مطالبة بتحديد ممثليها لدى هذه الأجهزة ، بعد ان بات الشغور شعار جامعة الغرف على مستوى هذه المؤسسة الإقتصادية والإجتماعية، ما يجعل من تمثيلية مهنيي الصيد بعيدة عن المشاركة في الكثير من النقاش، حول توجهات ومشاريع مؤسسات شريكة، وتربطها بقطاع الصيد مصالح إسترتيجية، وهو ما يضيع على مهنيي الصيد الكثير من الفرص، هذا دون إغفال مصالح مؤسسة الجامعة، التي تتخبط في الكثير من المشاكل، بسبب غياب رئيس يدير مصالحها، سواء على المستوى الإداري أو السياسي في علاقته بالتمثيلية المهنية.

ويواجه قطاع الصيد الكثير من التحديات القوية يبقى أبرزها اليوم قطاع المحروقات بتجليات المختلفة، ومشاكل المصايد، والتضريب، والخدمات الإجتماعية، وغيرها من التحديات التي كان من المفروض حضور جامعة غرف الصيد في إثارتها ، والترافع بشأنها، بإعتبارها جامعة للغرف تضم ممثلين منتدبين من مختلف غرف الصيد، غير أن غيابها وتعطل هياكلها يسائل رؤساء الغرف الأربعة، بإعتبارهم المسؤولين عن تعيين ممثلي المؤسسات التي يرأسونها في الجامعة.

وتبقى لمرحلة الحالية بما تحمله من تطورات في قطاع الصيد وتحديات تواجه المصايد والإستثمار، معطى يجب التعاطي معه بكثير من الواقعية والجدية، بعيدا عن لغة البلوكاج، خصوصا وأن الجامعة هي تجمّع  للغرف المهنية، هذه الآخيرة التي تراهن على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الترابي. والترافع على تعزيز أدوار هذه المؤسسات الدستورية، بغية تعزيز تموقعها ودعمها، في الترافع على مصالح القوى الاقتصادية والاجتماعية في قطاع الصيد ، للقيام بدورها الاقتصادي في تحفيز الاستثمار وإنتاج الثروة.

وتتولى جامعة غرف الصید البحري مجموعة من المهام يبقى أبرزها حسب القانون الأساسي، التنسـیق بـین الـغرف وتسھـیل الاتـصال بـینھا، حـیث تـظل ھـذه الأخـیرة مسـتقلة فـي عـملھا، طـبقا لـمقتضیات الفصل 22 من القانون 97ــ4 المذكور 2، كما تعمل على  تـزویـد الـحكومـة بـالآراء والـمعلومـات بـطلب مـنھا أو بـمحض إرادة الـجامـعة حـول جـمیع الـمسائـل الـمتعلقة بالصید البحري وتربیة الأحیاء البحریة واستغلال الموارد السمكیة على المستوى الوطني.

وتعمل الجامعة أيضا على الـقیام بـدور الـوسـاطـة بـین مجھـزي الـسفن وفـاعـلي الـصید البحـري الـمغاربـة ونـظرائـھم الأجـانـب قـصد تـوسـیع نطاق العلاقات التجاریة المغربیة وتنویعھا.  والعمل على تنشیط علاقات التعاون بین غرف الصید البحري وجامعتھا من جھة و مثیلاتھا بالخارج، كما يتيح القانون الأساسي الانخـراط فـي الـمنظمات الـوطـنیة والـجھویـة أو الـدولـیة الـمماثـلة لـلجامـعة الـتي من شـأنـھا الـمساھـمة فـي تـطویـر أنشطتھا. والـقیام بـدور الـتحكیم لـتسویـة الـنزاعـات الـتي مـن الـممكن أن تنشـب بـین مـختلف الـفاعـلین فـي الـقطاع عـندمـا یـطلب منھا ذلك.