أدى استمرار الحجز على الزيوت المستعملة في تحضير المعلبات السمكية مند ما يزيد على شهر بميناء أكادير، إلى تزايد القلق لدى الوحدات الصناعية إلى حد الدروة، حيث أبدى المستثمرون امتعاضهم من ضبابية الموقف، وعدم وجود أي بوادر لانفراج هذه الأزمة، أو تحسن في مناولة حوالي 20 حاوية تحمل كل منها 24 طنا من زيت الزيتون، المستوردة من الديار الإسبانية أو الإيطالية وتسليمها للجهات المطالبة، أو حتى البحث عن حلول أو مخرج لهده القضية.
وخلافا للإجراءات المعتادة المترابطة على أساس تقييم المخاطر، وتاريخ الواردات والموردين والمستفيدين، اعتمد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغدائية ONSSA تدبيرا جديدا، لمراقبة منتظمة لكل حاوية على حدة، مع الإبقاء عليها بالميناء، دون قابلية نقلها من طرف المستورد إلى الوحدة الصناعية، كما كان الوضع عليه في السابق. فيما بدأت الأزمة في التفاقم رغم توجيه مراسلة للإدارة العامة للمكتب الوطني للسلامة الصحية، حول الإشكال بتاريخ 10 يناير 2019، ومراسلة أخرى لوزير الصيد البحري بتاريخ 21 يناير من نفس الشهر، دون أن تستجيب الأطراف المعنية لمطالب الوحدات الصناعية صاحبة الكميات المحجوزة من زيت الزيتون.
و كشفت مصادر مهنية من الاتحاد الوطني لصناعات مصبرات السمك UNICOP في تصريحها لجريدة البحرنيوز، أنه رغم المراسلات التي تم توجيهها إلى كل من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغدائية (ONSA)، ووزارة الصيد البحري، بقيت لحد كتابة هده السطور دون جواب ولا رد يذكر. فمند منتصف دجنبر الماضي تقول المصادر المطلعة، فرضت ONSA إجراءات الإبقاء على الحاويات بالميناء، دون الحسم في صلاحيتها من عدمه، بعد إخضاعها للتحليلات، و انتظار تعليمات وترخيص الإدارة المركزية بالرباط ، للإفراج عن مجموع الحمولة المحجوزة بميناء أكادير.
و تابعت ذات المصادر المهنية، أن مجموع الواردات من الزيوت، تخضع لرقابة صارمة ودقيقة على مستوى الموانئ و النقاط الحدودية، بضوابط وفقا للأنظمة و اللوائح والمعايير المتطلبة، من استيفائها للشروط الواجبة واللازمة، بعد إجراء التحليلات المخبرية، و الحصول على النتائج. وهو أمر ضروري، و من حق المسؤولين تقييم المخاطر وصلاحية المنتجات، لكن استمرار مثل المواد في الميناء لمدة تزيد عن الشهرين قبل التقرير في مصيرها تبرز المصادر، هو سؤال بدأ يتردد على شفاه المستثمرين المحاطين بسلسلة أزمات، تمتد من تراكم التكاليف الإضافية للإقامة، والتحاليل وغرامات التأخير، إلى رسوم شركة مرسى المغرب، التي تمثل 2 في الألف من قيمة حاوية 24 طن بسعر يصل إلى 70000 أورو.
و تصل تكاليف التحليلات في المتوسط حوالي 6000 درهم لكل عينة. و في حالة التحليلات السريعة ترتفع النسبة ب 50% أكثر ، لتصل التكلفة الإجمالية إلى 9000 درهم. بالإضافة إلى رسوم التأخير التي تتراوح بين 300 و 500 درهم عن كل يوم للحاويات. ما يزيد من حدة الأزمة، التي باتت بلا أفق وتفاقمت نحو وضع خطير ينذر بتوقف الوحدات الصناعية، و فقدان العمال لمناصب الشغل، و فقدان أيضا حصة التصدير للسوق الخارجية.
و بحسب تصريحات مهنية متطابقة، أن اجتماعا عقد بالدار البيضاء بتاريخ 13 دجنبر 2018 من السنة الفارطة، تم التداول فيه بشأن دفع الوحدات الوطنية، التي تستخدم زيت الزيتون المستورد في تحضير المعلبات السمكية، إلى الانخراط في استهلاك المنتوج الوطني من زيت الزيتون، التي بصم عليها الموسم الفلاحي الحالي بوفرة كبيرة، لكن دون الأخذ برأي المهنيين، أو الاستشارة معهم في النازلة، علما أن بعض الزبناء و الأسواق الخارجية، تلزم الوحدات المغربية العاملة في المجال، و تفرض عليها استعمال زيت زيتون تسهر على توفيره هي بنفسها.
ويعد زيت الزيتون مركبا أساسيا في الصناعات السمكية المعلبة، التي تحظى بقيمة كبيرة في السوق الدولية. كما أنه في ظل الأزمة الحالية التي تعترض وصولها في وقت محدد للمصنعين، يفقدها شماعة ستعلق عليها إخفاق اقتصادي كبير، من ناحية توقف اشتغال الوحدات الصناعية المغربية، و توقف التصدير و العائدات المالية بالعملة الصعبة، و فقدان المكانة المرموقة التي صنعتها الوحدات المغربية في السوق الأجنبية، و السمعة التي اكتسبتها على مر السني. خاصة و أن فترة الذروة أصبحت في عزها، و بالتالي بقاء الزيوت محجوزة بميناء أكادير، لفترة تتجاوز الشهرين سيزيد من تكلفتها، و سيعطل عمليات الإنتاج في الوحدات، زيادة على إمكانية تلفها في حالة إطالة مدة الحجز عليها.